الغد 24 خبر الغد تقرأه اليوم

من فضائح مسؤول مغربي شبيه بكابرانات الجزائر.. مصطفى الكثيري يتطفّل على قدماء المحاربين!

 
نلتقي اليوم مع "مُغرّبة" أخرى من فضائح المندوب الطفيلي الأكول مصطفى الكثيري، الذي شكّل تعيينه على رأس المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير واحدة من الجرائم، التي ارتكبها القيادي الاتحادي الكبير عبد الرحمن اليوسفي في حق الوطن والمواطنين، وفي حق رفاقه السابقين في أسرة المقاومة وجيش التحرير...
 
وقبل إثارة هذه الفضيحة، وحتى نفهم فحواها جيدا، نشير، أولا، إلى أن إحداث كل من المجلس الوطني والمندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير كان بموجب ظهيرين ملكيين صدرا في الجريدة الرسمية بتاريخ 20 يونيو 1973، حيث أُنيطت بالمندوبية مهمة محددة تتمثل في السهر الإداري، إلى جانب المجلس الوطني، على الملف الإحصائي لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير، كما جرى تكليفها بتدبير الملف الاجتماعي لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير...
 
 
إلى هنا تبدو الأمور واضحة، وكانت دائما واضحة في عهد المندوب السابق محمد بنجلّون، لكن عندما حل محله مندوب انتهازي طفيلي أكول، اسمه مصطفى الكثيري، شرع يتطفّل ويترامى على ملف التاريخ الوطني، وصار يتدخل في ما ليس من اختصاصه، وهو الجاهل بالأبجديات والقواعد المنهجية المتعارف عليها بين المؤرخين، وبات يتدخل في ما لا يعنيه وأضحى يحشر نفسه وأنفه في ملف قدماء المحاربين المغاربة وغير المغاربة.
 
فالظهير المحدث للمندوبية السامية حصر اختصاص المندوب السامي في قدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير، الذين شاركوا في تحرير البلاد من الاستعمارين الفرنسي والإسباني، بين 15 غشت 1953 و7 أبريل 1960، فصار المندوب الطفيلي يتدخل في ملف قدماء المحاربين، رغم أنه يفتقد الصفة التي تبيح له ذلك!؟ وبسبب طبيعته الطفيلية، فقد جعل من ملف قدماء المحاربين مطية للقيام برحلات خارج المغرب، يستفيد في إطارها من تعويضات دسمة وضيافات لدى سفراء المغرب في الخارج، ومن إكراميات وهدايا لدى الخواص، وبالخصوص المآدب، إذ يسيل لعابه باستمرار للمأكولات في بيوت الغير.
 
وهكذا استفاد من مشاركة المجلس الوطني والمندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير في دورات الاتحاد العربي لقدماء المحاربين وضحايا الحرب والفيدرالية العالمية لقدماء المحاربين واللجنة الدائمة للشؤون الأفريقية المنبثقة عنها!؟ وخلال هذه المشاركات، صرف على نفسه ملايين الدراهم في السفريات والجولات، وصار يشارك في الاحتفالات التي تقام في بلجيكا وهولندا بمناسبة ذكرى الحرب العالمية الثانية باسم قدماء المحاربين المغاربة، رغم أنه مختص بقدماء المقاومين وليس قدماء المحاربين!
 
فهذه الفئة تتشكّل من قدماء المحاربين المغاربة، الذين شاركوا في الحرب العالمية الثانية وكانوا أدوات مدمّرة في الحروب الاستعمارية ضد الشعوب المحتلة في فيتنام وأفريقيا السوداء، وبعضهم انسلخ عن جيوش الاحتلال وانضم إلى المقاومين الأبطال، ومنهم من دستهم سلطات الاستعمار الفرنسي ليتبوّأوا أعلى المراتب في الجيش الملكي بعد استقلال المغرب، ليحكموا المغاربة نيابة عن الفرنسيين الذين خرجوا من الباب ودخلوا من النافذة... وضمن هذه الفئة، كذلك، العديد من الأبطال من قدماء الضباط والجنود المغاربة، الذين شاركوا في التجريدات المغربية في الجولان وسيناء خلال الحرب العربية الإسرائيلية سنة 1973، الذين شرّفوا المغرب بعملهم الحربي البطولي ضد الجيش الإسرائيلي. ومنهم أيضا الجنود المغاربة، الذين رابطوا في الصحراء المغربية، لرد المؤامرات الانفصالية المدعومة من طرف كابرانات الجزائر. ومنهم شهداء، ومنهم من رحل إلى دار البقاء، ومنهم من ما يزال على قيد الحياة.
 
لكن هذه الفئة، بمختلف شرائحها، لا ترتبط بملف المقاومة وجيش التحرير، إذ تختص بها رئاسة الحكومة، والوزارة المنتدبة المكلفة بإدارة الدفاع الوطني، ومؤسسة الحسن الثاني لقدماء المحاربين. وبناء على ذلك، فلا دخل للمندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير في هذا الملف على الإطلاق، اللهم علاقة التطفّل والطفيلية، التي تحرّك نهم وشراهة المندوب الأكول.
 
وللاستدلال على هذا التطفل البئيس، الذي يمارسه المندوب الأكول مصطفى الكثيري، في هذا الملف، نضرب مثلا بالميداليات والنوطات (الأوسمة)، التي يمنحها الاتحاد العربي لقدماء المحاربين إلى من قدم خدمات لهم. فقد صار المندوب، المتهم بالفساد والعبث بالمرفق العمومي، الذي عمّر به أزيد من عقدين من الزمن حتى أضحى المسؤول المغربي الوحيد الذي يوجد في أرذل العمر متشبّها بتقليد كابرانات الجزائر، (أضحى) محترفا في جلب هذا النوع من الميداليات والأوسمة إلى عناصر لا علاقة لها بالعمل الحربي، ولم تقدم أي خدمات لقدماء المحاربين...
 
 
لقد استغل المندوب الأكول اسم المؤسسة، التي يمثّلها، وكذلك الثقل الرمزي للمجلس الوطني لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير، لجلب الميداليات والنوطات الخاصة بقدماء المحاربين أو من قدم خدمات لهم!؟ فمن خوّل له حق تمثيل قدماء المحاربين في المغرب وباقي البلاد العربية والتحدث باسمهم وهو مندوب سامي لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير وليس لقدماء المحاربين؟! الجواب على السؤال يؤكد أن المندوب مصطفى الكثيري فعلا طفيلي ومتطفل ودعي...
 
وعلى سبيل المثال، لقد جلب لمراد الشريف، سنة 2005، حين كان مديرا للمكتب الشريف للفوسفاط، "نوطا" من الاتحاد العربي للمحاربين القدماء وضحايا الحرب. ومناسبة ذلك الإنعام العجيب هو أن مراد الشريف هو من وظّف نجل مصطفى الكثيري (ع.ك) في خريف 2002، مباشرة بعد تخرجه "مهندسا". كما جلب لعزيز أخنوش، سنة 2015، "نوطا" مماثلا بصفته وزيرا للصيد البحري، القطاع الذي يشتغل به ابنه البكر (ت.ك)، الذي تدرج في الوزارة في عهد عزيز أخنوش من موظف عادٍ، إلى رئيس مصلحة، وإلى رئيس قسم، ثم إلى مدير مركزي!؟
 
وفي سنة 2009، جلب لأحمد التوفيق، وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية، "نوطا" مماثلا من نفس الهيئة، فاستغرب الوزير الأمر علنًا، لما حضر لاستلام "النوط"، واعتبر المقاومين المغاربة أولى منه بهذا التكريم. وقد فسر العارفون ببواطن الأمور أن هذا "النوط" أراد المندوب مصطفى الكثيري، من خلاله، توريط وزير الأوقاف وإحراجه، لأن المندوب الطفيلي دبّر عملية بناء مسجد بمدينة الجديدة، جمع لها تبرعات بملايين الدراهم من المحسنين، وتحوّز، بموازاة ذلك، على عقارات بالجديدة والرباط وسيدي بوزيد وگولف الجديدة. كما أن أحد الذين يدورون في فلك المندوب إياه، المسمى (م.خ)، والذي يشتغل أستاذا بالتعليم الثانوي، كان مرشحا لعضوية المجلس العلمي الإقليمي بالجديدة.
 
وفي 2019، جلب المندوب الطفيلي "نوطا" مماثلا للمسمى يسين حمزة، المدير السابق للأنظمة والدراسات التاريخية بالمندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير، والمدير السابق لوكالة التنمية الاجتماعية، الذي عينه رئيس الحكومة السابق الخوانجي سعد الدين العثماني، في 8 يونيو 2017، وعزله في الظروف المعلومة في صيف 2020. وهذا الشخص شريك مصطفى الكثيري في الصفقة، التي يوجد ملفها لدى النيابة العامة والفرقة الوطنية للشرطة القضائية!؟
 
وعموما، فالمندوب مصطفى الكثيري جلب أكثر من 100 "نوط" وميدالية، وزعها لاعتبارات زبونية، على أشخاص لا علاقة لهم بقدماء المحاربين ولا بخدمة قدماء المحاربين، سواء في المغرب أو البلاد العربية أو جزر المالديف أو حتى جزيرة الواقواق!؟
 
فهل يعلم كل من رئيس الحكومة، والوزير المكلف بإدارة الدفاع الوطني، ورئيس مؤسسة الحسن الثاني لقدماء المحاربين، بهذا التطفل البغيض والاستحواذ الأرعن على مجال ليس للمندوب الأكول الهرِم فيه لا عير ولا نفير إلا التطفّل وكنز الأموال، التي يلهفها في التنقّلات والأسفار والإقامة في الفنادق؟!