الغد 24 خبر الغد تقرأه اليوم
توقيع اتفاقية شراكة وتعاون بين بيت الحكمة والمرصد المغربي لنبذ الكراهية والعنف

"أنتم تريدون المناصب ونحن نريد وطنا آمنا".. الوطن للجميع وفوق كل اعتبار

 
عبد الكريم غيلان
 
 
وقّعت جمعية بيت الحكمة، بعد ظهر أول أمس الجمعة 26 يونيو 2021، بدار الشباب الكريمات عين السبع الدارالبيضاء، اتفاقية شراكة وتعاون مع المرصد المغربي لنبذ الكراهية والعنف، للعمل سويا بغية تحقيق العديد من البرامج والمشاريع الهادفة لتكوين وتأطير مختلف فئات المجتمع، ودعمها وتتبعها لتأسيس مجتمع تطبعه أواصر المحبة والسلام.
وقالت نجيبة جلال، رئيسة بيت الحكمة، في كلمتها الافتتاحية:
"أنتم تريدون المناصب ونحن نريد وطنا آمنا"...
وما يُردد بصوت عال في بيت الحكمة إلا صدى لما أشارت إليه الأستاذة نجيبة جلال، خلال حفل التوقيع.. الكل يطمح إلى وطن يتسع للجميع تتساوى فيه الحقوق والواجبات، مجتمع تطبعه أواصر المحبة والإخاء والسلام، وتعم فيه المشاعر الإنسانية النبيلة...
فمن الرائع جدا أن نغامر من أجل مجتمع تسوده المحبة وضد السباحة مع تيار العنف والكراهية... فما أجمل أن يكون لنا قلب حامل لمشاعر صادقة، وما أجمل أكثر أن نناضل لتكريس تلك القيم على أرض الواقع...
ومن الحكمة، وليس صدفة ولا تلاعبا بالكلمات، ونحن نتكلم عن "بيت الحكمة" أن نؤسس لهذه المغامرة الجميلة على مشاعر صادقة، وأن تكون لنا الجرأة ما يكفي لكي نعبر عن هكذا مشاعر، ومستعدين للتعبير عنها بشتى الوسائل والدفاع عنها والمغامرة من أجلها حتى نمسك بالحياة في قلوبنا...
علينا، ولا أستثني نفسي، أن نكون إيجابيين قدر الإمكان حتى لا تنهكنا تشاؤمية العلاقات الإنسانية وكل ما يشفي غليل مشاعري هو القضاء على العنف بكل أشكاله... لأن العنف وباء خطير أكثر ألما وسفكا من جائحة كوفيد 19، التي تم الحد من خطورتها عبر التلقيح، ويؤثر على جميع البلدان حتى تلك التي حققت تقدما جديرا بالثناء في مجالات أخرى وما يشفي غليلي أيضا هو الفوز بالمكانة التي تليق بنا داخل مجتمع تسوده المساواة بين الجنسين، ولكنني أعلم علم اليقين أن هذا لن يتم إلا بالوقوف في وجه العديد من التحديات أذكر منها على سبيل المثل لا الحصر:
● الأعراف والقوالب النمطية الأبوية
● الافتقار إلى مرافق رعاية الأطفال وخصوصا المتخلى عنهم
● عدم وجود فرص جذابة
● التحرش بالنساء في مكان العمل
● عدم كفاية وسائل النقل
● تدني الأجور
● القيود القانونية المفروضة على حقوق العاملات والعمال
● انعدام برامج سياسية تضع ضمن أولوياتها سياسات اجتماعية واقتصادية تعزز المساواة بين الجنسين وتكافؤ الفرص
● افتقار قضايا السلامة
● ضعف الهياكل التمكينية وتدني الفرص
● قيود قانونية تقيد قدرة المرأة على العمل والكسب والحصول على دخل
وما يزيد الطين بلة ويعقّد الأمر ويدعو للعجب والغرابة هو الافتقار إلى المعلومة والدعم لولوج سوق العمل وضعف في التكوين في مجال التكنولوجيا وعدم تكافؤ الأجور وقوانين العمل التقييدية مقرونة بانعدام الحماية الاجتماعية المتصلة بالبطالة والمعاشات والأمومة والمرض، وهذا كله يؤزم الوضع ويعيق بنسبة كبيرة تحقيق المساواة بين الجنسين المنشودة...
وبين أحضان هذا الانتظار المقيت، تضيع الفرص ونضيع في اكتساب القدرة على امتلاك الرهان لكن هذا لن يثنينا عن العمل من أجل الفوز، الذي لن يكون إلا عندما نكون قد اقتنعنا، وبصفة نهائية، بصحة اختياراتنا التي أرى أن يكون عنوانها المناسب والرئيسي:
"الوطن للجميع وفوق كل اعتبار"...
فحبي الغامر والفياض لهذا الوطن الذي لن أرضى عنه بديلا مهما كانت الظروف أهداني شعور الافتخار بالانتماء إليه منذ نعومة أظافري ومستعد دائما للعمل مع مجموعة من خيرة كفاءات أبناء هذا البلد الجميل والغالي على قلوبنا من أجل المساهمة ولو متواضعة في إيجاد حلول للمعضلات التي تقف حجرة عثرة في سبيل التقدم والازدهار، وذلك يتطلب حسب رأيي المتواضع وضع استراتيجية تتبنى المحاور الآتية:
■ إدراج مراعاة النوع الاجتماعي في شتى عناصر العمل اللائق سواء أكانت الحق في التنظيم أم الصحة والسلامة المهنيين
■ برامج تركز على المرأة مثل تنمية المهارات ودعم فرص العمل لزيادة مشاركة المرأة في القوة العاملة
■ إعداد السياسات وإصلاح القوانين
■ حوكمة تراعي النوع الاجتماعي في سوق العمل
■ ممارسات المساواة بين الجنسين في مكان العمل
■ التنظيم والمفاوضات الجماعية
لذا، أقول أخيرا، وليس آخرا، إنه يتعين علينا، بعد أن فهمنا أوجه عدم المساواة هذه والاحتياجات المختلفة ومواطن الضعف والأدوار والقدرات لدى النساء والرجال، أن نشمر عن سواعدنا ونعمل سريعا دون تأجيل اليوم قبل الغد من أجل إيجاد حلول أكثر شمولية واستدامة لنا في وطننا الذي هو في أمس الحاجة لكل طاقات البلد دون استثناء، وكل تأخر أو تقاعس سيجعلنا نندم على الفرص الضائعة من حيث لا ينفع الندم، وبالتالي نؤدّي ثمنا باهضا جراء سلوكنا.. فلنكن يدا في يد، وليكن نبراس اختياراتنا وعنوان أعمالنا:
"الوطن للجميع وفوق كل اعتبار"، ففي النهاية لا يصح إلا الصحيح...