الغد 24 خبر الغد تقرأه اليوم

فضيحة الجالسة على عرش جهة كلميم واد نون مع المندوب الأكول في خرق ظهير ومرسوم

 
صادق المجلس الجهوي لجهة كلميم واد نون، في اجتماعه الأخير، بداية الأسبوع الجاري، على اتفاقية شراكة مع المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير، لبناء ما يسمى فضاء الذاكرة التاريخية للمقاومة والتحرير بالمحبس. وتندرج هذه الخطوة ضمن سلسلة من الاتفاقيات تفرخها، نقول ونشدد على كلمة تفرخها، هذه الإدارة، التي انتهى دورها وانتهت صلاحيتها ولم يعد لها من شاغل غير أنشطة جولاتية للمندوب الأكول مصطفى الكثيري كان أولى أن تقوم بها شركة أسفار بدل إدارة عمومية تحترم نفسها وتحترم أموال دافعي الضرائب.
 
والمثير في هذا التفريخ أن ألاعيب المندوب الأكول تجد من تنطلي عليه، إما لغباء، أو لعلّة في نفس يعقوب، أو لأشياء ما تكون تحت الطاولة، مثلما وقع في المجلس الجهوي لجهة كلميم واد نون، التي يبدو أن رئيسته تستطيب تبذير مصالح الجهة، وكأنها مال سائب، تصرفه على مشروع طفيلي ليس له سند قانوني...
 
فإذا عدنا إلى المرتكز القانوني للمندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير، سنجد أن الملك الراحل الحسن الثاني أحدث الله هذه المؤسسة بالظهير الشريف رقم 1.73.252، وتم تحديد مهام وتركيبة هذه الإدارة، وفق نص الفصلين 7 و8 من الظهير نفسه.
فالفصل 7 من الظهير 1.73.252 يقول بصريح العبارة: "تتألف المندوبية السامية تحت السلطة المباشرة للمندوب السامي من مصالح مركزية ونيابات إقليمية ومكاتب محلية". ولم يتحدث النص إطلاقا عن فضاءات للذاكرة التاريخية.
 
والفصل 8 يقول بصريح العبارة: "يحدد بموجب مرسوم التنظيم والاختصاصات المخولة للمصالح المركزية والنيابات الإقليمية والمكاتب المحلية للمندوبية السامية". ونشدد هنا على تحديد تنظيم واختصاصات المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير بموجب مرسوم حصرا.
 
فالظهير لم ينص على تحديد تنظيم واختصاصات المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء حيش التحرير بموجب قرار أو منشور، ولكنه نص بصريح العبارة على مرسوم حصرا.
 
وقد تم تحديد تنظيم واختصاصات المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير بالمرسوم رقم 2.93.84، الذي جاء ناسخا لمرسومين سابقين، واحد صدر في 1978 والثاني صدر في 1983.
 
وقد نص المرسوم رقم 2.93.84، في المادة 9 منه، بصريح العبارة، على ما يلي: "تشتمل المصالح الخارجية للمندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير على نيابات للعمالات والأقاليم ومكاتب محلية..."، ولم ينص على فضاءات للذاكرة التاريخية. ونصت المادة 10 من المرسوم ذاته على اختصاصات نيابات العمالات والأقاليم بدراسة وتوجيه طلبات صفة مقاوم وطلبات منحتي المعاش والتعويض الإجمالي وكل ما يدخل في الملف الاجتماعي، ولم يمنحها صلاحية التدخل في ملف التاريخ الوطني والذاكرة التاريخية...
 
ونص المرسوم نفسه، في المادة 11، على اختصاص المكاتب المحلية بتلقي نفس الطلبات المرتبطة بالملف الإحصائي والاجتماعي لأسرة المقاومة، وربط الاتصال بين قدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير ونيابات العمالات والأقاليم. ولم يجعل هذا النص التنظيمي من صلاحيات هذه المكاتب الاهتمام بالتاريخ الوطني والذاكرة التاريخية.
 
ونص المرسوم ذاته، في المادة 12، على أن عدد نيابات العمالات والمكاتب المحلية ونفوذها الترابي يتم تحديده بقرار للوزير الأول.
 
لقد نص المرسوم، كما الظهير المؤطر له، على تحديد عدد النيابات الإقليمية والمكاتب المحلية بقرار، ولم يخولا لهذا القرار التفصيل في صلاحيات النيابات الإقليمية والمكاتب المحلية...
 
ويتبجح المندوب الأكول لأموال المغاربة أنه يقوم ببناء هذه الفضاءات بالاستناد إلى قرار الوزير الأول الصادر في 2 نونبر 2009. وللعلم، فهذا القرار باطل في ما يرجع لتحديد اختصاصات المصالح الخارجية للمندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير، لأنه يخرق مقتضيات الظهير رقم 1.73.252 والمرسوم رقم 2.83.84 اللذين حسما في تحديد تنظيم واختصاصات المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير. كما أن الدستور نص، في مادته 6، على إلزامية تراتبية القوانين. فالظهير الذي أحدثت بموجبه المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير، بصفته النص المرجعي، لم يخول للإدارة إحداث فضاءات للذاكرة التاريخية للمقاومة والتحرير. كما أن القرار الصادر عن الوزير الأول ليس له الحق في تعديل الظهير الشريف، والمرسوم، الذي تم التداول فيه حينئذ، في المجلس الوزاري.
 
لكن الوزير الأول آنذاك، عباس الفاسي، الذي يعتبر من بين من انطلت عليهم ألاعيب المندوب الأكول، تصرّف في ما ليس من صلاحياته، وهو تعديل مقتضيات الظهير المحدث للمندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير. فالظهير رقم 1.73.252 والمرسوم رقم 2.93.84 الذي جاء تطبيقا له لا ينصان على فضاءات للذاكرة التاريخية، كما لا يخولان للمصالح الخارجية للمندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير التدخل في ملف التاريخ الوطني والذاكرة التاريخية...
 
ولذلك، يُعتبر نص الاتفاقية، التي صادق عليها المجلس الجهوي لجهة كلميم واد نون، غير مطابق للقانون، كما دفع بذلك مجموعة من المستشارين، الذين حضروا مأدبة عشاء يوم الاحد 2 أكتوبر 2022، في بيت الرئيسة امباركة بوعيدة، واطلعوا على مقال موقع "الغد 24"، المنشور في اليوم نفسه، إذ اعتبروا أن الشرط الأساسي لمناقشة بنود الاتفاقية هو إثبات شرعية وقانونية هذه البنايات، التي تسميها المندوبية السامية لقدماء ألمقاومين وأعضاء جيش التحرير، فضاءات للذاكرة التاريخية للمقاومة والتحرير. فليس هناك ما ينص على مثل هذه الوحدات، ولذلك فهي وحدات طفيلية غير قانونية.
 
وفور سماعها بالعائق القانوني، اتصلت رئيسة المال السائب بجهة كلميم واد نون بوالي الجهة، الذي اتصل بالنائب الإقليمي لمندوبية المقاومة وجيش التحرير، وهذا الأخير اتصل ليلا بالمسؤولين بالمندوبية السامية، الذين اعتبروا هذه البنايات شرعية استنادا إلى قرار الوزير الأول الصادر في 2 نونبر 2009، كما استعملوا الملك في تسويغ الشرعية المفقودة، بالاستناد إلى سابقة تدشين الملك محمد السادس لوحدة مماثلة بأسا.
 
لكن التدشين الملكي لتلك البناية بأسا سنة 2007، كما يعلم الجميع، بمن فيهم هؤلاء الذين يحتالون على الملك باستعمال اسمه وتدشيناته، لا تتعلق بفضاء الذاكرة التاريخية، بل بالمركب الإداري والاجتماعي للمقاومة وجيش التحرير، في حدود الاختصاصات الممنوحة للنيابات الإقليمية للمندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير، التي خصها المشرع بالملف الاجتماعي للمقاومين وليس بملف الذاكرة التاريخية. ولنتصوّر أن الجالس على عرش المغرب يحترم الدستور والظهائر والمراسيم، فيما الجالسة على عرش جهة كلميم واد نون تحترم المال السائب فتهدره في وحدة طفيلية خارج القانون، وبالطبع فإن هذه الخطوة اتخذتها المتعرّشة على الجهة، تواطؤًا مع المندوبية السامية، التي كذبت حتى على الملك لتبرير تجاوزاتها للظهير الشريف المحدث لها والمرسوم المنظم لاختصاصاتها والمحدد لمصالحها المركزية والخارجية.
 
أما قرار الوزير الأول فهو باطل في الشق المحدد لاختصاصات المصالح الخارجية للمندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير، لأنه قرارٌ خرق مقتضيات الظهير الشريف المحدث لهذه الإدارة، ولم يطعن فيه أحد، آنذاك، لأن لا أحد يعير اهتماما لمندوبية أضحى وجودها رمزا بئيسا لوجود عقلية كابرانات الجزائر في المغرب، بيد أن هذا الوضع المختل انتبهت إليه، بذكاء ولحسن الحظ، اللجنة الوزارية للاتمركز الإداري، التي رفضت، في يوليوز 2020، التصميم المديري للمندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير، مبررة رفضها بضرورة احترام مقتضيات الظهير المذكور وفق القاعدة الدستورية المتعلقة بتراتبية القوانين وإلزامية احترامها، وقاعدة "الخاص يقيد العام".
 
واللافت أن المندوب الأكول يعتبر أن قرار الوزير الأول يحصّنه ويشرعن وحداته الطفيلية، فيما لا يعدو الأمر أن يكون مناورة منه لتعطيل أحكام الظهير والمرسوم المطبق له، والاستعاضة عنهما بقرار غير مشروع صادر عن الوزير الأول، الذي، عندما سيجري التصدي له، سيتأكد أنه ليس له حق التصرف في أحكام الظهائر الشريفة.
 
وعموما، فقد أحال المجلس الجهوي، الذي سيغدو متخصّصا في المال السائب، نص الاتفاقية على لجنة الميزانية. لكن تمة مشاورات للطعن في هذه الاتفاقية أمام القضاء الإداري من طرف المعارضة أو من طرف المواطنين في إطار القاعدة الدستورية القائلة بتقديم المواطنين لعرائض إلى السلطات العمومية، وكذلك الطعن في تطبيق نص غير مشروع أمام المحكمة الدستورية، في إطار الدعوى أمام القضاء الإداري لإلغاء الاتفاقية وحماية المال العام، بدل إرضاء مسؤول نهم يريد التغطية على فشل تدبيره وسوء تسييره ببنايات عديمة الجدوى ولا يُقبل عليها أحد وكل أعمالها رتيبة ومكرورة تثير القيء والغثيان...