رصدت اللجنة الوطنية للقطاع النسائي للحزب الاشتراكي الموحد، في بيان لها بمناسبة تخليدها لذكرى 8 مارس هذا العام، ما تعيشه المرأة في المغرب، من أوضاع مزرية، حيث "يتظافر عنف نظام الاستبداد المخزني وعنف جشع الرأسمال والرأسمال التبعي والفكر الأصولي، لتكريس الاضطهاد الجنسي والاستغلال الاقتصادي للنساء".
واعتبرت اللجنة، التي ترفع شعار "من أجل حركة نسائية ديمقراطية وتقدمية على درب النضال من أجل التغيير الديمقراطي الشامل"، أن "ضعف مؤشرات التقدم في إقرار المساواة بين الجنسين والمنحى التراجعي يعبر عن غياب إرادة سياسية حقيقية للدولة المغربية، وتعبير صريح عن أن الاضطهاد الجنسي والاستغلال الاقتصادي اللذين تعاني منهما المرأة هو خيار استراتيجي لدولة الاستبداد ألمخزني والتبعية الاقتصادية، وهو المؤسس لكل أشكال الإقصاء والتمييز الأخرى وفي قلبها التمييز ضد المرأة، مما يجعل من النضال من أجل الحقوق الإنسانية للنساء شديدة الارتباط بالنضال من أجل التغيير الديمقراطي الشامل من مدخله الدستوري"...
وفي ما يلي النص الكامل لهذا البيان:
يخلد القطاع النسائي للحزب الاشتراكي الموحد ذكرى 8 مارس هذا العام، وكل المستجدات على المستوى الدولي والإقليمي والمحلي تحمل مؤشرات لا توفر الشروط الملائمة، لإقرار السلم العادل والديمقراطية والتنمية والمساواة، إن على الصعيد السياسي أو على الصعيد الاقتصادي والاجتماعي...
على المستوى الدولي، نسجل التدخل الامبريالي والغربي بقيادة الإمبريالية الأمريكية، في الشؤون الداخلية للدول، لفرض اختياراتها في انتهاك صارخ لحق الدول في السيادة وحق الشعوب في تقرير مصيرها السياسي والاقتصادي، إشعال فتيل الحروب العدوانية بشكل مباشر أو بالوكالة من خلال تغذية التيارات الأصولية التكفيرية واستثارة النعرات الإثنية، مما كان له الأثر البالغ على شعوب المنطقة، وبصفة خاصة على النساء اللواتي أصبحن يعشن وضعا تتهدده العديد من المخاطر منها: تصاعد انتهاكات الحقوق الإنسانية للنساء، وخاصة الحق في الحياة، انتشار العنف والاغتصاب والتحرش الجنسي في العديد من الدول وخاصة في المنطقة العربية والمغاربية والإفريقية، نشاط ملفت لشبكات الاتجار بالبشر حيث أكثر ضحاياها من النساء؛
لقد ألقى هذا الوضع بتداعياته على المستوى المحلي، من تجلياته ما تعيشه المرأة في المغرب، حيث يتظافر عنف نظام الاستبداد المخزني وعنف جشع الرأسمال والرأسمال التبعي والفكر الأصولي، لتكريس الاضطهاد الجنسي والاستغلال الاقتصادي للنساء.
وفي هذا الإطار، تعتبر اللجنة الوطنية للقطاع النساء أن النضال من أجل استقلال القرار الاقتصادي للدولة المغربية ومناهضة التبعية، وسن سياسة اقتصادية واجتماعية تعطي الأولوية لحاجيات المواطنين والمواطنات، شرط لازم لضمان وحماية الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية للنساء ولعموم المواطنين والمواطنات، والنساء جزء من هذا النضال؛
وعلى مستوى السياسة التشريعية، فالخط الناظم، الذي يحكم كل القوانين ذات الصلة بوضع المرأة الجاري بها العمل اليوم، هو التمييز على أساس الجنس، الذي يستمد مرجعيته من إطار النسق الثقافي والقانوني والسياسي القائم على الاستبداد بالقرار وإعادة إنتاج ثقافة التمييز، مما سيكون له انعكاس على معالجة الدولة المغربية لملف حقوق النساء، فعدد من القضايا الجوهرية المتعلقة بملف قضية المرأة لازالت عالقة منها على وجه الخصوص:
- التحفظات بشأن اتفاقية القضاء على كل أشكال التمييز ضد المرأة ما زالت قائمة بصيغتها الصريحة أو بصيغة التصريحات بمبرر الخصوصية الثقافية والدينية؛
- تقييد المساواة بين الجنسين في الدستور جاءت مفيدة بالهوية الثقافية والدينية؛
- القانون التنظيمي لهيئة المناصفة ومكافحة كل أشكال التمييز، لا تتوفر فيه مواصفات مبادئ باريس للمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان سواء على مستوى مرجعيته أو طريقة تشكيله أو الصلاحيات الموكولة إليه وقبل كل ذلك جهة الاختصاص، إذ تمت إحالته على لجنة القطاعات الاجتماعية عوض لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان؛
- قانون مكافحة العنف، وإن أدمج الجرائم الإلكترونية في عداد العنف، إلا أنه بتركيزه على تشديد العقوبات الزجرية برسم الإدماج في القانون الجنائي، لا يوفر ضمانات ولا آليات كفيلة بتوفير الحماية اللازمة للنساء المعنفات بالتتبع والتكفل والقضاء على الإفلات من العقاب في جرائم العنف المبني على النوع، ولا يشمل العنف الاقتصادي ولا الثقافي؛
- وما زالت مدونة الأسرة، على مستوى المرجعية ومنطوق النصوص، موبوءة بالتمييز، وخاصة في القضايا الجوهرية مثل تعدد الزوجات وتعدد مساطر الطلاق والولاية الشرعية، وتحديد سن الزواج في 18 سنة والإرث وإثبات الأبوة، وتزويج الطفلات القاصرات؛
وفي هذا السياق، فإن اللجنة الوطنية للقطاع النسائي للحزب الاشتراكي الموحد تعتبر أن ضعف مؤشرات التقدم في إقرار المساواة بين الجنسين والمنحى التراجعي يعبر عن غياب إرادة سياسية حقيقية للدولة المغربية، وتعبير صريح عن أن الاضطهاد الجنسي والاستغلال الاقتصادي اللذين تعاني منهما المرأة هو خيار استراتيجي لدولة الاستبداد ألمخزني والتبعية الاقتصادية، وهو المؤسس لكل أشكال الإقصاء والتمييز الأخرى وفي قلبها التمييز ضد المرأة، مما يجعل من النضال من أجل الحقوق الإنسانية للنساء شديدة الارتباط بالنضال من أجل التغيير الديمقراطي الشامل من مدخله الدستوري؛
وبناء على ما سبق، فإن اللجنة الوطنية للقطاع النسائي للحزب الاشتراكي، تتنتهز هذه المحطة لتجدد مطالبها المتعلقة بما يلي:
- التنصيص صراحة في الدستور على سمو المواثيق الدولية والمساواة بين الجنسين دون قيد أو شرط، بأي مبرر كان، وعلى فصل حقيقي للسلط بما فيه فصل السلطة الدينية عن السلطة السياسية؛
- الرفع الكلي لجميع صيغ التحفظ عن اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، وملائمة كل التشريعات المحلية بمراجعة شاملة وجذرية في اتجاه إقرار المساواة وضمان الكرامة الإنسانية للمرأة وحمايتها من كل أنواع وأشكال العنف المبني على التمييز الجنسي؛
- تغيير الصورة النمطية للمرأة القائمة على التوزيع الجنسي للأدوار في البرامج والمقررات التعليمية ووسائل الإعلام لفائدة خدمة وإشاعة ثقافة المساواة بين الجنسين؛
- تحمل الدولة لمسؤوليتها في ضمان وحماية الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية للنساء ولعموم المواطنين والمواطنات في مجال التعليم والصحة والشغل وفي باقي الخدمات الاجتماعية الأخرى؛
- وتعلن عن تضامنها مع كافة الحركات الاحتجاجية التي تشهدها عدد من مناطق بالمغرب من أجل الكرامة والعدالة الاجتماعية والحق في التنمية؛
- تعبر عن تضامنها مع أسيرات وأسرى الحرية في سجون الاحتلال الصهيوني في معركة الكرامة، ومع كفاح الشعب الفلسطيني عموما من أجل حقوقه الوطنية المشروعة؛
- في نفس السياق تدين بشدة تواتر وتعميق سياسة التطبيع مع الكيان الصهيوني وتنضم بصوتها إلى كل الأصوات المطالبة بمناهضته وتجريمه؛
- تحيي كل نساء العالم في نضالهن ضد العولمة الرأسمالية وضد الامبريالية والصهيونية.
إن اللجنة الوطنية القطاع النسائي للحزب الاشتراكي الموحد، انطلاقا من إيمانها بمبدأ ارتباط النضال النسائي الخاص بالنضال الديمقراطي العام، على اعتبار أن إقرار المساواة الفعلية بين الجنسين في القانون وفي الواقع يمر بالضرورة عبر النضال من أجل التغيير الديمقراطي الشامل؛
- تؤكد على أهمية تنسيق وتكثيف الجهود بين كل قوى التقدم وبمختلف مواقع فعلها النضالي السياسية والنقابية والحقوقية والثقافية والجمعوية الأخرى، المؤمنة بالديمقراطية وبالمساواة بدون تحفظ، من أجل أن يسترجع النضالي النسائي الخاص موقعه كرافد أساسي من روافد النضال الديمقراطي.
اللجنة الوطنية للقطاع النسائي للحزب الاشتراكي الموحد
الدار البيضاء، في 7 مارس