الغد 24 خبر الغد تقرأه اليوم

الوزير بنسعيد يدعو المسرحيين المغاربة إلى استنشاق هواء نظيف وإخراج فن الخشبة من غرفة الإنعاش

 
إسماعيل بوقاسم
 
 
بعد الأزمات المتتالية التي مست الحياة المسرحية المغربية بمختلف تعابيرها وتلاوينها الفرجوية، بفعل تعدد نزوات السياسات الفاقدة للصلاحية، التي نهجتها الحكومات المتعاقبة، بادر محمد المهدي بنسعيد، وزير الشباب والثقافة والتواصل، إلى ترتيب مناسبة مسرحية لمَّت نخبة مهمة من المهنيين والفاعلين المؤثرين من رجالات المسرح ونسائه، من خلال تنظيم يوم دراسي حضره أزيد من 120 فاعلا في مجالات فن الخشبة، وذلك مُستهل الأسبوع الثالث من مارس الجاري بأحد الفنادق بمدينة (القراصنة) سلا، وهي المناسبة التي تداولت بين ظهرانيها الإطاراتُ التمثيليةُ وثلةٌ من الفاعلين المسرحيين مجموعةً من المُخرجات المُمكنة لانتشال المسرح المغربي من المطبات التي باتت تهدد جُل مكوناته على امتداد ثلاث ولايات وزارية متتالية.
 
يهدف اللقاء، الذي دعا إليه الوزير بنسعيد، إلى معرفة آراء ووجهات نظر الفاعلين في القطاع، من أجل استشراف رؤية إصلاحية مُواطنة يؤطرها حسُّ التشاور والتشارك، لتحقيق نسب مشرفة ومتقدمة للفعل المسرحي على مستوى الجهات، وألا يبقى حكرا على المركز
 
نُظم اليوم الدراسي، الذي دعا إليه وزير الشباب والثقافة والتواصل، تحت عنوان: (آليات تطوير المسرح المغربي بين التجديد والابتكار)، وهو ما اعتبره كثير من المهتمين، مناسبة مُواتية لتجديد آليات التواصل الإيجابي بين المهنيين والوزارة، وأفقا واسعا لاستنشاق هواء نظيف، قد يُمكنهما من ضخ دماء جديدة في شرايين فنون الفرجة.
 
دعا الوزير المهدي بنسعيد، في كلمته الافتتاحية، رجالاتِ المسرح ونساءَه، إلى التداول بجدية في شأن العوائق التي تعتري طريق العاملين في القطاع وتحول دون تحقيق انتظاراتهم وتصوراتهم الإبداعية، والبحث عن السبل الكفيلة بتطوير الفعل المسرحي وتقويم مسارات أبي الفنون، مشيرا، في هذا الصدد، إلى أن أطر وزارته تجتهد، حسب مواقعها داخل الهرم الإداري، لأجل تفعيل استراتيجية النهوض بالفعل الثقافي عموما.
 
وقال الوزير بنسعيد، في تصريح لوسائل الإعلام التي واكبت الحدث، إن فن الخشبة يحظى باهتمام متقدم ضمن استراتيجية الوزارة للنهوض بالشأن الثقافي بالمملكة، مؤكدا أن المقاصد الكبرى من اللقاء مع المسرحيين تهم بالأساس الإنصات المُتبادل وتقريب الأفكار ووجهات النظر بين المهنيين والوزارة، خاصة في الشقين المرتبطين بالدعم العمومي للمسرح ومحطة المهرجان الوطني، وكذا المجهودات المشتركة والمتواصلة من أجل تقوية الفعل المسرحي بالبلاد.
 
هناك إرادة للقطع مع العقلية المزاجية لوزراء سابقين، كانوا يدبرون المسرح بمعزل عن المهنين والفاعلين في رسم خرائطه وهندسة مشاريعه، مما خلف ارتباكا متفاوتا في الأجندة العامة لسير القطاع، بدءا من تدبير الدعم العمومي، وتنظيم المهرجانات الوطنية والجهوية، والملف الاجتماعي، إلى غيرها من الملفات الشائكة
 
وأضاف الوزير أن اللقاء يهدف، بالإضافة إلى معرفة آراء ووجهات نظر الفاعلين في القطاع، إلى استشراف رؤية إصلاحية مُواطنة يؤطرها حسُّ التشاور والتشارك، لتحقيق نسب مشرفة ومتقدمة للفعل المسرحي على مستوى جهات المملكة، وألا يبقى حكرا على محور (الرباط-الدارالبيضاء)، حتى يتسنى لجميع المواطنين على المستوى الترابي ممارسة حقهم في الفرجة، لما للمسرح من دور فعال في التربية على المُواطنة والترويح عن النفس وتهذيب الذوق العام.
 
في السياق ذاته، أشادت ثلة من الفعاليات المشاركة في اليوم الدراسي، بحرص الوزير على التئام هذا الجمع، الذي ضم تمثيلية أغلب مكونات الجسم المسرحي المغربي (فنانين ومهنيين ونقابيين وجمعيات محترفة ومهتمين بالمجال)، وهو ما اعتبرته هذه الأخيرة، تعبيرا عن إرادة في فتح آفاق جديدة لإصلاح القطاع الثقافي والفني عامة، والمسرحي على وجه الخصوص، وتأكيدا على القطع مع العقلية المزاجية لوزراء سابقين، كانوا يدبرون القطاع خارج إشراك المهنين والفاعلين في رسم خرائطه وهندسة مشاريعه، مما خلف ارتباكا متفاوتا في الأجندة العامة لسير القطاع، خاصة في ما يتعلق بتدبير ملف الدعم العمومي للمسرح، والتدقيق في دفاتر التحملات التي تؤطره، وكذا تنظيم المهرجانات الوطنية والجهوية، والملف الاجتماعي لفئات الفنانين وما يرتبط أيضا بالمكتب المغربي لحقوق التأليف والحقوق المجاورة، وغيرها من الملفات الشائكة، التي ظلت، على امتداد مسافة وجود وزراء سابقين، تطبخ داخل "كولوارات" الوزارة، بمعزل عن إشراك الإطارات التمثيلية للمهنيين والفاعلين في الميدان.
 
يَعتبِر حسن النفالي أن هذه المناسبة تفتح آفاقا واسعة للتشاور مع المهنيين والفاعلين والتداول في قضاياهم ومشاغلهم، للمُضي قدما بالمسرح المغربي، ولترتيب مجموعة من أوراق القطاع كتقويم الدعم العمومي للمسرح والمهرجانات وبناء تصورات جديدة تتلاءم مع دقات قلوب المسرحيين المغاربة
 
وفي سياق نقاش تشاركي عمومي، ارتفعت أصوات بعض المشاركين داخل اللقاء تدعو الوزارة إلى ضرورة التفكير في إحداث مؤسسة وطنية مستقلة تهتم بشؤون المسرح والمسرحيين، تحت مسمى (المركز المسرحي المغربي) إسوة بـ (المركز السينمائي المغربي) للقطع مع مظاهر المزاجية بشكل نهائي من قطاع المسرح، أو إحداث هيئة عليا للثقافة تُعنى بتدبير القطاع الثقافي والفني. فيما نادت أصوات أخرى، في المحور المتعلق بالدعم العمومي للمسرح، بتحرير هذا الأخير من قيوده المركزية، وإخضاعه للبُعد الجهوي بحيث يتم تنظيمه عن طريق المديريات الجهوية للوزارة، وتشرف عليه أيضا لجن جهوية وتتنافس على الاستفادة منه الفرق المسرحية بالجهة، وذلك تماشيا مع الدعوة الملكية السامية إلى اعتماد البعد الجهوي في جميع مناحي الحياة المغربية...، على أن يقتصر المركز على توزيع الدعم العمومي المرتبط بتوطين الفرق المسرحية بالمسارح، وعلى دعم الجولات الوطنية.
 
من جهته، أكد حسن النفالي، الخبير بمجالات المسرح على المستوى العربي، لـموقع "الغد 24"، أن هذه المناسبة قد نظمت بإلحاح من الوزير بغاية فتح آفاق واسعة للتشاور مع المهنيين والفاعلين والتداول في قضاياهم ومشاغلهم، للمُضي قدما بالمسرح المغربي إلى المراتب التي تليق بمستوى تألقه على المستويات العربية والدولية، واستجابة أيضا لدعوة الإطارات التمثيلية للمسرحيين المغاربة ولفيدرالية فرقهم المسرحية، بهدف ترتيب مجموعة من الأوراق المرتبطة بالجوانب التنظيمية للقطاع، وفي مقدمتها تقويم منظومتي الدعم العمومي للمسرح والمهرجانات الجهوية والوطنية، وبناء تصورات جديدة تتلاءم مع دقات قلوب المسرحيين في جوانب التأطير القانوني والتدبيري والمشاركة في صنع القرارات الكبرى المرتبطة بالقطاع.
 
 
وتابع النفالي قوله إن هناك رزمةً من المشاكل عرفتها الحياة المسرحية المغربية، دفعت الوزير، بفعل تراكمها، إلى تنظيم هذا اليوم الدراسي، لبلورة تصورات جريئة وواقعية قابلة للتنفيذ، ترسم خارطة طريق تشاركية ومُخرجات جديدة لتجاوز تلك المشاكل...
 
 
 
______________
إعلامي وكاتب مسرحي