الغد 24 خبر الغد تقرأه اليوم
من فعاليات ملتقى الثقافة والإبداع في الجماعة القروية "گلاز"

من أورتزاغ إلى "گلاز".. مشروع "رؤية" تدرّج من حلم وفكرة إلى معلمة للثقافة والتربية والإبداع

 
تاونات - "الغد 24"
 
خلال نهاية الأسبوع، السبت والأحد 20-21 نوفمبر 2021، عاشت الجماعة القروية "گلاز" حالة من الإشراق، مع جمعية رؤية للتنمية الثقافية والحضارية بتاونات، التي منحت ناسها، مؤسسيها ومنخرطيها ومتتبعيها ومناصريها، ملتقى جميلا للثقافة والإبداع، مشفوعا بفيض من البهاء والصفاء بلا حسبان، جعلت الرواد، وضمنهم عبد النبي الشراط رئيس الجمعية، يستعيدون شريطا موشوما من الأمل والألم، في الفعل الثقافي والتربوي، مستحضرين ذلك اليوم الواحد والثلاثين من شهر يوليو/ تموز 2017، الذي صدر فيه نداء للتاريخ، نشره الرئيس على صفحته بموقع التواصل الاجتماعي "فايسبوك"، توجّه بالأساس بداية لأبناء وبنات دائرة غفساي بإقليم تاونات...

ومن خلال سطور النداء القليلة، لخّص هؤلاء الرواد مشكل التنمية بدائرة غفساي والمناطق المجاوة لها، ليعم النداء في وقت لاحق كافة تراب إقليم تاونات.

كانت الاستحابة للنداء قوية جدا، ومع مرور الوقت، ارتأى الكثيرون عدم دعمهم للمشروع، وكان ذلك حقا مشروعا لهم، وعلى مدى سنة كاملة خاض "الرؤيويات والرؤيويون" (نسبة إلى جمعية رؤية) معركة من أجل الحصول على الوصل النهائي، أي "سنة كاملة صرفنا فيها كل مجهوداتنا وركزنا على حقنا في انتزاع هذه الورقة العجيبة... وبمجرد حصولنا عليها، كان أول عمل قمنا بتنفيذه هو الحصول على مقر مستقل خصصناه ليكون مأوى للمشروع"، يقول الشراط في تصريح لـ"الغد 24"..

خلال السنة البيضاء (قبل الوصل)، يضيف الشراط، أطلقنا مبادرة "قراءة الكتاب"، وهكذا قمنا بتوزيع أكثر من ألفي كتاب استفادت منه مؤسسات تعليمية رسمية، وبعض الجمعيات الجادة، أي أن مشروعنا بالأساس ثقافي تنويري، وبدأنا العمل...
 
وقال الشراط: بعضٌ مما تحقق كان حلما كالمشروع نفسه الذي حلمنا بتأسيسه فأصبح واقعا على الأرض يسير ويتطور.. وأضاف: ثم حلمنا بفتح مكتبة عمومية يستفيد منها كل من يهمه الأمر، فكانت مكتبة (نادي رؤية للكتاب) بأورتزاغ، وزودنا المكتبة بأهم المراجع الثقافية والفكرية والتاريخية وسواها، وقد استأنفت المكتبة نشاطها بشكل رسمي ابتداء من ثاني أكتوبر 2021، وهاهي الآن تحتضن الأطفال والشباب والباحثين، وسنعمل جاهدين على تطويرها وتحسينها لتصبح مكتبة نموذجية بحق. وبما أن المكتبة أنشئت في قرية صغيرة تحيط بها الجبال والوديان، قلنا لِمَ لا نعمم الفكرة على مناطق أخرى.. فكان نداؤنا الثاني للجماعات المحلية لمساعدتنا في إنشاء مكتبة في كل جماعة قروية وبلدية بإقليم تاونات..

بيد أن رئيس جمعية رؤية استدرك متابعا: بما أن السادة المنتخبين لا تعنيهم الثقافة بقدر ما تهمهم الانتخابات.. فلم يستجيبوا لنا.. لكننا لم نيأس منهم، وما زلنا ندعوهم للمساهمة في هذا المشروع الثقافي الفريد من نوعه في المنطقة.

والمثير هنا، يوضح الشراط: خلافا للجماعات المحلية، فاجأتنا مؤسسة حكومية بتبنيها لفكرة إنشاء مكتبة.. وكانت دار الشباب گلاز، هي الحاضن الثاني للمشروع، وقد تم بحمد الله إنشاء مكتبة ثانية تحت مسمى (نادي رؤية للقراءة)، وبالموازاة مع افتتاح المكتبة، نظمنا أنشطة ثقافية وإبداعية كانت ناجحة بكل المقاييس، توّجت بالملتقى الجميل، الذي استضافته دار الشباب گلاز..

ويرجع الفضل في إنجاح
إنه (ملتقى الثقافة والإبداع)، الذي أشرق في دار الشباب گلاز لمدة يومين، ويعود الفضل في نجاح الملتقى إلى رجل يقف موقف الرجال، حيث بذل جهدا مضنيا كان له الأثر الطيب في نفوس كافة المشاركين والمشاركات في الملتقى، ولم يكن هذا الرجل سوى مدير دار الشباب گلاز، الأستاذ يوسف اليزيدي، وبمعيته مجموعة من الشباب المتعلمين الذين استحسنوا الفكرة، فهيأوا لها ما تستحق من ظروف الاستقبال والمتابعة.

وبما أن الفكرة ثقافية إبداعية صرفة، فكان لابد أن يشارك فيها رئيس مؤسسة نادي الكتاب بالمغرب الأستاذ عبد الحق أسويطط، الذي دعّم مشروع المكتبة بأكثر من 300 عنوان كتاب تشمل مختلف الأجناس الفكرية والإبداعية.. كما ألقى الأستاذ اصويطط محاضرة بعنوان: لماذا نقرأ؟

وبما أن الملتقى كان منفتحا على كل الفعاليات التي تشتغل في إطار منظمات المجتمع المدني، فقد استجابت (جمعية الوحدة للتنمية والتعاون/ بابت البير) فأضفت على الملتقى حلة قشيبة من المتعة والتشويق بواسطة فرقتين رائعتين تضم تلميذات وتلاميذ منطقة بابت البير بغفساي، الفرقة الأولى عرضت مسرحية (ناي) للكاتب المسرحي محمد بلغازي، الذي حضر من الرباط خصيصا لمتابعة محهودات الفرقة المسرحية، التي أدت أدوارا رائعة صفق لها الجمهور، والفرقة الثانية، التي تتشكل من تلميذات، أدت لوحات استعراضية غنائية مميزة، استمتع بها الحاضرون والحاضرات.

ويعود الفضل في تأطير تلاميذ وتلميذات بابت البير، بالأساس، إلى الإطارين التربويين القديرين: الأستاذ حسن بواط والاستاذة ميلودة الزروالي.

وبما أن فقرات الملتقى كانت متعددة ومتنوعة، فقد أبى المدرب الدولي المقتدر والخبير الثقافي الأستاذ ربيع الإدريسي من الرباط إلا أن يشارك أبناء المنطقة في هذا الملتقى الثقافي بتأطير دورة تكوينية في (الارتجال المسرحي) رفقة الأستاذ محمد بلغازي.

يومان من الحركية الإبداعية والثقافية في گلاز.. كُللت بالنجاح التام.. وفتحت أبواب الأمل في المستقبل...
 
صور من فعاليات ملتقى الثقافة والإبداع بدار الشباب گلاز