كومينة: الجزائر مع تبون وشنقريحة تسير بسرعة نحو وضع كارثي
الكاتب :
"الغد 24"
محمد نجيب كومينة
مؤكد اليوم أن الشعور الحاد بالفشل في بناء دولة وهوية وتنمية، وفي بلوغ الأهداف الخبيثة في المحيط الإقليمي، وأساسا هدف تقسيم المغرب من أجل كبح مسيرته وتنميته كي لا يتجاوزها، يقود المسيطرين على الجزائريين إلى التعبير عن رغبة لا شعورية في أن يكونوا مغاربة. هؤلاء الهبال، يعيشون انشطارا هوياتيا أخطر من انفصام الشخصية (السكيزوفرينيا)، يجعلهم يَضِيعون بين فرنسا وتركيا والمغرب كدول كانت الجزائر جزئيا أو كليا لها، وربما وجدوا أن الانتماء المغربي، وكذلك التونسي بالنسبة للبعض، حلٌّ لحالة الضياع هذه، بعدما تأكد لهم أن فرنسا لا تريدهم، والأتراك أيضا ليسوا مهتمين باسترجاعهم، وأنهم ليسوا قادرين على امتلاك هوية خاصة مادام التاريخ الحقيقي الموثق لا يسعف، ومادام إرث حرب التحرير قد تآكل وحل محله الفشل في تحقيق متانة وطنية وتنمية يحرران البلاد من الارتهان في كل شيء للخارج، ومادام أن التموقع في الخريطة الجيوسياسية قد اختل وحل محله الخوف من السقوط والتفكك منذ نهاية الاتحاد السوفياتي وانطلاق موجات العولمة، اللتين كان من نتائجهما الفورية، في تسعينيات القرن الماضي، عشرية سوداء تستمر في إرخاء ظلالها على جزائر تخاف اليوم ليس فقط من تجدد الحرب الأهلية، بل ومن حرب مناطقية وجدت شروطها فعليا منذ الاستقلال، عندما حمل القبائليون السلاح ضد انقلاب بنبلة-بومدين وانقسمت الجزائر، التي أُسّست بمرسوم فرنسي سنة 1839 والتي أُلحقت بها الصحراء الشرقية المغربية وشمال أزواد وغرب تونس وأراضي ليبية عنوةً، في إطار مشروع الجزائر الفرنسية، انقسمت إلى ست مناطق بقيادات جاهزة لمقاتلة بعضها البعض، وهي مناطق لم يَستطع الكابرانات إدماجها إلى الآن...
إن اللاشعور المسكون بأزمة الانتماء وبالفشل الذريع هو الذي يدفع كل هؤلاء الذين يتملكهم مرض اللصوص إلى السعي إلى التماهي مع كل ما هو مغربي ومحاولة سرقته، عبثًا، لأن التاريخ لا يُسرق كما سُرقت أراضينا من طرف الاستعمار، والثقافة والموروث الحضاري لا يمكن استئصالهما من الأرض والشعب اللذين أنتجاهما، لأنهما ليسا أوراما من قبيل تلك التي يستأصلها من البغال التقني البيطري المسمى محمد دومير، الذي استعاض به كابرانات الجهل والفساد العقلي والمادي عن المؤرخين الحقيقيين المستقلين والمتمكنين من مناهج البحث العلمي في التاريخ الحقيقي وليس الخيالي أو المفترى عليه.
وكما يلاحظ ذلك، وعلى أوسع نطاق، فإن منطق اللصوص والمنفصمين والمهلوسين يقود كابرانات الجزائر إلى محاولة التشويش على صورة المغرب، لأن السياحة في المغرب تضرهم، ومستوى التنمية في المغرب يتجاوزهم بقرون فلاحيا، ولا تمثل صناعتهم حتى ثلث صناعته... إلخ، محاولة باءت بالفشل الذريع، وحوّلت الجزائر، مع الأسف، إلى أضحوكة العالم، بل إن محاولة التشويش تلك، بديبلوماسية حمقاء خرقاء تراهن على الرشوة والكذب، هي بصدد توريط الجزائر في أسوأ سيناريو يمكن تصوره، وكونوا متأكدين، والزمن بيننا، أن الجزائر مع تبون وشنقريحة تسير بسرعة نحو وضع كارثي، والبين أن الأمور قد تسير نحو تحكم البوليساريو، التي باتت ورطة وحجرة في حذاء الجزائر وليس في حذاء المغرب، في القرار والمال الجزائري، بعدما كان حكام الجزائر يعتبرونها بيدقا يلعبون به ويتلاعبون به كما يشاؤون... والبوليساريو، رغم الخطاب الخاضع، تعرف غدر حكام الجزائر لأنها، كما هي اليوم، بنت الدار ولم يعد هناك شيء، حتى في الخطاب، إذا قُرئ قراءة متأنية ونفسية، يربطها بأقاليمنا الصحراوية المندمجة عضويا وديناميكيا بالمغرب، الوطن الأم الذي ينمّيها بإمكانياته بلا بترول ولا غاز...