عبد الرحمن الغندور يتوسط الراحلتين الشقيقتين ملاك ناجية على اليمين ومليكة على اليسار
الرحيل القاسي لناجية مالك.. وداعا رفيقتي الرائعة
الكاتب :
"الغد 24"
عبد الرحمن الغندور
رحلت الفقيدة ناجية مالك، صباح اليوم الثلاثاء فاتح يويو 2021، بعيدة عن الصخب والضجيج، مثلما رحلت قبلها، منذ 5 سنوات، شقيقتها الإعلامية المقتدرة صديقتنا مليكة مالك.
رحلت العزيزة ناجية مالك في صمت، بعد حياة صاخبة بالنضال والحضور في مختلف الواجهات والمحطات، السياسية والنقابية والمدنية.
عرفتها منذ 52 سنة، حين التقينا كطلبة في السنة الأولى في شعبة الفلسفة، بكلية الآداب بالرباط، هي وزوجها المرحوم حسين حليلي، لنكتشف جميعا، أن ما يجمعنا أكبر من فصول الدراسة، حيث كنا نلتقي ضمن خلايا الطلبة الاتحاديين المنتمين إلى فصيل الاختيار الثوري، الذي يقوده عمر بنجلون وعبد الرحيم بوعبيد وعابد الجابري ومحمد اليازغي... إلخ، ضدا في التوجه البورصوي، الذي كنا نسمي طلبته بـ"المنونيين"، نسبة لعبد اللطيف المنوني، الرئيس السابق للاتحاد الوطني لطلبة المغرب. وهذا التوجّه كان يقوده المرحومان عبد الله إبراهيم والمحجوب بن الصديق.
استمرت علاقاتنا بعد تخرجنا في 1973، إلى أن التقينا في المؤتمر الاستثنائي سنة 1975، وبعده في جميع المحطات الوطنية، نقابيا منذ تأسيس الكونفدرالية الديمقراطية للشغل سنة 1978، وسياسيا في جميع مؤتمرات حزب القوات الشعبية، إلى المؤتمر السادس المسمى بمؤتمر مكتب الصرف، حيث كنا معا من المنسحبين من هذا المؤتمر وأعضاء في الحركة التصحيحية للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، حيث كان لنا شرف صياغة مشروع وثيقتها النظرية نحن الثلاثة، ناجية مالك والأخ محمد الجلايدي، وعبد ربه.
اختلفنا رفاقيا، في طبيعة وتأسيس حزب المؤتمر الوطني الاتحادي بقيادة المرحوم عبد المجيد بوزوبع، واستمر النقاش الأخوي بيننا إلى أن تأكد للمرحومة صدق نبوءتي من أن التيار النقابي لا يمكنه أن يقود حزبا سياسيا طلائعيا، وانتهى المؤتمر الوطني الاتحادي بالانقسام في أول مؤتمر له، حيث خرج منه الحزب الاشتراكي، الذي ساهمت في تأسيسه المرحومة والاخ الجلايدي إلى جانب المرحوم بوزوبع، والذي سينتهي به الأمر في أحضان حزب "العرعار"، بعد أن جمد جل أعضائه نشاطهم السياسي، ومن بينهم الراحلة ناجية مالك.
عاشت الفقيدة ناجية حياة مليئة بالنضال على جميع الجبهات، مما جعلها، في حياتها، مؤهلة لأكثر من تكريم، ولأكثر من اعتراف بما قدمته نقابيا وسياسيا وجمعويا بسخاء كبير وعطاء لا يتوقف، ونكران قوي للذات، ودون طمع أو وصولية مارقة كما يسري اليوم في هذا الزمن الرديء. لكن زمن التدني والتردي والنكران والجحود يأبى إلا أن يغيّب المناضلين والمناضلات، أصحاب العفة والنقاء، دون أن ينالوا حقهم من التكريم والاعتراف.
مهما سجلت حزني وكمدي على هذا المصاب، ومهما سردت من فضائل المرحومة، لن أنصف نفسي في ما أحسه، ولن أنصف الفقيدة في ما تستحقه.