الغد 24 خبر الغد تقرأه اليوم

أخطبوط العصابة.. نموذج من الفساد المستشري والمحمي في وزارة التعليم (+ 2 فيديو)

 
محمد نجيب كومينة
 
 
ما يلي جانب واحد من جوانب الفساد المستشري والمحمي في وزارة التربية الوطنية والمستمر منذ عقود من الزمن.
 
حكى لنا البعض، وأمدنا ببعض الوثائق الشاهدة، كيف كان الكاتب العام للوزارة في عهد عزالدين العراقي يدفع بشركاته المؤسسة باسم أفراد عائلته للمنافسة على مختلف الصفقات ويفوز بها، وكيف استمر من جاؤوا بعده في نفس الممارسات وممارسات شبيهة، وكيف تشكلت داخل الوزارة عصابة من المجرمين، الذين اغتنوا برشاوي الصفقات وحتى ببيع المواد الغذائية الممنوحة من منظمة دولية، والمعتقل الرئيسي في ملفها (بناني) كان بريئا وتمت التضحية به، وباعوا الوظائف والانتقالات، وتصرفوا في الفيلات والسيارات، ونظموا جلسات الشرب والفسق في فيلات كان يحجزها مسؤول أصبح منتخبا ينتقل من حزب إلى آخر بعد تقاعده، وكان بمقدوره الحصول على التزكية التي يريدها نظرا لشبكته داخل النقابات والأحزاب، وأيضا علاقاته مع الأجهزة المعلومة...
 
 
الفساد في وزارة التربية أو في غيرها لا يمكن أن يفضحه موظف ويخرج منها سالما، فالإدارة تفرض عليه الصمت باسم السر المهني، الذي يشمل الفساد، سواء أثناء ممارسته أو بعد مغادرته، وتقدم رشاوي في شكل تعويضات عن مهمات خيالية أو امتيازات أخرى للبعض لضمان التواطؤ والخضوع، وتهدد عندما ترى أن شخصا ما سْخنْ عليه راسو، وأذكر أن عصابة التربية الوطنية كانت قد استخدمت صحفيا معروفا في جريدة "ليكونوميست" لنشر خزعبلات عن عمليات تفتيش بمصالح الوزارة، ثم أقامت الدنيا ولم تقعدها متهمة إياي بكوني من سربتها، وذلك بعد التحاقي بديوان عبدالله ساعف، كي يحرجوا الوزير، من بين أشياء أخرى، كما عملوا على إبقاء وضعيتي معلقة إداريا من باب الضغط، وكان خال مدير الأمن الأسبق بنهاشم هو مدير الموارد البشرية، واستطاعوا الوصول إلى مبتغاهم، ذلك أنهم يكرهون الصحافيين وإن أظهروا لهم العكس، وقد تم توقيفي ثم طردي، من العلم بعد أن نشرت الملف الوسخ لوكالة المغرب العربي، الذي صار أوسخ من ذلك بكثير بعد اعتقال المدير المالي الأسبق وإقالة المدير الأسبق، وهو ما يبيّن أن الفاسدين يمكن أن يستعملوا سلطتهم ونفوذهم حتى على الصحافيين الذين لا يتبعون لإداراتهم أو للدولة...
 
 
ولا أرغب في الإطالة في حالات أخرى عايشتها وعرفتها بالدليل، في وزارات ومؤسسات عمومية تشكلت داخلها عصابات أجزم أنها ما كانت لتستمر دون حمايات تتجاوز الوزراء أنفسهم أحيانا، وغير خاف أن الكتاب العامين والمدراء الذين كانوا يعيّنون بظهير قبل دستور 2011 لا سلطة للوزير عليهم، وقد ترسخ ذلك منذ حكومة التناوب عندما تم تقييد دواوين الوزراء، وألغي مدير الديوان الذي كان بمقدوره منافسة الكاتب العام، وتم الاكتفاء برؤساء دواوين ذوي مهام بروتوكولية. وعندما نرى المشهد اليوم، فإننا لا يمكن أن نتوقع إلا الأسوأ...