الغد 24 خبر الغد تقرأه اليوم

عبد السلام الصديقي: الاستثمار الخاص في المغرب.. بين الأهداف المعلنة والمبالغ المعتمدة

 
د. عبد السلام الصديقي
 
حددت الحكومة أهدافا تتمثل في تحقيق 550 مليار درهم من الاستثمارات الخاصة بحلول عام 2026 مع خلق 500 ألف منصب شغل بين عامي 2022 و2026. الهدف يتمثل في رفع حصة الاستثمار الخاص إلى 50% من إجمالي الاستثمار بحلول عام 2026 وإلى الثلثين بحلول عام 2035 وفقًا لتوصيات النموذج التنموي الجديد. أين نحن بالنسبة لهذه الأهداف؟ لتقديم بداية إجابة، سنستعرض الاستثمارات التي وافقت عليها اللجنة الوطنية منذ دخول ميثاق الاستثمار الجديد حيز التنفيذ.
 
عقدت اللجنة الوطنية، التي يترأسها رئيس الحكومة، حتى الآن 8 اجتماعات، كان آخرها في 26 يونيو الماضي. دعونا نذكر بإيجاز محتوى كل جلسة قبل أن نقدم بعض الملاحظات العامة ونستخلص الدروس في مجال التنمية.
 
خلال الاجتماع الأول في 24 مايو 2023، تمت المصادقة على 21 اتفاقية وملحق اتفاقية بقيمة 76.7 مليار درهم، مما سيؤدي إلى خلق 5,728 منصب شغل مباشر و14,707 مناصب غير مباشرة. علاوة على ذلك، تم منح الطابع الاستراتيجي لستة مشاريع إضافية بقدرة استثمارية تبلغ 54,8 مليار درهم، تهدف إلى خلق 13,260 منصبا مباشرا و33,150 منصبا غير مباشر.
 
في يوليو 2023، صادقت اللجنة على 19 مشروعًا بقيمة 31.5 مليار درهم، مما سيسمح بخلق 21,022 منصبا مباشرا وغير مباشر؛ وعلى 15 اتفاقية وملحق اتفاقية في إطار نظام الدعم الرئيسي بقيمة 2 مليار درهم، مما سيوفر 5,975 منصبا مباشرا و4,276 منصبا غير مباشر؛ وعلى 4 مشاريع في إطار نظام الدعم الخاص بالمشاريع ذات الطابع الاستراتيجي بقيمة 29.5 مليار درهم، مع خلق 5,767 منصبا مباشرا و5,004 مناصب غير مباشرة.
 
كما شهد اجتماع 25 يناير 2024 المصادقة على 42 مشروعًا في إطار النظام الرئيسي للميثاق الجديد للاستثمار، جميعها مدعومة من شركات خاصة، بقيمة 7.4 ملايير درهم، مما يعادل خلق 16200 منصب شغل مباشر وغير مباشر؛ حوالي 60% من الاستثمار الخاص المعتمد مدعوم من شركات مغربية.
 
في المقابل، خلال الاجتماع الرابع في 8 فبراير 2024، تمت المصادقة على أربعة مشاريع اتفاقية وملحق اتفاقية واحد في إطار النظام الرئيسي للميثاق الجديد للاستثمار بمبلغ إجمالي قدره 36.4 مليار درهم، مما سيساهم في خلق 14,500 منصب مباشر وغير مباشر؛ منح "الطابع الاستراتيجي" لخمسة مشاريع استثمارية جديدة.
 
عُقد الاجتماع الخامس في 4 يونيو 2024، وأسفر عن القرارات التالية: المصادقة على 27 مشروعًا في إطار النظام الرئيسي للميثاق الجديد للاستثمار بقيمة تقارب 7.7 ملايير درهم، مما سيمكن من خلق ما يقرب من 7000 منصب مباشر وغير مباشر؛ الموافقة على مشروع في قطاع التنقل الكهربائي، في إطار نظام المشاريع ذات الطابع الاستراتيجي بقيمة 12.8 مليار درهم، مما سيمكن من خلق 17,600 منصب مباشر وغير مباشر؛ منح "الطابع الاستراتيجي" لمشروع استثماري جديد في قطاع التنقل الكهربائي. نلاحظ أن 89% من الاستثمارات المعتمدة تدعمها شركات مغربية.
 
اجتماع 10 ديسمبر 2024 السادس صادق على 56 مشروعا استثماريا بمبلغ 134 مليار درهم، منها 45 مليار درهم استثمار خاص، مما سيمكن من خلق حوالي 28,000 منصب شغل.
 
وتمت المصادقة على 52 مشروعًا في إطار النظام الرئيسي للميثاق الجديد للاستثمار بقيمة تقارب 113 مليار درهم، مما سيمكن من خلق حوالي 18,000 منصب مباشر وغير مباشر.
 
الموافقة على 4 مشاريع في إطار نظام المشاريع ذات الطابع الاستراتيجي بقيمة 21 مليار درهم، مما سيمكن من خلق ما يقرب من 10,000 منصب مباشر وغير مباشر.
 
منح الطابع الاستراتيجي لثلاثة مشاريع إضافية بقيمة 14 مليار درهم، مما سيمكن من خلق ما يقرب من 38,000 منصب مباشر وغير مباشر.
 
اجتماع 29 يناير 2025 السابع صادق على 15 مشروع اتفاقية و2 ملحقات لاتفاقيات في إطار النظام الرئيسي للميثاق الجديد للاستثمار. المشاريع السبعة عشر المعتمدة تبلغ قيمتها الإجمالية حوالي 4.3 ملايير درهم، مما سيمكن من خلق حوالي 5500 منصب شغل، منها 3900 مباشرة و1600 غير مباشرة.
 
اللجنة الثامنة والأخيرة المنعقدةً في 26 يونيو 2025 صادقت على 36 مشروع اتفاقية و11 ملحقًا لاتفاقيات في إطار النظام الرئيسي الذي أقره الميثاق الجديد للاستثمار. المشاريع السبعة والأربعون المعتمدة تبلغ قيمتها الإجمالية 51 مليار درهم، مما سيمكن من خلق ما يقرب من 17,000 منصب، منها 9,000 مباشرة و8,000 غير مباشرة.
 
علاوة على ذلك، منحت اللجنة الوطنية للاستثمار الطابع الاستراتيجي لخمسة مشاريع استثمارية هيكلية جديدة تندرج ضمن قطاعات صناعة السيارات، والصناعة المعدنية، والنسيج، والكيمياء.
 
الحصيلة الإجمالية لهذه الاجتماعات الثمانية هي كما يلي: 377 مليار درهم من الاستثمارات، 238 مشروعا استثماريا، و167000 منصب شغل مباشر وغير مباشر، أي 2,26 مليون درهم لكل منصب شغل مقابل 1,1 مليون درهم حسب التوقعات. بالمقارنة مع الأهداف المحددة بـ 500,000 منصب شغل و550 مليار درهم من الاستثمارات، لا نزال بعيدين عن تحقيقها، خاصة في مجال التشغيل. حتى الآن، لم نصل إلا إلى ثلث ما هو متوقع بالكاد. يمكن تفسير هذا الفارق بالتقدير الأولي: لقد انطلقنا على أساس وظيفة مقابل استثمار قدره مليون درهم. ومع ذلك، وفقًا للبيانات المذكورة أعلاه، فإن وظيفة واحدة تتطلب أكثر من 2 مليون درهم من الاستثمار.
 
بالطبع، يجب أخذ هذه الأرقام بحذر لأنها مجرد توقعات. علينا الانتظار حتى يتم التنفيذ الفعلي للمشاريع المعتمدة لإجراء تقييم موضوعي. ليس مستبعدًا أن نرى جزءًا من هذه الاستثمارات المعتمدة على الورق تتبخر ولا ترى النور أبدًا. وبالمثل، فإن مواعيد التنفيذ غير معروفة. العديد من التساؤلات التي لا تزال بحاجة إلى توضيح.
 
ولكي تكتمل الصورة، يجب إضافة مشاريع الاستثمار المعتمدة على مستوى المراكز الجهوية للاستثمار. للأسف، البيانات المتاحة ليست محدثة. إنها جزئية للغاية وتختلف من مركز إلى آخر. على عكس مشاريع الاستثمارات المعتمدة من قبل اللجنة الوطنية التي يرأسها رئيس الحكومة، فإن المراكز الجهوية لا تنشر المعلومات في حينها.. كما أن مواقعها الإلكترونية نادراً ما يتم تحديثها. نأمل أن نرى في المستقبل تحسينًا في حكامة هذه المراكز ونشر المعلومات الاستراتيجية في الوقت الفعلي.
 
علاوة على ذلك، يتعين على الحكومة إعادة النظر في سياستها الاستثمارية: إذ يجوز لها أن تستمر في تشجيع رأس المال الكبير والمشاريع ذات الكثافة الرأسمالية العالية التي تحمل طابعًا استراتيجيًا لبلدنا، يجب عليها أيضًا منح نفس القدر من الاهتمام للمقاولة الصغيرة والمتوسطة بل وحتى للوحدات الصغيرة جدًا. فالمشاريع الصغيرة والمتوسطة هي التي تخلق فرص الشغل بوفرة. بينما يتطلب الأمر استثمارًا يتراوح بين 2 و3 ملايين درهم لخلق منصب شغل واحد في القطاعات الاستراتيجية، يكفي بضعة آلاف من الدراهم في الشركات الصغيرة. سيكون من الأفضل للحكومة أن تسير على قدمين اثنتين وأن تسهر على التطبيق الصارم لميثاق الاستثمار والقانون بصفة عامة...
 
 
اقتصادي وأستاذ جامعي ووزير سابق