قضية بوسخان هي قضية كل أستاذ وإطار وعامل ومواطن حر يُصفع لأنه يبني ويضحي من أجل هذا الوطن
الكاتب :
"الغد 24"
فوزية التدري
علي ان ألعق بعض السم من فم سقراط وأنا أدلي برأيي في قضية المدير المعفى من مهامه الأستاذ فتاح بوسخان.
قضية بوسخان قضية وطنية بامتياز، وليست قضية الوسط التعليمي بآسفي فقط. فالأستاذ المذكور هو ليس ابن آسفي فحسب، بل هو ابن المغرب والمغاربة، والشرفاء منهم تحديدا. لطالما ناضل من أجل الكرامة والمواطنة والديمقراطية والتقدم، ولطالما جدّ في عمله كأستاذ وثابر كحارس عام وأبدع كمدير، وهذا هو بيت القصيد.
لقد عمل المدير بوسخان على تحسين مردودية ثانوية وادي الذهب الإعدادية، التي تقع في حي شعبي، عرفت كوجهة لفئة معينة من التلاميذ القادمين من فئات هشة إلى مؤسسة منضبطة تضاهي المدارس الخاصة، اذ صارت، مع حسن تسييره، عنوان العمل والتفاني فيه والانضباط والنزاهة في التعامل مع الأطر العاملة والتلاميذ.
نعم عرف هذا المدير بصرامته، لكنه كان كذلك إيمانا منه بأن الجميع يخضع للقوانين المنظمة للتعليم، وبأن الكل سواسية أمامها دون تمييز أحد على الآخر.
فهل مصير هذا المدير الذي عمل على ضبط هذه الإعدادية وجعل منها مؤسسة يُفتخر بها في الوسط التعليمي، وصارت مردوديتها تنافس المدارس الخاصة بعد المجهود الرائع الذي قام به، هو الإعفاء من مهامه؟!
هل هذا حقا هو مصير الأطر الصالحة الجادة التي تخدم مصلحة المنظومة التربوية والتعليمية ومصلحة المجتمع؟
هل هكذا "يكرم" أبناء هذا الوطن الذين يسعون إلى تغييره بكل جدية وضمير حي نحو وطن كريم ونزيه كما حلمنا به جميعنا وكما ضحى من أجله خيرة أبناء هذا الوطن بكل غال ونفيس؟؟!!!
لقد قلت إن قضية المدير عبد الفتاح بوسخان هي قضية وطنية وليست فقط قضية محلية لأن من خلالها نتذكر محاولات تكميم أفواه خيرة أبناء هذا البلد، ومن خلالها نشتمّ رائحة تعفن أجساد أحرار وشرفاء هذا البلد في المعتقلات الذين طالبوا بالعيش الكريم، ومن خلالها تزكم أنوفنا روائح الارتشاء والزبونية والمحسوبية التي لطالما حاربها أحرار هذا الوطن.
نعم قضية هذا المدير هي قضية كل أستاذ وإطار وعامل ومواطن حر، على امتداد هذا الوطن، يُصفع على وجهه لا لشيء إلا لأنه يخدم مصالح هذا البلد، يُصفع بدل تلقي وردة تهنئة وتحية تقدير!!!
لقد ناضل شرفاء هذا الوطن بدمائهم وشبابهم وصحة أبدانهم وصحة عقولهم وحرياتهم من أجل إعلاء كلمة الحق، ومن أجل توفير العيش الكريم، ومن أجل التقدم والازدهار ونصرة حقوق الإنسان، وتكريم الكفاءات والعض بالنواجذ على قامات البلد وأدمغته، ومن أجل إقرار الديمقراطية والمضي قدما نحو التقدم والتطور. فكيف لكل هذا النضال أن يُقابَل بزرع الفساد ومعاقبة الشرفاء وتمييع الأجواء السياسية والنقابية والحقوقية!
لقد كافحنا وحاربنا، نلنا بعض الحقوق وسُلبت بعضها بالمراوغات والظلم، فتعبنا حتى كاد يصيبنا يأس جماعي كنار خافتة تلسع القلب والعقل والمشاعر والحماس الذي كان، ومع ذلك لن نسكت، لن نسكت، لن نسكت، نعم لا خيار سوى الانتصار للحق...
كل التضامن مع شرفاء البلد...
كل التضامن مع الأستاذ بوسخان ابن هذا البلد...
الأستاذ عبد الفتاح بوسخان الذي كان باستمرار ضمير إعدادية وادي الذهب بآسفي