الغد 24 خبر الغد تقرأه اليوم

عبد الحي بنيس.. الذاكرة والظاهرة

 
عبد النبي الشراط
 
دخل بوابة مجلس النواب من باب الخدمة كمستخدم متعاون (شاوش)، ووصل إلى ديوان رئيس المجلس.
 
انتقل من عالم الصناعة التقليدية بالمدينة العتيقة بمدينة فاس إلى أروقة البرلمان ليصبح ذاكرة لهذا البرلمان، وظاهرته في نفس الوقت..
 
عاشر الكثير من الوزراء ورؤساء الدواوين، وأصبح يشكل لهم عقدة بسبب ذكائه وفطنته وعصاميته، فقد أصبح شخصية نادرة يستعين بها رؤساء مجلس النواب في إعداد التقارير وتوثيق الصور النادرة وتأريخ الخطب الملكية بشكل دقيق.
 
سُرقت منه تقارير أعدها وسهر عليها ودُوّنت في كتب نُسبت إلى لجان في هذا المجلس بعد التشطيب على اسمه من تلك التقارير والأبحاث والوثائق.
 
ألّف أكثر من 26 كتابا ضخما، ولديه كتب أخرى تحت الطبع، كان أشهرها (مذكرات شاوش في البرلمان).
 
في مساء الأحد 30 يناير 2022، زرته في منزله في شارع الجزاء الشهير في المدينة العتيقة الرباط، وعلى مدى ساعتين أو أزيد، اكتشفت أن الرجل يستحق التكريم في حياته أكثر من مرة، بدل أن تُسرق منه مجهوداته الفكرية وتنسب لغيره.
 
عبد النبي الشراط في بيت عبد الحي بنيس
 
أهدى بعض مؤلفاته التوثيقية لجمعية رؤية للتنمية الثقافية والحضارية، التي أتشرف برئاستها، ولم ينسَ أبدا أنني سألته ذات مرة في المقهى هل أجد عنده وثائق تتعلق بسنوات نهاية الخمسينيات من القرن الماضي، خاصة خلال الفترة التي كان الزعيم المهدي بن بركة رئيسا للمجلس الاستشاري الوطني، الذي كان قد عينه الملك محمد الخامس، وهو النواة الأولى للبرلمان المغربي، فأمدّني بكتاب جامع يضم الكثير من الوثائق والقوانين والقرارات وحتى المداولات التي كانت تجرى داخل المجلس.
 
عبد الحي بنيس في حد ذاته ظاهرة تستحق الدراسة والتحليل والكثير من الاهتمام، وستكون لنا معه وقفة خاصة لكتابة ما يمكن كتابته عن حياته وذكائه وقصصه المتعددة، وقد لا يحتاج لذلك لأن الكثير من الصحف الورقية والمواقع الإلكترونية والقنوات التلفزية العالمية أجرت معه مقابلات أو نشرت مقاطع كثيرة من كتبه، هذه الكتب التي ألفها بنيس تعتبر مرجعا في العديد من الجامعات، وهناك بعض الأطروحات في سلك الدكتوراه أنجزت على تلك الكتب.
 
شكري وتقديري لهذا الرجل الموسوعة الذي يستحق التنويه والتكريم من المؤسسات العلمية والثقافية...