الغد 24 خبر الغد تقرأه اليوم

يونس وانعيمي: ثلاثة أسئلة حول مشاركة المغرب في أولمبياد باريس

 
يونس وانعيمي
 
 
هل كانت مشاركة المغرب في أولمبياد باريس 2024 مشرفة ببلوغه نصف نهاية كرة القدم؟ غير صحيح! إذ هناك 35 رياضة و400 تظاهرة رياضية في رياضات مختلفة غاب فيها المغرب بشكل ملفت، ونال الرياضيون المغاربة، في الرياضات التي شاركوا فيها، مراتب جد متأخرة .
 
مصر شاركت بأكثر من 166 رياضة أولمبية، والمغرب لم يتجاوز عتبة 60 مشارك. طبعا أنا لا أقصد هنا المقارنة بين الدولتين على مستوى التتويج الأولمبي (الذي تتقدم فيه مصر طبعا)، بل أقصد مسألة تنويع الأجناس الرياضية الأولمبية، التي تعد المؤشر الحقيقي لقياس القوة الرياضية لدولة ما.
 
هل المغرب يريد المراهنة فقط على كرة القدم؟ صحيح، لكن ذلك يعطي الانطباع بأن وراء المراهنة نوعًا من مقامرة بالماركوتينغ سيء الصنع وقليل الجدوى (يكشف العورات سريعا في بورصةٍ أسهمُها طيارة غير مستقرة)، بحيث إن هناك دولا تفوقنا كرويا بسنوات ضوئية، ومع ذلك تشتغل بجدية كبيرة على تنويع قاعدة الأجناس الرياضية، وهي للعلم قاعدة تلعب أدوارا أكثر أهمية من أدوار كرة القدم (تخدم الدعاية السياسية ولها بعد استثماري مستديم ووقعها أقوى على مستوى تطوير البنى التحتية وأكثر فاعلية على مستوى الرقي بمؤشرات التنمية البشرية)...
 
هل هناك مشكل حكامة رياضية في المغرب؟ طبعا. ولهذا المشكل ثلاث سمات على الاقل:
 
أولا، التسييس المفرط من خلال ربط الرياضة (كرة القدم) بصورة الدولة ونظامها وربط إنجازاتها بعبقرية قائد. لكن الرياضة قطاع كما باقي قطاعات التنمية الأخرى ولا يصلح لا تسييسها ولا شخصنتها (على شاكلة ما يقع في الأنظمة السياسية الشمولية)..
 
ثانيا، التركيز اللامفهوم على قطاع رياضي دون غيره، وذلك يفسّر غياب استراتيجية عرضانية Transversale، وغياب رؤية رياضية شاملة ناظمة، بل يدل على غياب إرادة أصلا، لأن الطابع الشمولي للمقاربة الرياضية يتطلب مقومات مادية ولوجيستية وبشرية، ويتطلب عملا متواصلا وزمن طويلا، وكل ذلك خارج إيديولوجيا أو بروباغوندا تصنع "شطائر" سريعة fast food همّها هو حل معضلات هيكلية تنموية (الرياضة جزء منها)، بمقاربة تجارية متسرعة تعتقد أن تسخير المال وتشييد الملاعب يكفينا لتبوُّؤِ مراكز تنموية متقدمة..
 
ثالثا، الفوضى في ترتيب المسؤوليات المؤسساتية وإفراغ آليات التقييم والتقويم والمحاسبة من كل معناها وأدوارها. لا هياكلَ تنظيمية تُحترم، ولا نرى لجن افتحاص تراقب، ولا فِرقَ تقييمٍ وتقويمٍ تشتغل، ولا برلمانًا يُسائل، ولا قضاءً يحاسب، ولا إعلاما يتقصى... ومقابل ذلك لا نرى سوى نخب تحكم الرياضة بشكل ريعي قروسطي غريب. كرة القدم في مرمى والرياضات في أخرى...
 
شكرا لفرنسا! لقد عرّت أولمبياد باريس الكثير من عيوبنا وأسقطت ورقات التوت عن سقطاتنا!!!