الغد 24 خبر الغد تقرأه اليوم

عبد الحق غريب: لماذا لا توجد أي امرأة على رأس إحدى الجامعات العمومية؟

 
عبد الحق غريب
 
أنهت اللجنة المكلفة بانتقاء لائحة المرشحين لشغل منصب رئيس جامعة شعيب الدكالي بالجديدة أشغالها، أمس السبت 29 يوليوز 2023، وبذلك يُسدل الستار على مباريات شغل 12 منصب رئيس الجامعة. وللإشارة، فقد عرفت مباراة شغل منصب رئيس جامعة شعيب الدكالي أكبر عدد من المترشحين (أكثر من 30 مترشحا) ودام إجراؤها ثلاثة أيام، وهي آخر مباراة في سلسلة المباريات، التي أعلن عنها الوزير عبد اللطيف ميراوي، منذ تعيينه على رأس الوزارة.
 
لن أتكلم عمّا صاحب هذه المباريات من أخذ ورد وقيل وقال وطعون، ولا عن إن كانت المباريات شفافة ونزيهة أم لا، ولكنني أود أن أقف عند ملاحظة جوهرية مرتبطة بإحدى أهم المقتضيات التي جاء بها دستور 2011، ألا وهو مقتضى مبدأ المناصفة والمساواة بين الجنسين (الفصل 19 من الدستور).
 
لقد شكل دستور 2011 خطوة متقدمة لتحقيق مبدأ المناصفة، الذي يضمن ولوج النساء للوظائف والمناصب العمومية على قدم المساواة مع الرجال، وكذا تكافؤ الفرص بين الجنسين في تحمل المسؤولية، فضلا عن تنصيصه على إحداث الهيئة المكلفة بالمناصفة ومحاربة جميع أشكال التمييز.
 
ويمكن القول إن السنوات الأخيرة شهدت مجهودات حثيثة لتعزيز تمثيلية المرأة في مراكز القرار، ومشاركتها في الحياة السياسية، وتحمل المسؤولية في المناصب العليا، وذلك انسجاما، من جهة، مع المقتضيات الدستورية، ومن جهة ثانية، مع التزامات المغرب الدولية في مكافحة جميع أشكال التمييز وتعزيز المساواة والمناصفة بين الرجال والنساء.
 
للأسف الشديد، وبعد مضي أكثر من عشر سنوات على إقرار المناصفة دستوريا، وبرغم كل الزخم الذي حققته تمثيلية المرأة في مؤسسات وهيئات التداول واتخاذ القرار، إلا أن مبدأ المناصفة في تحمل المسؤولية على رأس الجامعات ظل حبرا على ورق، ربما لأن العقلية الذكورية ما زالت معششة في عقول وزراء التعليم العالي، وقد يكون على رأسهم الوزير الحالي عبد اللطيف ميراوي. كيف ذلك؟
 
منذ صدور القانون 00-01 وإلى اليوم، أي خلال أكثر من عقدين من الزمن، تحمّلَت ثلاث نساء فقط مسؤولية رئيسة الجامعة (السيدة رحمة بورقية والسيدة عواطف حيار بالدارالبيضاء والسيدة خديجة الصافي بسطات)، وهو ما اعتبره العديد من المتابعين والمهتمين بالشأن الجامعي إساءة إلى سمعة الجامعة، ويخدش صورة ومكانة الأستاذة الجامعية، ولا ينسجم ومقتضيات دستور 2011، سيما الفصل 19 منه.
 
ومع مجيء السيد عبد اللطيف ميراوي كان الأمل كبيرا لكسر هذا الحيف في حق الأستاذة الجامعية، وإنصافها من خلال تعيين سيدة أو أكثر على رأس بعض الجامعات، خاصة وأن هذه الأخيرة تزخر بالطاقات النسوية المشهود لها بالكفاءة والعطاء، ومن العيب والعار ألا يكون التعليم العالي نموذجا لتفعيل واحترام مبدأ المناصفة.
 
للأسف الشديد، ما يُلاحظ في التعيينات التي صادق عليها المجلس الحكومي باقتراح من السيد عبد اللطيف ميراوي، والتي يبلغ عددها إلى حدود اليوم ثمانية تعيينات، هو غياب العنصر النسوي، أي أن الرؤساء، الذين تم تعيينهم لحد الساعة، جميعُهم ذكورٌ.
 
ومع ذلك، يبقى الأمل معقودا على الجامعات الأربع المتبقية (مكناس والرباط ومراكش والجديدة).. والجميع ينتظر ويترقب باهتمام كبير إن كان الوزير ميراوي سيتدارك الأمر ويقترح اسم امرأة لتكون على رأس إحدى الجامعات الأربع، أم أنه سيوجه ضربة موجعة للمقتضيات الدستورية، ولالتزامات المغرب الدولية في مكافحة جميع أشكال التمييز وتعزيز المساواة والمناصفة بين الرجال والنساء، ويعمل على ترسيخ العقلية الذكورية المعششة في عقول المسؤولين، وهو ابن البادية بنواحي الفقيه بن صالح.
 
ترى ما رأي الهيئة المكلفة بالمناصفة ومحاربة جميع أشكال التمييز، والحركات النسائية والهيئات المدافعة عن حقوق المرأة في هذا الإقصاء الممنهج لحرمان المرأة من حقها في أن تتقلّد مسؤولية رئيسة الجامعة؟