لا تقلقوا، ولا تُعاتبوني... أريد فقط أن أقول الحقيقة التي تعرفونها ولا أحد يمكنه نكرانها، ولكنكم لا تتكلمون عنها.
والحقيقة، التي أقصد، هي أنني ألاحظ أنه لا حديث ولا نقاش ولا جدال ولا حتى الهمز واللمز عن الإصلاح البيداغوجي، في أي مجموعة من مجموعات الواتساب، التي أتابع منها 10 مجموعات... حتى في الساحة الجامعية، لا اجتماعات في الشُّعَب ولا جموعات عامة للنقابة الوطنية للتعليم العالي بخصوص انطلاق الإصلاح البيداغوجي ابتداء من شتنبر القادم... لا شيء من هذا أو ذاك...
سيقول عامة الناس إن الأساتذة الجامعيين خبزيون حتى النخاع، وسيقول ميراوي وأخنوش وعبد الوافي وعبد اللطيف وفؤاد وغيرهم إنه لا خوف من الأساتذة الجامعيين..
سيقولون إن نخبة المجتمع وضمير الشعب لا يهمها الإصلاح البيداغوجي، الذي سيرهن أبناء وبنات الشعب لعقود، وأن ما يهمها هو الزيادة في أجورهم وإصلاح أحوالهم..
سيقولون إن طبقة الأنتلجَنسيا (Intelligentsia)، التي يُفترض أنها تُزعج السلطة بأفكارها وعقولها، كل ما يهمها هو الدرجة "د" و3000 درهم... ولا يعنيها في شيء دور الجامعة في إنتاج النخب والمعرفة.
سيقولون إن مقولة "أنا ومن بعدي الطوفان" تنطبق علينا، وإن السيارات رباعية الدفع والفيلات والأرصدة البنكية هو همنا وهي أولويتنا.
الزملاء والزميلات...
لا تنسوا أن المغاربة تابعوكم عندما أقمتم الدنيا ولم تقعدوها وتوحدتم بشكل تحسدون عليه وأضربتم ثم أضربتم ثم طالبتم بمقاطعة الدخول الجامعي... كل ذلك دفاعا عن الجامعة العمومية كما تقولون.
لكن هيهات وهيهات.. تبيّن أن الجموعات العامة الجهوية والمحلية للنقابة الوطنية للتعليم العالي واجتماعات الشُّعَب وشبكاتها والبيانات والتقارير حول الإصلاح البيداغوجي كلها كانت مزايدة للضغط من أجل إخراج النظام الأساسي و3000 درهم... هذا ما سيقولون.
جاء على عظم لسانكم وفي بياناتكم وتقاريركم أن الإصلاح البيداغوجي به أعطاب واختلالات ولا يمكن تطبيقه. ماذا تغير بين الأمس واليوم حتى "ضربتو الطم" مباشرة بعد تسريب مشروع النظام الأساسي الذي ينص على درجة "د" وزيادة 3000 درهم.
لست سعيدا أو مرتاحا بما أكتب الآن، بل إن ما أكتب يسبب لي وجعا وأرقًا.. ولكن غيرتي على الجامعة العمومية التي تسري في عروقي تفرض علي إثارة الانتباه إلى ما يتجاهله البعض أو يغيب عن البعض الآخر، خاصة ما يتعلق بالدور الأكاديمي والمعرفي والعلمي للجامعة العمومية، ومستقبل أبناء وبنات الشعب المغربي.
أعرف أن بيننا مناضلين شرفاء.. وأعرف أن بيننا المهرولين والمطبّلين... وأعرف أن الأغلبية سلبية... لكن لدي اليقين أن الضمير الحي دائما ينتصر، وأنه لن يستسلم الشرفاء وسيبقون يدافعون ويناضلون من أجل إصلاح بيداغوجي جيّد ومنتج وعصري، يستجيب والدور الأكاديمي والعلمي والمعرفي للجامعة ومتطلبات العصر... لن يرحمنا التاريخ وسيسجّل أننا بِعنا الجامعة العمومية مقابل دريهمات لا تغني ولا تسمن من جوع، إذا لم نتحرك!!!