عن إضراب الزفزافي ومن معه.. 5 أسباب تفرض التدخل من أجل إنقاذ المضربين وتأمين حقهم في الحياة
الكاتب :
"الغد 24"
نوفل البعمري
في ملف إضراب الزفزافي وأحمجيق وغيرهم عن الطعام، الذي تجاوز 20 يوما، والذي ستكون له بالتأكيد مضاعفات صحية ونفسية على المضربين، ومع النقاش الذي فتح حول هذه الخطوة وتداعياتها، خاصة على مستوى الخروج الآمن منها انتصارا لحق الجميع في الحياة، وبعيدا عن المزايدة بأرواح وحياة المضربين عن الطعام، التي نشاهدها على وسائل التواصل الاجتماعي فقط لتأزيم الوضع سياسيا أكثر من الدفاع عن المضربين وعن مطالبهم، فإن ما نحتاج قوله بوضوح، في هذا الموضوع، يتجه نحو خمس نقط أساسية كمدخل لإنهاء هذا الإضراب عن الطعام، وكمخرج كذلك للملف ككل بمنطق رابح/رابح وبمنطق التوجه نحو المستقبل.
أولا، ما نحتاج إليه هو ارتفاع أصوات العقل والحكمة من هنا وهناك... حتى ولو كان مُكلّفا، إذ في الغالب تتعرض هذه الأصوات للتهجم بكل أصنافه، قصد إخراسها لصالح أصوات التصعيد، التي تؤزم الملف وتعقّده أكثر مما ستؤدي إلى الدفع به نحو حلحلته والتمهيد لحله، لذلك فصوت العقل هو أكثر ما نحتاجه، اليوم قبل الغد، رغم أنه مكلف، لكن الشجاعة تقتضي رفع الكلمة، وقول ما يجب قوله في توقيته المناسب...
ثانيا، يظل المجلس الوطني لحقوق الإنسان، كمؤسسة وطنية معنية، بموجب الدستور، بحماية مختلف الحقوق، وبضرورة التدخل عندما يتعلق الأمر بتهديد حقيقي لإحداها، خاصة إذا كان هذا التهديد موجها، اليوم، للحق في الحياة، الذي يعتبر من الحقوق الأساسية المنصوص عليها في ميثاق الأمم المتحدة وفي الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، ويجد امتداده في جل الاتفاقيات الدولية المعنية بحماية حقوق الإنسان، حيث تتمحور مختلف الحقوق على ضمان الحق في الحياة، وإذا كانت رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان قد سبق لها أن أعلنت عن عدم قيامها بالوساطة في الملف للأسباب التي تم ذكرها في حينه، لكن المجلس الوطني لحقوق الإنسان، اليوم، مطالب بالتدخل، وليس القيام بمهمة الوساطة، لإيجاد مخرج قصد إيقاف هذا الإضراب، من خلال الاستماع للمضربين، ومحاولة إيجاد الحلول لمختلف ما يتم طرحه من مطالب في حدود الممكن، وحسب أولويتها بغض النظر عن خلفية الإضراب أو مطالب المضربين، فهناك اليوم الحق في الحياة أصبح مهددا، والمجلس على رأس مهامه حماية الحقوق وفي مقدمتها الحق في الحياة، قد تكون تصريحات الزفزافي الأب "مستفزة" للمجلس، لكن لا يمكن أن تكون سببا لتجاهل الإضراب وأرواح المضربين، فعندما تتهدد حقوق أساسية لأي مواطن، كيفما كانت مساحة الاختلاف معه أو من الأسباب التي أدت لاعتقاله وتقييمنا لنا، فيجب أن يتوقف النقاش فورا وتتحول وجهتنا لكيفية إنقاذ الأرواح...
ثالثا، إن المعتقلين المفرج عنهم، في إطار العفو الملكي، خاصة الفوج الأخير الذي يضم أسماء قيادية، سواء من الصف الأول أو الثاني من المجموعة، خاصة بعضهم ممن يوصفون بـ"الحكماء"، قد يكون لهم دور في هذا الملف، أولا وبشكل مستعجل، في إقناع المضربين بإيقاف الإضراب والدخول في حوار حول المطالب التي يرفعونها، باعتبارهم معتقلين سابقين على خلفية أحداث الحسيمة.
رابعا، إن العقلاء من الفاعلين الحقوقيين والمدنيين يجب أن يفسح لهم المجال في هذا الباب، وأن يفكروا في التوجه نحو مختلف الأطراف من أجل إيجاد صيغة معينة لفك الإضراب.
وخامسا، وعلى سبيل الختم، ففي نهاية المطاف لو زهقت روح لا قدر الله، سنخسر جميعا وسنندم جميعا على فرص كان يمكن أن نستغلها لنتدخل لإنقاذ أرواح المضربين، وعندما نطالب بحماية حقهم في الحياة، فالأمر لا يتعلق بمناقشة الملف في جانبه القضائي، هذا الملف ككل يظل طيه من خلال برنامج المصالحة الذي أعلنت عنه الدولة وسبق لعدة معتقلين ممن كانوا في نفس وضعيتهم أن دخلوا فيه، أي برنامج المصالحة، هذا البرنامج يظل صيغة ملائمة لطرح مختلف الإشكالات التي قد تكون عند الدولة أو عند المعتقلين، قد يطول للوصول لصيغة توافقية تنهي الملف وتؤدي لخروج ما تبقى من المعتقلين بعفو ملكي، لكن من المهم أن تنطلق الخطوة بروح إيجابية من الطرفين ومن الجهتين، وفي ذلك لا يوجد أي انتقاص من المعتقلين، بل ستكون مناسبة لمعانقة الحرية ولممارسة الحياة السياسية أو المدنية من بابها الطبيعي...