المؤلّف إسماعيل بوقاسم يراود الكلام المباح ويكتب: مسرحيةُ "كلام الليل" كلامٌ في الظلام
الكاتب :
"الغد 24"
إسماعيل بوقاسم
تحية تقدير عالية تبعثها العائلة الفنية لفرقة "فضاء القرية للإبداع" إلى كل الفعاليات الثقافية والفنية وجمهور أب الفنون في المدن، التي كانت ضمن أجندة عرضها المسرحي "كلام الليل".. وبالقدر نفسه تشكرها على الحضور الوازن والمتزن والتفاعل الراقي مع أنفاس فرجتها المسرحية.. وهو الحضور، الذي قوّى عزيمتنا بشُحنة فيتامينية عزّزت تباثنا على الخشبة، وخلقَ نوعا من التفاعل الراقي الذي جعلنا نبدع على مساحة الركح، ونتسلق ذاكرة شخصياتنا لنسمو بها ونحلّق معا لنلامس سقف صدق هذا التفاعل ورُقيه...
ونسجل أيضا، وبشغف طفولي، صدق لحظات الفرجة وعُلو كعبها مع كل الذين أبْحروا معنا على سُفن الجمال داخل عوالم فن الخشبة. والشكر موصول أيضا للأطقم الإدارية وعمال وتقنيي المسارح، التي احتضنت مُنجزنا "كلام الليل"، الذي هو، في الآن نفسه، كلام في الظلام.
بنفس الحماس، نرفع القبّعة لثلة من النقاد والمهتمين والباحثين والإعلاميين الذين دَوّنوا ملاحظاتهم ونقشوها بالكلمة في حق مُنجزنا المسرحي "كلام الليل"، ليبصموا بذلك عناوين مشعة لهذه الفرجة، مَوسومة بنياشين من الفخر والاعتزاز.. شكرا للإعلامي المتميز الأستاذ أحمد نشاطي، الذي بصم عرض الافتتاح بمقال عنونه بـ: (عرض باذخ أعاد الجمهور إلى بهاء مسرح الهواة)، وللمؤلف والمخرج المسرحي قاسم العجلاوي، الذي عنون قراءته بـ: (مسرحية "كلام الليل" طبق فني بحمولة منفتحة على ثقافة الحرية دون خروج عن السياق العام)، والشكر أيضا للناقد الأستاذ أحمد حبشي، الذي بصم عرض الاختتام بقراءة عنونها بـ ("كلام الليل" نبش في ذاكرة العسف والحرمان)، وللباحث رشيد بلفقيه، الذي عنون قراءته بـ: (لحظات مسرحية راقية مع عرض مسرحية "كلام الليل").. والشكر أيضا لعدد الزملاء الذين نشروا قراءاتهم الفنية والتحليلية للعرض على جدارياتهم في مواقع التواصل الاجتماعي، وبعض المنابر الإعلامية الوطنية...
الشكر موصول أيضا، للجنة الدعم المسرحي لموسم 2023، التي وثّقت في مشروعنا الفُرجوي، ومنحته فرصة التحليق بفضاءات عدد من مدن المملكة، ومكنته من التلاقي الحي مع جمهور مسرحي راق حج إلى أمكنة العرض، وتفاعل مع أنفاس فرجة خلفت أثرا طيبا في كثير من النفوس...
(كلام الليل) فرجة مسرحية في أربعة أنفاس، نُسجت حبكتها الدرامية بأسلوب مَجازي مُتحرك، تتسع أبعاده لأكثر من تأويل.. تقاسيم وجهها الدرامي ترسم معالم مُضارعِ الواقع العربي، وتستحضر من خلال تجاعيده المتشعّبة، مراحل تدرج وانحدار المجتمع العربي، وانشغالاته التي رهنته داخل خانات لا تتجاوز الهوامش...وانكسارات متواترة ملأت يوميات أفراده وجماعاته، نتيجة الانصياع للسياسات الأجنبية المُعادية، التي عمّقت الهُوة بينه وبين هُويته، ورسمت له معالم مسافات ضوئية تفصله عن التطور.
هذا لا يعني أن مُنجزنا المسرحي يحتاج إلى ذكاء خارق لفك طلاسمه، فمشاهد النص العاري واضحة تماما، من خلال عملية استحضار، لفترات من ماضي إنسان بسيط جدا (عباس)، يترنح بين أشواط رحلة مريرة تدرّجت به بين السجون ومعاقل الخُرافة وردهات المَقابر، بتهمة قتلٍ لم تحصل في الواقع.
تتواصل أحداث مسرحية (كلام الليل)، في شكل تصاعدي هرمي، داخل فضاء غرفة غريبة الأطوار، في ليلة حمراء من الليالي الخريفية الطويلة، حيث يبحث هذا الإنسان على امتداد مساحتها الزمنية، عن مُبَرر لتلك الأشواط المُؤلمة، التي ملأت حياته الماضية، وفي ذات الوقت يبحث عن ابنته، التي تشكل امتداده في الحياة، والتي تاهت بين الحلم واليقظة...؟