عجيب أمر مدينة آسفي، دائما يطلع منها العجب، مع بداية الدورة الأولى بتوقيت التعليم، قام محمد زمهار المدير الإقليمي للتربية والتعليم بآسفي بإعفاء عبد الفتاح بوسخان مدير ثانوية وادي الذهب الاعدادية بآسفي، ويوم أمس الخميس 3 دسمبر 2020، ونحن على أبواب نهاية هذه الدورة الأولى، يتخذ وزير التعليم قرار إقالة محمد زمهار... لكن شتان بين الإعفاء والإقالة...
من جهة، إعفاء عبد الفتاح بوسخان مدير إعدادية وادي الذهب بآسفي، لم يقع لأن بوسخان شفار أو قمّار أو متهاون أو فاشل، إذ يكفي عبد الفتاح بوسخان فخرا أن كل آسفي، زملاؤه المديرون، والأساتذة والتلاميذ، وأمهات وآباء وأولياء التلاميذ، أجمعوا على كلمة سواء: الإشادة بنزاهة بوسخان، وبمردوديته، وبجديته واجتهاداته، دائما تجده في الميدان، في الساحة في المكاتب، مع الأطر التربوية والأطر الإدارية، ومع التلاميذ، الذين كان يعتبرهم مثل بناته وأبنائه، تراه مهموما بهم، بمستقبلهم، بمستوى تحصيلهم، ودائما يحفّزهم على أن يكونوا الأفضل، تحصيلا واجتهادا، من أجل أن يدخلوا الفرحة على ذويهم بنتائجهم الإيجابية، تماما وكأنهن وكأنهم بناته وأبناؤه...
ومن جهة أخرى، إقالة محمد زمهار المدير الإقليمي للتربية والتعليم بآسفي بسبب خروقات واختلالات جسيمة أفضت إلى نتائج ضبطها الوزير بنفسه متلبسة بالغش، ففي زيارة قام بها سعيد أمزازي وزير التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي إلى المنطقة، بدأ يتفقّد مؤسسة تعليمية تابعة لجماعة الصويرية، وفق ما هو مبيّن في أشرطة فيديو منشورة على موقع "يوتوب"، إذ ظهر الوزير وهو في حالة غضب عندما تأكد من رداءة صباغة أقسام المؤسسة التعليمية، واستغرب كيف تكلف هذه الصباغة الرديئة 13 مليون سنتيم، وعندما علم أن مصلحة البناءات بمديرية آسفي هي من قامت بمواكبة وتتبع وتمويل هذا المشروع، أرسل لجنة تفتيش مركزية حلّت بالمديرية الإقليمية للتعليم بآسفي، وأنهت مهامها أمس الخميس، وما إن عاد إلى الوزارة وقدمت حصيلة مهمتها إلى الوزير، حتى اتخذ هذا الأخير قرار الإقالة على ىالفور، طبعا بسبب فظاعة ما اكتشفته لجنة التفتيش...
وهكذا، توصل، مساء أمس الخميس، كل من محمد زمهار المدير الإقليمي للتربية والتعليم بآسفي و(ر.ح) رئيس مصلحة البنايات والتجهيز والممتلكات، بقرار إعفائهما الفوري من مهامهما على خلفية اختلالات عميقة وخروقات جسيمة ليس أقلها ما وقف عليه الوزير بنفسه من أشغال مغشوشة بمؤسسة تعليمية...
إقالة المدير الإقليمي كانت منتظرة، بل تأخرت كثيرا بسبب الكثير من قراراته العوجاء والهوجاء، وبسبب سوء التسيير والتدبير، وحالة الفوضى، التي تتخبط فيها المديرية، منذ تعيين زمهار على رأسها.
مصادر موقع "الغد 24" أفادت أن التحقيقات، التي باشرتها لجنة التفتيش المركزية، همّت فقط الاختلالات، التي شابت عملية بناء وتجهيز المؤسسة التعليمية، التي زارها أمزازي، ووقفت، بما لا يدع مجالا للشك، على رداءة البناء مقارنة بالاعتمادات المالية المرصودة، التي يعرف كل متابعي الشأن التربوي بالإقليم إلى أين تذهب (...).
صفحة محمد زمهار المدير الإقليمي للتعليم بآسفي طويت إلى غير رجعة، لكن المطلوب من الوزارة، أولا، قراءتها جيدا، وترتيب الجزاءات المستحقة تطبيقا للمبدأ الدستوري القاضي بربط المسؤولية بالمحاسبة...
إذ إن الرأي العام التربوي بالإقليم مازال ينتظر لجنة تفتيش لفحص سلامة تسيير الميزانية، وكيفيات عقد الصفقات العمومية، ومدى مطابقتها للقانون، وآخرها ما بات معروفا بآسفي من اختلالات شابت عملية اقتناء مواد التعقيم وتعميمها على المؤسسات التعليمية وهي غير مطابقة للمواصفات والمقاييس والجودة المطلوبة...
كذلك مازال الرأي العام التربوي بالإقليم، بل وعموم الرأي العام المحلي، وحتى الوطني، ينتظر أن يجيب الوزير على السؤال الكتابي، الذي كان وجهه إليه عبد الحميد فاتحي رئيس الفريق الاشتراكي بمجلس المستشارين، من أجل إنصاف المدير عبد الفتاح بوسخان، الذي شكل قرار إعفائه من قبل المدير الإقليمي للتعليم المقال مصدر إجماع لدى الرأي العام المحلي بآسفي، إجماع في التنديد بقرار زمهار، وإجماع في التعاطف والتضامن مع بوسخان...
الرأي العام التربوي بالإقليم مازال ينتظر، أيضا، لجنة تفتيش لفحص القرارات "التربوية"، وما شابها من تسيب وتجاوزات، بدءا من إقرار مجموعة من التكاليف بين الأسلاك دون معايير محددة، اللهم منطق المحسوبية والإرضاءات، ومنها أيضا قرار التنقيلات حتى لمن يتوفر على جدول للحصص ساري المفعول في تحد صارخ لتكافؤ الفرص، ما أدى إلى ارتباك واكتظاظ في عدد من مؤسسات التعليم بالعالم القروي، وخصوصا بسلك التعليم الابتدائي...
هناك ملفات كبيرة ينتظر الرأي العام بآسفي من الوزير أنه "يكمّل الحسنة ديالو"، ويلتفت إليها، ويرسل إليها لجنة تفتيش، للوقوف على مختلف خروقاتها وتجاوزاتها، من أجل تصحيح أعطابها واختلالاتها، وإنصاف المتضررين منها، لما فيه مصلحة العملية التربوية في آسفي...