الغد 24 خبر الغد تقرأه اليوم
الناشر والإعلامي عبد النبي الشراط ووزير الداخلية عبد الوافي لفتيت

رسالة إلى السيد وزير الداخلية.. خروقات وانتهاكات حوّلت ولاية الرباط إلى "عدوة للجمعيات"!

 
عبد النبي الشراط
 
من المؤسف جدا جدا أن تكون (مصلحة الجمعيات) بولاية الرباط من بين الأسوأ وطنيا على صعيد تنزيل قوانين الدولة المغربية، حيث لا يمكنك أن تحصل من هذه المصلحة على أي وثيقة تفيد أنك وضعت لديها ملف تأسيس جمعية، فحينما تكتب لهم إشعارًا بالجمع العام (قبل التأسيس)، فإنهم يستلمون منك طلبك، وتخرج دون أن يمنحوك ما يفيد أنك أخطرتهم بواسطة إشعار طبقا للقانون، وبعد الجمع العام تذهب محمّلا بكومة من الأوراق مصادق عليها فيتسلمها منك الموظف المكلف ثم يقول لك (من بعد ورجع)...
 
عبارة "من بعد" هذه، في عُرف الموظف الطويل الأسمر، قد تستغرق سنة وقد تستغرق ألف سنة.. وقد تستغرق ما تبقى من الدنيا حتى تقوم الساعة.
 
وفي كل مرة تتردد على هذا الموظف، الذي لا علاقة له بالوظيفة العمومية، فإما أن تضبط أعصابك.. أو تنفجر، وذلك بسبب كلامه العنيف جدا، وتصرفاته البشعة، وكأنك تطلب منه صدقة، وأنت تعلم أنه موجود هنا للإجابة على أسئلة الناس، وقضاء مصالحهم، فهو يأخذ راتبه الشهري من الضرائب التي يؤديها المواطن طوعا أو كرها.. لكن هذا الموظف العجيب يبدو أنه ما يزال يعيش في عهد مضى، في وقت تغير الزمن وتغيرت حتى عقلية السلطة مع المواطنين، منذ أن بلور ملك البلاد "المفهوم الجديد للسلطة"... بيد أن هذا الموظف، وكذلك رئيسه، يجسّدان المفهوم العتيق والبائد للسلطة، إذ يتعاملان بعدوانية مع ملفات المواطنين، الذين يرغبون في تأسيس الجمعيات طبقا للقانون، ويتصرفان مع الناس وكأنهم عبيد، وأحرى أن يعترفا بآدميتهم ويحترما كرامتهم..
 
تسأل عن مصير ملف الجمعية، فيجيبك الموظف الطويل الأسمر إياه، كالببغاء، بكلمة واحدة يحفظها جيدا: "مازال ماجاش البحث"! دون أن يعلم أن في هذا "البحث"، وكذا في عدم تسليم التصريح، هناك انتهاك لدستور البلاد، وللقوانين الجاري بها العمل، حتى أصبح المغرب مضرب مثل في انتهاك الحق في تأسيس جمعية، سواء لدى التنظيمات الحقوقية الوطنية والدولية غير الحكومية، أو لدى الهيئات ذات الصلة بحقوق الإنسان لدى الأمم المتحدة، حيث تسجّل التقارير الوطنية والدولية المئات من الجمعيات، التي تُحرم من وصولات الإيداع، لا المؤقتة ولا النهائية، إلى درجة أن هذا الوضع بات يناقض جذريا الدستور المغربي الجديد، الذي يكرّس الحق في تأسيس الجمعيات من خلال "نظام التصريح"، في حين أمثال ذلك الموظف الطويل الأسمر يتعمّدون العمل بصيغة خارجة على القانون، أي اعتماد "نظام الترخيص"...
 
إننا نسجل حقيقة لابد من الاعتراف بها، وهي أن تؤسس الآن جمعية في قرية أو دوار في أي منطقة بالمملكة، فإن المسؤولين هناك يسلّمونك وصلك المؤقت في نفس اللحظة التي تضع ملفك بالمصلحة، وفي العديد من المدن المغربية إلا استثناءات مازالت تعيش في جبّة العهد القديم، في مقدمتها ولاية الرباط، حيث قد تنتظر وصلك المؤقت (ولا نتحدث هنا عن الوصل النهائي) بل المؤقت فقط، الذي يضمن لك على الأقل دليلا أنك قدمت ملفك ولا يهم أن يمنحوك الوصل النهائي أم لا فذاك موضوع آخر...
 
مصلحة الجمعيات بولاية الرباط، مع نظيراتها في مدن أخرى، أضحت مصلحة نادرة ربما في العالم، التي تستلم منك الأوراق، ولا تعطيك شيئا، ما يعني أنك مجبر على أن تصطحب معك مفوضا قضائيا في كل زيارة تقوم بها لهذه المصلحة، لأنهم في نهاية المطاف، وإذا صعّدت معهم الكلام، وطالبت بحقك، لا يجدون حرجا أبدا في أن ينكروا عليك كل شيء، ويجيبوك بكل سفالة وقلة حياء أنك لم تعطهم شيئا، ولم يستلموا منك شيئا...
 
إن هذا الوضع ما عاد ممكنا أن يستمر على هذا الحال، حتى لا تستمر التقارير الدولية في توجيه أصابع الاتهام للمغرب، الذي بات يصفه نشطاء حقوقيون دوليون بأنه "عدو الجمعيات"!
 
وبناء على ذلك، وحرصا على سمعة بلادنا، التي قطعت أشواطا مهمة في ملفاتها الحقوقية، خصوصا في هذه الظرفية الدقيقة، التي تواجه فيها بلادنا مناورات ومؤامرات دولية خبيثة، آمل أن يتدخّل السيد وزير الداخلية في الموضوع، وأن يعطي تعليماته لهذه المصلحة لكي تكف عن الاستخفاف بمصالح المواطنين...
 
كما أن المنظمات الحقوقية والمؤسسات المعنية بالحريات العامة، التي تشير إلى هذا الخرق الذي تعاني منه الجمعيات، مطالبة بأن تتحرك بفعالية أكثر لإيقاف هذا العبث، لأن استمرار الحال على ما هو عليه لا يبشر بخير لبلادنا.
 
هذه همسة بسيطة نهمس بها في أذن وزير الداخلية المحترم كي يضع حدا لتصرفات هذا الموظف ورئيسه، لأنهما يسيئان للدستور وللقانون، وللدولة المغربية، التي قطعت أشواطا كبيرة في مسيرة الدمقرطة وفي مجال الحريات العامة..
 
ولدينا المزيد...