الغد 24 خبر الغد تقرأه اليوم

المغرب غادي للهاوية.. هذا نموذج للأعضاء اللي غيقدموا رؤية استراتيجية للنهوض بالتعليم

 
نزار العلوي
 
هاذ الشخص اللي غنتكلمو عليه قال ليك دفعه رئيس مجلس المستشارين باش يكون عضو في المجلس الأعلى للتعليم!!!
 
هاذ النبأ صدم الكثير من المغاربة، لكن أبناء منطقة آسفي تحوّل عندهم الخبر إلى تندّر وإلى سخرية مرّة...، تُدمي كل تلك الأحلام، التي تأبّطناها، بمغرب جديد حر ديمقراطي حداثي متقدم، حتى قال أحد الظرفاء الماكرين في مواقع التواصل الاجتماعي:
 
ما عندو دكتوراه، ماعندو ماستر، ماعندو إجازة، ماعندو باك، ماعندو إعدادي، ماعندو شهادة الابتدائي.
 
واش عندو؟
 
ثم أجاب بلوعة على الدرك السحيق الذي أنحدرت إليه البلاد بالقول:
 
عندو الفلوس!
 
الظريف الماكر إياه قام بعملية استقصاء حول سيرة هذا الشخص الذي يقول إن اسمه امبارك السباعي. ونقل عن أحد العارفين بخبايا الأمور وما يدور قوله إنه كان في ستينيات القرن الماضي من الحفاة العراة...
 
وعندما وفد إلى آسفي من دوار بجنوب الصويرية (الصويرة القديمة وهي منطقة تابعة لآسفي وليست هي مدينة الصويرة)، كان ينتعل "قرقابة"، واشتغل في بداياته بـ"البرويطة"، وليس في هذا أي عيب، كما اشتغل "طالب معاشو"، وهذه وضعية يحترفها العديد من المغاربة المغلوبين على أمورهم، لا يتغلّبون عليها إلا بعزة نفوسهم، وشرفهم، وكرامتهم...
 
ثم تدحرج صاحبنا في "الدّْميرْ" هنا وهناك، إلى أن اكترى في مدينة آسفي بيتا متواضعا بزاوية سيدي واصل، كان يفترش الحصير و"الحلْفة"، بعدها انتقل إلى كراء "فْنادقْ لبهايمْ" في الأسواق، بتشارك مع اولاد قبيلته، وبعدما ترقّعت الحال شوية، أصبح يكتري مخيم الصويرية، في ثمانينيات القرن الماضي، وكنّا، نحن ثلة من أبناء البهجة (مراكش) والويجانطي (اليوسفية)، نخيّم كثيرا في الصويرية، ونؤدي "الصنك" حسب الفترة، التي سنقضيها في المخيم، الذي كانت مداخيله تتنوّع وتتكاثر وتتنامى، وكلّما تنامى كلما سمن صاحبنا وانتفخ...
 
وخلال ذلك، سيتعرّف امبارك السباعي على أحد دهاقنة الداخلية، وكان أشهر من نار على علم، القايد "مقيريج"، الذي سيصنع منه لاحقا رئيس جماعة "لمعاشات" الغنية برمال شواطئها، فتواطأ القايد والدّمّارْ معا على نهب الرمال، والنتيجة معروفة طبعا: لقد خرج القايد من الصويرية قارونا يملك الملايين، وهو الوافد إليها من مكناس "حازق لاصق"، لا يملك شيئا، فيما تسلّق "طالب معاشو" الأدراج الملتوية ليصل إلى قبة البرلمان، فاستطاب المقام في مجلس المستشارين، الذي مكث فيها عقودا من الزمن، يتقاضى من مال الشعب المغبون المقهور الملايين، لكن الحاجة المقضية أكثر من الغرفة الثانية هي الحصانة البرلمانية، والمعارف، والمداخل، وأكل الكتف، ثم أدخل ابنه عادل إلى القبّة المباركة، اللي دخلها ما يخيب، وهما معا، إلى الآن، يحصلان من المال العام على 7 ملايين شهريا، عدا التعويضات المنهمرة، وعلى الحصانة والجاه، وبين ذا وذاك، ومنذ عقود، تنهمر عليه الملايين من رمال الكاريانات، التي يملكها، والتي تُرخص له ولابنه بجرة قلم من أصحاب الوقت، مقابل تلك "الأشياء"، التي تدخل على الواحد سحتا سحتا...
 
وطيلة عقود نومه في البرلمان، وهيمنته على رئاسة جماعة لمعاشات، منذ الثمانينيات، تغيّر الحال والمآل، وطوى الحال الميّال طيا طيا، فأصحاب الوقت كرماء مع من يكرمهم، فأكرم حاله بأن اشترى، بثمن بخس، كل الشريط الساحلي تقريبا، جنوب منتجع الصويرية، قرب منطقة تسمى "خرب الكوحل"، وكان ما كان من تناور وتحايل على الملاك البسطاء، الذين كانوا لا يدركون قيمة أراضيهم وما تحتويه من كنوز رمال، لأنهم، في ذلك الوقت، لم يمتلكوا ثقافة "كاريانات الرمل"، وعقلية "دهن السير يسير"، وفن التواصل والوصول إلى "حرايمية الداخلية"، محليا ومركزيا، إلى أن انحطّ عليهم "الدّمّارْ"، كما تنحط الأمطار من علِ، فتدبّر منهم أملاكهم، ودبّر لها رخصا لاستغلال الرمال، وأصبح مالكا لأكثر من "كاريان"... فتهاطلت عليه الأموال، ثم تحوّلت الملايين إلى ملايير، فنسج علاقات لزوم الوقت والواجب والمصلحة محليا ومركزيا، وعلا مقامه وعظم شأنه، وشاهده الناس يتلبّس زعيم الحركة الشعبية، امحند العنصر، وتمكّن من تبليس ابنه عادل ثم تلبيسه جبّة البرلماني، هو الآخر، خصوصا إذا كان ابن الوزّ عوّام، ليعوما معا ويأكلا ما يشتهيان من كتف الملايير، ويلتصقان معا بالمقعد في البرلمان، فبأي آلاء ربكما تكذبان...
 
وكان لمباركة امحند العنصر ما كان، فلمع نجمه ونجم ابنه في حزب السنبلة، حتى أصبح رئيسا لفريقه في مجلس المستشارين، وكلُّه، الخيرُ كله من رمال الصويرية، ومتاع الدنيا يسد الأفواه ويلجم الألسنة ويحدّ أي انفلاتٍ لمن لاح له أن يُنفْنف، وكله مما يشتهون، فالرمال تلد الملايين، يمكن تصريفها كمداخيل، ويمكن تحويل فتاتها إلى هدايا من كل صرْفٍ ثمين، وكل سنبلة جاءت من الرباط تُكرم في آسفي على الرأس والعين... كيف لا والأخبار التي دارت بها الركبان تقدّر الخطى المباركة بمليار ونصف مليار، لدخول البرلمان... ثم كان ما كان... هاذ "طالب معاشو الحازق" ديال زمان، الملايري ديال الآن، الغير مؤهّل تعليميا ولا ثقافيا، هو اليوم عضو في المجلس الأعلى للتعليم، الذي سيساهم باجتهادات فكرية وتربوية نوعية من شأنها أن تخرج النظام التعليمي من تَّلَفة ومن التَّلْفة اللي ضاربة باباه، وأن تبلور مخططا استراتيجيا لما يجب أن تكون عليه منظومة تعليمية متقدمة يستحقها المغرب وبنات وأبناء المغاربة...
 
الظريف الماكر انتقل إلى التساؤل بمكر: هل تفهمون الآن لماذا المغرب يتهاوى إلى درك سحيق، ويغرق في التخلّف، ويحتل عالميا أدنى المراتب في التعليم والصحة والسكن والتشغيل، والتنمية البشرية على العموم، ويهمّش ويقصي ويقمع ويسجن أبناءه ونساءه وشبابه ومثقفيه من الحالمين بوطن جديد سعيد، ويشعل نيران الغضب والاحتقان والاحتجاج المتوالي والمتنامي؟؟؟
 
ثم يعلّق الظريف الماكر بسخرية مُرّة: الخيل مربوطة ولحمير كتبورد...