قبل أشهر، أطلق المجلس الوطني لحقوق الإنسان حملة لمناهضة التحرش والاعتداء على النساء، وخاصة في أماكن العمل، كما قام بـ"الانتصاب" كطرف في الدفاع عن المشتكية بالصحافي عمر الراضي، وسمى ذلك بأنه "ملاحظة" المحاكمة، وفي تقديم تقريره المعنون بـ"خلاصات أولية بشأن ملاحظة محاكمة السيدين سليمان الريسوني وعمر الراضي، على خلفية جنايات متعلقة بالعنف الجنسي"، يقول "استحضارا لمحورية مكافحة الاعتداء والعنف الجنسي، بالنسبة للمجتمع والمواطنات والمواطنين، لاسيما ضد الفئات الهشة". ويوصي بـ"ضرورة وضع آلية للتكفل الطبي والنفسي والقانوني لضحايا أشكال الاعتداء والعنف الجنسي".
كما أن رئيسة المجلس صرحت بتضامنها مع "الضحايا"/ المشتكيات بالصحافي توفيق بوعشرين، واعتبرت أن التحرش الجنسي في أماكن العمل انتهاك حقوقي كبير، وذلك أثناء لقائها بدفاع المشتكيات في يونيو 2019.
أسباب التذكير هاته تتعلق ببلاغ صدر عن المندوبية الوزارية لحقوق الإنسان، يتعلق بشأن "إحالة ملف تحرش جنسي على النيابة العامة".
البلاغ يتعلق بـ"المسؤول السابق على قسم الشؤون الإدارية والمالية"، حيث تقدمت أربع نساء بشكايات إدارية ضده ابتداء من سنة 2014، يتهمنه بالتحرش الجنسي.
وفي نهاية 2020، فتح تحقيق إداري داخلي توصل إلى صدقية تصريحات النساء والاتهامات الموجهة إليه. وبناء على نتائج التحقيق، قرر المندوب الوزاري إحالة التقرير والملف "بعد استنكاره الشديد، والاعتذار للمشتكيات عما حصل لهن داخل فضاء المندوبية، بإحالة الملف على رئاسة النيابة العامة، لتتخذ ما يلزم في نطاق القانون".
وأضاف البلاغ أن المعني بالأمر، أي المسؤول السابق على قسم الشؤون الإدارية والمالية، والمتهم من قبل زميلاته الأربع في العمل "قد غادر إدارة المندوبية". انتهى بلاغ المندوبية.
هذا فقط الجزء الأول من القصة...
الجزء الثاني، يتعلق بكون المعني بالأمر غادر سفينة مندوبية حقوق الإنسان، واحتضنته السيدة أمينة بوعياش، رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان، كإطار عالي في ديوانها، وبعد عملية إعادة هيكلة مديرية الشؤون المالية والبشرية والإدارية بالمجلس الشهر الماضي، قامت بترقيته من رئيس قسم سابق، وعينته مدير الشؤون المالية والإدارية الحالي بعد إعفاء المديرة السابقة.
خلاصات
يتحمل المسؤولية، أولا، الكاتب العام الحالي للمندوبية الوزارية لحقوق الإنسان، لكونه هو الرئيس المباشر والمسؤول عن الرئيس السابق لقسم الشؤون الإدارية والمالية (المشتكى به...)، والنقط الثلاث، هنا، مقصودة، حتى لا أٌقول شيئا آخر.
وتتحمل مسؤولية الفضيحة، ثانيا، أمينة بوعياش، التي "بحّ" صوتها بحماية النساء ضحايا التحرش الجنسي، بتوظيف مشتكى به من قبل أربع نساء، ووجود تقرير إداري رسمي للمندوبية الوزارية لحقوق الإنسان يؤكد صدقية رواية الضحايا ضده، و"هروب" من المتابعة والمسؤولية الإدارية، بتقديم استقالته، فتعيّنه السيدة "حامية" حقوق النساء في ديوانها، وبعدها "المدير بالنيابة لمديرية الشؤون المالية ومراقبة التسيير"...
هكذا يتم حماية وتكريم المشتكى بهم في التحرش الحنسي "الحقوقي الرسمي"!
ملحوظة
قد يقول البعض إنني لم أذكر لا مصطفى الرميد ولا شوقي بينوب.
بخصوص الأول، مسؤوليته السياسية انتهت.
بخصوص الثاني، مبادرته بإحالة الملف على القضاء، يكون قد برّأ ذمته، وكذلك لكون مرسوم تفويض ممارسة اختصاصاته الإدارية لم ينشر بعد في الجريدة الرسمية (مما يؤكد مسؤولية الكاتب العام للمندوبية)، وكون المشتكى به قدم استقالته قبل تحريك أي متابعة إدارية، وأخيرا شجاعة بنيوب في الاعتذار للضحايا، كلها عوامل دفعتني إلى عدم تحميله المسؤولية.