الغد 24 خبر الغد تقرأه اليوم

بنود القانون المنظم للتعليم العالي التي ظلت حبرا على ورق لمدة 23 سنة

 
عبد الحق غريب
 
منذ أن دخل القانون 00-01 المنظم للتعليم العالي حيز التنفيذ سنة 2000 وإلى اليوم، ظلت العديد من بنوده حبرا على ورق، إذ عمد الوزراء المتعاقبون ورؤساء الجامعات ورؤساء المؤسسات على خرق مقتضياته بشكل سافر ودائم، نذكر، على سبيل المثال لا الحصر، المادةَ 5 (الاستقلال البيداغوجي للجامعة)، والمادتين 11 و12 (مهام وصلاحيات مجلس الجامعة)، والمادتين 15 و20 (تكافؤ الفرص في مباريات شغل منصب رئيس الجامعة ورؤساء المؤسسات)، والمادة 17 (موضوع هذه المقالة)، والمادة 22، ومواد أخرى عديدة...
 
من ضمن المواد، التي تم خرقها على مدى 23 سنة، نجد المادة 17، سيما الفقرة الثالثة منه، التي تنص على ما يلي: "تؤهل الجامعات لمنح تعويضات تكميلية لمستخدميها، قصد التشجيع والمنافسة، من مواردها الخاصة المتأتية من أعمال البحث وتقديم الخدمات".
 
ويكمن خرق الفقرة الثالثة من المادة 17 المشار إليها أعلاه على مستويين:
 
المستوى الأول يتعلق بصرف التعويضات التكميلية للأساتذة الباحثين والموظفين من ميزانية التسيير عوض الموارد المتأتية من أعمال البحث وتقديم الخدمات، كما هو منصوص عليه في المادة 17 من القانون 00-01.. وهو ما يعني أن رؤساء الجامعات ورؤساء المؤسسات الجامعية يصرفون للأساتذة الباحثين والموظفين تعويضات من ميزانية التسيير الهزيلة أصلا والمخصصة للتدريس والبحث العلمي، ضدا على القانون.
 
أما المستوى الثاني، فيتعلق بمنح التعويضات التكميلية في غياب أنظمة يحددها مجلس الجامعة، طبقا لمقتضيات المادة 12 من القانون 00-01.. أي أن رؤساء الجامعات ورؤساء المؤسسات يوزعون التعويضات التكميلية على الموظفين بشكل مزاجي، في غياب شبكة معايير محددة وواضحة تهدف إلى التشجيع والمنافسة، كما تنص على ذلك الفقرة الثالثة من المادة 17 المشار إليها أعلاه..
 
للأسف الشديد، يَعمد العديد من المسؤولين إلى حرمان بعض الموظفين من التعويضات إما لتصفية الحسابات أو للضغط والتركيع، عوض توزيعها بناء على شبكة معايير أساسها التشجيع والمنافسة. وفي بعض الحالات يتم صرف التعويضات بشكل غير سليم، إذ يحصل جميع الموظفين على التعويضات بمن فيهم الموظف المتقاعس والشبح، وهو ما يترك استياء عميقا بين الموظفين، خاصة وسط الذين يكدّون ويجتهدون، مما يدفع ببعضهم إلى الإحباط، وبالتالي التفكير في بذل القليل من الجهد في العمل، ما دام رئيس المؤسسة لا يقدر المجهودات والتضحيات، ويساوي بين الموظف المُجِدّ والموظف المتقاعس.
 
لهذا، وبعد توقيع اتفاق 20 أكتوبر 2022 بين النقابة الوطنية للتعليم العالي والحكومة حول الإصلاح الجامعي، الذي نجهل مضامينه وتفاصيله، وخوفا من صدمة "إسقاط" مفاجئ لنسخة من قانون جديد منظم للتعليم العالي، لابُدّ من التذكير أن المطلب الجوهري للنقابة الوطنية للتعليم العالي ومقررات مؤتمراتها الوطنية الأخيرة، هو تعديل القانون 00-01 مع الحفاظ على مكتسباته وتعزيزها، وليس تغييره بقانون جديد منظم للتعليم العالي.
 
ومن أجل ذلك، فإن المكتب الوطني للنقابة الوطنية للتعليم العالي مطالب، بل ملزم بالتواصل مع السيدات والسادة الأساتذة الباحثين، وفتح نقاش واسع مسؤول ومستفيض مع القواعد والأجهزة حول تعديل القانون 00-01، أساسه وجوهره استقلالية الجامعة والتسيير الديمقراطي ومواكبة متغيرات العصر... وسيكون من العيب والعار غض البصر عن مواد أثبتت التجربة، على مدى 23 سنة، أنها حبر على ورق...