ليس هناك أجدى ولا أجدر من الملك ليكون نموذجا للتنمية.. واجبه ومجال اختصاصه أن يصمم عقيدة الحكم ويوضح رؤية التعاقد المطلوب، ويضع وتيرة التنفيذ وتقييمه المستمر، كرئيس دولة فاعل مسؤول، معني أكثر بتقوية الدولة وتقوية المجتمع معا..
هل هو وحده؟
في التخطيط والاختيار والرؤية وقياس الإيقاع، نعم.. أما في سياسات التنفيذ، والبرمجة وقياس مؤشرات التنفيذ والأثر، فلا.
ومن زاغ يُحاسب ومن سرق يُسجن ومن نام يُصلب، لتجديد الثقة في الدولة وليس تجديد الخوف منها...
ما عدا ذلك فستتيه البوصلة في وسط عدد لا متناهٍ من التقارير والتوصيات الفضفاضة المتكررة، التي يتكلم فيها الجميع، ويخطب فيها الجميع، ويُنظّر فيها الجميع بدون ترسيم حدود المسؤوليات، من أكثرها استعجالا إلى أكثرها بنيوية. الكل اليوم يطبّل (المقصود هنا التطبيليون فيما هناك نخبة تتسلّح بالموضوعية والجدارة في المقاربة) للنموذج التنموي الجديد.. وهو موقف تكسّبي يضر بالوطن وبالملك.. الكل اليوم يحتفي بالجدة والجودة التي أتى بها التقرير حتى ولو كان، في جزء منه، تكرارا لكل ما نعيشه ونفكر فيه ولا نقوله ربما. الجديد الذي أتى به ليس في نظري موجودا في مضامينه، بل موجودا في شكل وسياق ومرامي خروجه كوثيقة للمصالحة ليس مع الشرطة أو الجيش والإدارة، بل المصالحة مع التنمية كحقيقة وعقل لا يقبل التناقض: التناقض بين الخطاب والواقع، بين القانون والحياة، بين الثروة والمساواة، بين المغرب وسكانه.
أظن أن الدولة تستنفد خطاباتها ووعودها ووعيدها... تستنفد ما يبرر وجودها أصلا، وترفع السقف عاليا وواضحا: إما أن ننمو، وإما أن نذوب كلنا في قرون وسطى تعيش بيننا وتستدرجنا وتنتظر إخفاقنا...
لينصرك يا محمد السادس، ليس علينا، لأننا معك، بل على وعودك الجسيمة وانتظاراتنا وتحديات مُلكك الذي وهو يكبر، ستكبر معه حتما شرعيتك ومشروعيتك...