العياشة.. ضعف التجربة السياسية أساء إلى تدبير حراك الريف ما جعل التوصيف يفقد معناه
الكاتب :
"الغد 24"
فجري الهاشمي
لدي صديق لقبه العائلي "عياش"، قال لي ذات يوم من الأيام، التي كان فيها حراك الريف مشتعلا "هاذ الناس خسّروا لينا سميتنا"، وهو يقصد طبعا التسمية appellation، التي أطلقها أبناء الريف على كل من خاصم حركتهم أو انتقدها، وقد انتشرت هذه التسمية بحيث إنها لم تعد موجّهة لأنصار المخزن، بل تعدتها إلى أولئك الذين لا يتفقون مع طريقة تدبير الحراك ولو من مواقع يسارية.
للسوسيولوجيا دورها هنا في تبيان ما تختزنه بعض الكلمات من معاني ودلالات، هل تسمية عياش تحمل في طياتها كرها للدولة (المخزن)؟؟؟ وهل الطريقة العنيفة التي يُقذف بها المنعوتون بها تعكس حدة الكره والحقد؟؟؟ وهل لذلك علاقة بالحكرة التاريخية التي يستبطنها أهالي المنطقة في الوقت الذي كانت ثورتهم تستحق التقدير والإكبار، الذي نالته دوليا؟
بين الشرف الكبير، الذي حظيت به الثورة الريفية والتجاهل الذي قابلتها به الدولة المغربية ضاعت المنطقة بين نكران تاريخها القوي والمليء بالبطولات، وبين استحضاره من طرف الشباب الذي لا يريد أن يكون هذا التاريخ وراءه، بل أمامه، من خلال رد الاعتبار لهذه المنطقة والاهتمام بها، وهو السر الذي فجّر الحراك، والذي ربما أراد الفاعلون أن يقولوا لمن يهمهم الأمر: عاملونا على قدر تاريخنا وتضحياتنا...
في ورقة سابقة حول الحراك كنا قد اعتبرنا أنه قد حصل صدام بين التاريخ الكلي الذي تمثله الدولة، والتاريخ الجزئي الذي تمثله منطقة الريف، وأن هذا الصدام هو نتيجة لكون التاريخ الكلي لم يُدمج التاريخ الجزئي بل همّشه...
هل كان إطلاق كلمة عياشة على من خالفوا كلمة أنصار الحراك أمرا سليما أم إن الحراك فقد العديد من المتعاطفين؟
يبدو أن ضعف التجربة السياسية أساء إلى طريقة تدبير تلك المعركة، وعوض أن يقع التركيز على رموز الفساد وقع التهجّم على رموز الدولة بكاملها، وهو أمر سوف يحرك الكثير من العياشة، وسوف تفقد الكلمة معناها نتيجة هذا الانزلاق...
ملحوظة: التاريخ الكلي هو التجسيد لتاريخ الدولة والذي يعبر عن كل مراحل تطور الأمة باعتبار الدولة تسعى دائما إلى أن تكون المحتكر له...