ولاية الرباط خارج القوانين المغربية! غرائب ما جرى مع جمعية "الاتحاد المغربي لكرة المناورة"
الكاتب :
"الغد 24"
عبد النبي الشراط
موظفو وموظفات ولاية الرباط سلا القنيطرة (عمالة الرباط) ما زالوا يشتغلون بالقوانين العرفية الجائرة، التي كان أرسى قواعدها الوزير القوي إدريس البصري، فهم لا يعترفون إطلاقا بالقوانين المغربية الجاري بها العمل في المملكة، ولا يعترفون بدستور المغرب المعدل سنة 2011، ولا يعترفون حتى بآدمية المواطن.
ما هي القصة؟
نبدأ من مصلحة الجمعيات، التي سبق أن تطرّقنا لها في موضوع سابق، وعلى إثره، توصّلنا ببعض الملاحظات وكذا ببعص الاستفسارات... ولنجيب على هذه التفاعلات نفصّل، هنا، الموضوع أكثر، ليتبين الخيط الأبيض من الأسود من فجر ولاية الرباط، وهل تخضع للقوانين المغربية؟
ما سأكتبه هنا يبدو غريبا جدا وقد لا يصدقه الكثيرون لكن جمعية رياضية مغربية قررت أن تتحدى ولاية الرباط بالقانون المغربي فقط.
نعم هي جمعية رياضية لا غير، وافهموا الباقي..
بداية القصة.. المأساة!
بتاريخ 22 أبريل 2021، اجتمع بعض الشباب وقرروا تأسيس جمعية رياضية، وأطلقوا عليها اسم: (الاتحاد المغربي لكرة المناورة).
طبعا الشباب اتبعوا كافة الخطوات والإجراءات، التي يشترطها القانون المغربي لتأسيس جمعية رياضية أو ثقافية، وقاموا بإشعار مصلحة الجمعيات الكائن مكتبها بالطابق الخامس لمقر الولاية، وقد تضمن طلبهم مكان وتاريخ الجمع العام خلال الوقت القانوني أو أكثر.. لكن الموظف العظيم، الذي لا يتحدث إطلاقا مع الناس مخافة العدوى، استلم منهم الطلب دون أن يؤشر لهم على نسخة تثبت أنهم وضعوا هذا الطلب، والشهادة لله أن هذا الإجراء يطبقونه على جميع عباد الله.. فأنت تقدم طلبا أو إشعارا وتخرج خاوي الوفاض من أي وثيقة تثبت أنك وضعت عندهم هذا الطلب.
ما علينا.. تم عقد الجمع العام بسلام، وبعد تشكيل المكتب المسير لجمعيتهم عادوا إلى بناية الولاية المقدسة والخارجة عن القانون، فوضعوا بين يدي الموظف المقدس كل الوثائق المطلوبة (القانون الأساسي، محضر الجمع العام، لائحة أعضاء المكتب، ورسالة التأسيس إلخ) لكنهم خرجوا أيضا بلاشيء.. وكأنهم أوصلوا مائدة الغذاء للفقيه الراتب بالمسجد في دوار أو قرية، بينما الفصل 5 من القانون المغربي المنظم للجمعيات يقول، بصريح العبارة، إنه يجب أن يتسلم المعني بالأمر وصلا مؤقتا في الحين... لاحظوا في الحين يقول القانون.. لكنهم لا يُسلّمون لك وصلك المؤقت (مجرد مؤقت) لا في الحين ولا بعد شهر ولا بعد سنة ولا حتى ألف سنة، وربما يتعمد الموظف الراهب ذلك ليدخر لك الحسنات يوم القيامة، لأنك في كل مرة تتردد عليه بعد شهر.. شهرين.. سنة.. سنتين يجيبك إجابة آلية هي: (لم نتوصل بالجواب بعد)، وقد تكون هذه الجملة هي الجملة الوحيدة، التي يتفوه بها هذا الموظف السامي الكبير، الذي يتحكّم في كل المواطنين، الذين يسعون إلى تأسيس الجمعيات..
ومنذ 5 ماي 2021، وهو تاريخ إيداع ملف جمعية الاتحاد المغربي لكرة المناورة، ورئيسها يتردد على هذه المصلحة مرات ومرات ومرات... وفي كل مرة يجد الجواب جاهزا: (ما زال ما جاناش جواب)، لأن الرجل يحرص على ألا يضيّع وقت الناس.. ولذلك فالجواب عنده جاهز وبسرعة البرق يردك خائبا فتخرج من بناية الولاية ساخطا على الإدارة وموظفيها ورؤسائها ومسؤوليها، وتتمنى لو أنك لم تطأ أرض الرباط قط أو تندم لأنك ولدت به أو أقمت فيه.. فالأمر صعب جدا بولاية الرباط الخارجة عن قانون الدولة المغربية، وتعمل ضدا على دستورها وتشريعاتها...
مهلا، لم ننتهِ بعد..
ضاق رئيس هذه الجمعية ذرعا.. فقرر أن يقف بوجه هذا العبث الذي تمارسه ولاية العاصمة، فماذا فعل؟
أولا: راسل المجلس الوطني لحقوق الإنسان.. دون جدوى!
ثانيا: كتب إلى مؤسسة الوسيط.. بلا فائدة!
وبما أنه يؤمن بالقانون، اصطحب مفوضا قضائيا، بتاريخ 2 فبراير 2022، إلى مكتب الجمعيات الواقع في الطابق الخامس من مبنى الولاية، فكانت الصدمة شديدة جدا..
دخل الموظف عند رئيسه، وتم إبلاغ المفوض القضائي بأن مصلحة الجمعيات لم يسبق لها أن استلمت ملف هذه الجمعية إطلاقا.. (ضربوها بنكرة وتهنّاو).. يعني أن الموظف ورئيسه كذبا على نفسيهما، وكذبا على المواطن، وكذبا على المفوض القضائي، فهل مثل هؤلاء القوم يؤتمنون من طرف الدولة على مصالح المواطنين؟!
وهل السيد وزير الداخلية يعلم بأن الإدارة، التي كان واليا عليها من قبل، تمارس هذا العبث؟
هل السيد الوزير يعلم أن موظفين تحت إمرته ويشتغلون في مكاتب تابعة لوزارته يساهمون في الإخلال بأمن البلاد، وتحريض المواطنين على الغضب، وإذكاء فتيل الاحتقان في النفوس، حينما تمنع مصلحة الجمعيات الشباب من ممارسة حقهم الطبيعي في الأنشطة الرياضية والثقافية عبر تجاهل ملفاتهم وعدم معالجتها بالقانون، ويدفعون الشباب إلى التذمّر والسخط على الوضع برمته، لأن بعض هؤلاء الموظفين يعتبرون أن الإدارة بمثابة ملك أبوهم وليس ملكا للدولة والشعب..
لماذا تتصرف مصلحة الجمعيات بولاية الرباط هذا التصرف؟
نريد فقط تطبيق القانون لا غير.
إن المشكلة تتعقد ويصاب المرء بالذهول حينما يضع ملف جمعيته بقيادة في منطقة بدوية فيحصل على الوصل المؤقت في نفس اليوم، بينما في ولاية الرباط قد لا تحصل عليه مدى الحياة..
لنتابع القصة استمعوا جيدا..
رئيس الجمعية السيد أنس بن صفية، لم يمل أو يكل، حيث كلّف محاميا برفع قضية للقضاء الإداري في مواجهة شطط ولاية الرباط المخالفة للقانون، وبتاريخ 27 مارس 2022 تقدم الأستاذ عزيز سويطط، المحامي بهيئة فاس، برسالة إلى مصلحة الجمعيات يستفسر فيها عن سبب عدم تسليم الوصل المؤقت للجمعية المذكورة، فتسلمت موظفة بمكتب الضبط الرسالة من المحامي ودخلت عند رئيسها، كان المحامي يعتقد أن الموظفة ستختم له على طي الإرسال، ويذهب لينتظر الجواب قبل أن يلجأ للقضاء.. لكنه صدم بدوره حين عادت الموظفة بدورها بخفى حنين من عند رئيسها فأعادت الرسالة للمحامي معتذرة عن استلامها..
ذهب المحامي إلى بريد أمانة، بعث رسالته للولاية في اليوم ذاته، وبعد أيام تلقى مكالمة تلفونية من الموظفة تسأله عن مضمون الرسالة لكي تعرف هل تستلمها من بريد أمانة أم لا؟ صُدم ثانية، فتعمّد إبلاغها بتفاصيل الرسالة وترك لها حرية تسلمها من عدم تسلمها.. وفعلا رفضت الموظفة استلام رسالة المحامي وأعيدت له بملاحظة (رفض استلامها)...
بعد كل هذا، لم يبق الآن أمام دفاع جمعية الاتحاد المغربي لكرة المناورة إلا القضاء ليقول كلمته في هذا العبث...