الغد 24 خبر الغد تقرأه اليوم

كومينة: تبّون وروسيا والمغرب.. وجمهورية الوهم التي تجر الجزائر إلى القاع

 
محمد نجيب كومينة
 
 
أعلن الرئيس الجزائري، عبد المجيد تبّون، ببلادة وتفاهة، عن اصطفافه مع روسيا ودول البريكس، أثناء زيارته لموسكو ولقائه بالرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، وذلك عبر توجيه طلب للرئيس الروسي لحماية الجزائر وحماية استقلالها ووحدتها...

والبيّن أن ما لم تنقله وسائل الإعلام عن لقاء تبون بالرئيس بوتين هو أن الرئيس الجزائري حاول أن يثني روسيا عن موقفها الرافض لحضور جمهورية الوهم، التابعة للمخابرات الجزائرية، للقمة الروسية الأفريقية، التي انعقدت يومي 27 و28 يوليوز 2023، في سانت بطرسبرغ، لكنه فشل، ولذلك اختار الهروب إلى ألمانيا لتلقي العلاج أثناء انعقاد هذه القمة، بدلا من العودة إلى الجزائر من رحلته إلى الصين، التي لن تنفعه، هي أيضا، في تحقيق وعده بالالتحاق بالبريكس، لسبب موضوعي يتمثل في كون الجزائر لا تتوفر على أي شرط من الشروط المطلوبة للالتحاق بهذه المجموعة البازغة.

لكن ما سيشكل صدمة لكابرانات فرنسا هو أن روسيا استبعدت من القمة، التي جمعتها بدول القارة الأـفريقية، المجموعة الانفصالية، التي ترعاها الجزائر، ولم تقدم أي تنازل في هذا الشأن، مؤكدة بذلك احترامَها للشريك المغربي ومراعيةً لموقفه، بحيث يمكن لنظام العسكر اليوم قراءة امتناع روسيا على قرارات مجلس الأمن المتعلقة بتمديد ولاية بعثة مينورسو سنويا باعتبارها تعبيرا على الصراع مع "حامل القلم"، متمثلا في الولايات المتحدة الأمريكية، وليس كموقف من القرارات نفسها لمجلس الأمن، الذي نوّه، منذ 2007، بجدية ومصداقية مشروع الحكم الذاتي المقدم من طرف المغرب، ودعا إلى مفاوضات لإيجاد حل سياسي للنزاع الإقليمي، وأنهى الحديث عن الاستفتاء المستحيل، الذي تتاجر به الجزائر وأتباع مخابراتها...

ليس هذا وحسب، بل إن الرئيس بوتين شاء أن يوجّه رسالة لمن يعنيهم الأمر من كابرانات فرنسا في الجزائر مفادها أنه يكنّ احتراما خاصا للشريك المغربي، وذلك عبر إعطاء كلمة افتتاح القمة لرئيس الحكومة المغربية بصفته ممثلا لملك المغرب محمد السادس، وأن روسيا لا تزكّي حماقات شنقريحة وتبون، ولا تشاركهما عداءهما المرضي للمغرب.

وإذا كان موقف بوتين هذا ينطلق من معطيات وحسابات استراتيجية وجيوسياسية وحساب للأوزان ولجدية ومصداقية كل طرف، فإن الموقف إياه ينطلق، أيضا، مما عُرف عن بوتين، وما عبّر عنه، من حساسية للتاريخ، وكذلك تأثره بأحد أكبر الفلاسفة الروس المعاصرين، الذي سبق له أن عبّر، بصراحة، وبقراءة للتاريخ، عن رأيه بأن المغرب هو الذي يمتلك عمقا تاريخيا وحضاريا في الشمال الغربي لأفريقيا.

بقيت لهم ماما فرنسا، التي لها مصالح أكبر مع المغرب، وبابا جنوب أفريقيا، المعروف بأنه أب فاسد ولا يعول عليه على المدى البعيد، والأختان فنزويلا وزيمبابوي، اللتان تعتبران عالميا نموذجين للفشل وإهدار الموارد الطبيعية وأشباههما... ثم الربحة الكبيرة: جمهورية الوهم التي تجر الجزائر إلى القاع...