الغد 24 خبر الغد تقرأه اليوم
#

عبد الكريم غيلان: يوم المرأة العالمي.. تحية إجلال وتقدير لنصف المجتمع عنوان الحياة والمستقبل

 
عبد الكريم غيلان
 
في الثامن من مارس من كل عام، تتوقف عقارب الزمن للحظات، لتستعيد الإنسانية أنفاسها، وتلتفت إلى نصفها الآخر، إلى المرأة، صانعة الحياة، وملهمة الأجيال، وقائدة التغيير. إنه يوم المرأة العالمي، اليوم الذي نحتفي فيه بإنجازاتها، ونستذكر تضحياتها، ونؤكد على حقوقها، ونعاهدها على مواصلة النضال من أجل عالم أكثر عدلاً ومساواة.
 
المرأة ليست مجرد نصف المجتمع، بل هي المجتمع كله، هي الأم التي تربي، والأخت التي تساند، والزوجة التي تشارك، والابنة التي تضيء، والجدة التي تحكي، هي المعلمة التي تعلم، والطبيبة التي تعالج، والمهندسة التي تبني، والفنانة التي تبدع، والسياسية التي تقود، هي كل امرأة في كل مكان، تصنع الفرق، وتترك بصمتها، وتساهم في بناء مستقبل أفضل.
 
في هذا اليوم، نستذكر نضال المرأة عبر التاريخ، نضالها من أجل حقها في التعليم والعمل والمشاركة السياسية، نضالها من أجل المساواة والعدالة والكرامة، نضالها من أجل عالم خالٍ من التمييز والعنف والاضطهاد.
 
نستذكر رائدات الحركة النسوية، اللواتي تحدين الصعاب، وكسرن الحواجز، ومهدن الطريق للأجيال القادمة، نستذكر نساء المغرب والعالم العربي، اللواتي قاومن الاستعمار، وحافظن على الهوية، وشاركن في بناء الأوطان.
 
نستذكر نساء العالم كله، اللواتي يواصلن الكفاح من أجل حقوقهن وحقوق مجتمعاتهن. ونستذكر اليوم بالخصوص نساء فلسطين، اللواتي يواصلن الصمود والتضحية في وجه الاحتلال.
 
في الثامن من مارس، وبينما يحتفل العالم بإنجازات المرأة، تتجه الأنظار بقلوب دامية إلى غزة، حيث تتجسد أروع صور الصمود والتضحية في نساء فلسطين. في هذا اليوم، لا يمكننا أن نغفل عن معاناة المرأة الفلسطينية، التي تواجه ظروفًا قاسية وتحديات لا مثيل لها، وتحديدًا في غزة، حيث الحرب والدمار والحصار تفرض واقعًا مريرًا.
 
نساء غزة، هنّ رمز الصمود والتحدي، يواجهن الموت والفقدان، ويتحملن مسؤولية رعاية أسرهن في ظل ظروف معيشية كارثية. هنّ الأمهات اللواتي فقدن أبناءهن، والزوجات اللواتي فقدن أزواجهن، والبنات اللواتي فقدن منازلهن، ومع ذلك، يواصلن النضال من أجل البقاء والأمل.
 
في غزة، تعاني النساء من نقص حاد في الغذاء والدواء والمياه النظيفة. يواجهن خطر الإصابة بالأمراض، ويعانين من الصدمات النفسية، ويعشن في خوف دائم من القصف والدمار. ومع ذلك، يواصلن الاهتمام بأطفالهن، وتقديم الدعم النفسي لبعضهن البعض، والمساهمة في إعادة بناء مجتمعهن.
 
نساء غزة، هنّ بطلات حقيقيات، يستحقن كل الدعم والتقدير. في يوم المرأة العالمي، نوجه تحية إجلال وتقدير لكل امرأة فلسطينية، ونؤكد على تضامننا الكامل معهن. ندعو المجتمع الدولي إلى تحمل مسؤولياته تجاه المرأة الفلسطينية، وتوفير الحماية والدعم لها، والعمل على إنهاء الاحتلال والحصار، وتحقيق السلام العادل والشامل في فلسطين.
 
في هذا اليوم، لابد لنا أن نُذكّر العالم بأن معاناة المرأة الفلسطينية هي جزء من معاناة الشعب الفلسطيني بأكمله. لا يمكن تحقيق المساواة والعدالة للمرأة في أي مكان في العالم دون تحقيقها للمرأة الفلسطينية.
 
في كل يوم، تصرخ نساء غزة بصوت عالٍ: "نحن هنا، نحن صامدات، لن نستسلم". صرخة تدوي في أرجاء العالم، تدعو إلى العدالة والسلام، وتؤكد على حق الشعب الفلسطيني في الحياة الكريمة.
 
في يوم المرأة العالمي، نرفع أصواتنا مع أصوات نساء غزة، ونقول لهن: "أنتنّ لستنّ وحدكنّ، نحن معكنّ، وسنواصل النضال من أجل حقوقكنّ وحقوق شعبكنّ".
 
في يوم المرأة العالمي، لا نكتفي بالاحتفال، بل نجدد العهد على مواصلة العمل من أجل تمكين المرأة، وتذليل العقبات التي تواجهها، وتوفير الفرص المتكافئة لها، نؤكد على أهمية تعليم الفتيات، وتوفير الرعاية الصحية لهن، وحمايتهن من العنف والتمييز، نؤكد على ضرورة مشاركة المرأة في صنع القرار، وتمثيلها في جميع المجالات، نؤكد على أهمية تغيير الصورة النمطية للمرأة في الإعلام والمناهج التعليمية، نؤكد على ضرورة دعم المرأة في ريادة الأعمال، وتوفير التمويل والتدريب لها.
 
إن تمكين المرأة ليس مجرد واجب أخلاقي، بل هو ضرورة لتحقيق التنمية المستدامة، فالمرأة المتعلمة والمتمكنة هي أكثر قدرة على تربية أجيال واعية ومسؤولة، وهي أكثر قدرة على المساهمة في بناء اقتصاد قوي ومزدهر، وهي أكثر قدرة على تحقيق السلام والأمن والاستقرار.
 
في يوم المرأة العالمي، نرفع القبعات احترامًا وتقديرًا لكل امرأة في العالم، ونقول لها: أنتِ الحياة، أنتِ الأمل، أنتِ المستقبل...
 
__________________________
كاتب رأي