تضامني مع الأستاذ النقيب عبد الرحمن بن عمرو.. عندما رفض شارل ديغول اعتقال جان بول سارتر
الكاتب :
"الغد 24"
مسعود بوعيش
تضامني مع الناشط والمدافع عن حقوق الانسان الأستاذ عبد الرحمن بن عمرو،
ومهما كانت الحيثيات، لا يجوز تعنيف الرجل...
♧ ♧ ♧
♧ عندما رفض شارل ديغول اعتقال جان بول سارتر:
♧ حينما نهر الرئيس الفرنسي وزيره في الداخلية قائلا:
"لا يمكن وضع فولتير Voltaire في السجن".
♧ ♧ ♧
في أول مايو 1968، وفي خضم الانتفاضة الطلابية في فرنسا، صدرت في باريس جريدة "قضية الشعب" (La Cause du peuple) الأسبوعية، التي أصبحت، بعد شهور، ناطقة باسم جماعة "اليسار البروليتاري" الماوية (الجريدة نفسها أصبحت لاحقا جريدة Libération التي لا تزال تصدر حتى الآن).
كانت الجريدة تتبنى خطا مناهضا للسلطة، وتدعو العمال والطلاب إلى تنظيم احتجاجات، وإلى احتلال أماكن العمل والجامعات، كما كانت مناوئة للحزب الشيوعي الفرنسي والنقابات التابعة له، وللشرطة والمؤسسة التعليمية الرسمية، وتدافع عن السجناء والمهاجرين والأقليات العرقية واللغوية، وتؤيد الحق في الإجهاض، كما كانت مؤيدة للصين والثورتين الفيتنامية والفلسطينية، ومعادية للسوفيات والولايات المتحدة.
باختصار، كانت الجريدة تدعو إلى كل ما يثير ريبة السلطات. ولذا أصدر وزير الداخلية آنذاك، ريمون مارسيلين، في العام 1970، قرارا بمصادرتها كل أسبوع ومنع بيعها، ثم عمدت السلطات إلى اعتقال مديرها جان بيار لو دانتيك، ثم اعتقلت المدير الذي حل مكانه ميشال لو بريس، وحكمت عليهما بالسجن.
ولمواجهة هذا القمع المتكرر، طلبت الصحيفة من جان بول سارتر أن يتولى إدارتها، لأن السلطات لن تجرؤ على اعتقاله، فوافق، لا بل إنه كان يعمد كل أسبوع تقريبا، إلى النزول إلى الشارع مع رفيقته سيمون دو بوفوار وعدد من المثقفين والفنانين الفرنسيين، مثل السينمائيين فرانسوا تروفو وجان لوك غودار، لبيع الجريدة وإيصالها إلى الجمهور، في تحد سافر لرجال الشرطة الذين لم يتجرأوا على منعه.
سارتر يبيع جريدة "قضية الشعب" ويتولى إيصالها إلى الجمهور
وشاعت آنذاك رواية مفادها أن وزير الداخلية فاتح شارل ديغول برغبته في إيقاف سارتر، لكن ديغول نهره قائلا: "لا يمكن وضع فولتير في السجن".
وقد سئل ديغول عن هذه الواقعة بعد سنوات فأكدها قائلا: "لقد كان سارتر يقوم بدوره، وعظمة أي حكم لا تقاس إلا بنوع المعارضة التي تواجهه. نعم، لا يمكن وضع فولتير في السجن". وأضاف: "سارتر سبب الكثير من الصداع للسلطات، لكن ليس هناك ما هو أكثر ضرورة من أن تبقى حرية الفكر والتعبير للمثقفين مصانة".
وختم ديغول قائلا: "عندما توجب علي أن أرد على رسالته الأولى إلي، المتعلقة بمحكمة ستوكهولم التي كان يترأسها، بدأتُ رسالتي بعبارة: أستاذي العزيز، لكن سارتر لم يستسغ الأمر".