الوزير الصغير محمد أمكراز يستهتر بأصوات وإرادة الناخبين من فنانات وفنانين
تعاضدية الفنانين تفضح السلوكات المشبوهة لوزير التشغيل وشططه في استعمال السلطة
الكاتب :
"الغد 24"
قرر المكتب الوطني للتعاضدية الوطنية للفنانين، المنتهية ولايته، أنه سيلجأ إلى القضاء وتحريك مسطرة الطعن في قرار وزارتي الشغل والإدماج المهني ووزارة الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة، بتطبيق الفصل 26، القاضي بحل المجلس الإداري للتعاضدية، باعتباره، وفق بيان أصدره المكتب الوطني، وتوصل موقع "الغد 24" بنسخة منه، قرارا جائرا وتعسفيا ولا يستند على أي بيانات واضحة ولا مبررات معقولة، وينم على شطط في استعمال السلطة.
ونظرا للأهمية البالغة لهذا البيان، نورد نصه الكامل في ما يلي:
بينما كان عموم الفنانين المغاربة منهمكين في المشاركة أو التتبع لأطوار المؤتمر الوطني الثاني للتعاضدية الوطنية للفنانين الذي التأم، عن بعد، يوم الأربعاء 20 يناير 2021، في إطار جموع عامة قطاعية لانتخاب مناديب جدد للولاية الجديدة (2021-2027)، عبر منصة رقمية، وبينما كانت لجنة الانتخابات المستقلة تتابع وتراقب سير العملية الانتخابية عن كثب داخل المقر المركزي للتعاضدية بالدارالبيضاء، فوجئت إدارة المؤتمر وأعضاء اللجنة التحضيرية الموجودين في ذات المكان، بقدوم مفوض قضائي، في مساء ذات اليوم على الساعة الرابعة والنصف مساء، أي في اللحظات الأخيرة للانتخابات، لتبليغ التعاضدية بـ"قرار مشترك لوزير الشغل والإدماج المهني ووزير الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة بإسناد السلطات المخولة للمجلس الإداري للتعاضدية الوطنية للفنانين إلى متصرفين مؤقتين"، وذلك، نظرا، حسب ما جاء في ديباجة القرار، "للاختلالات الخطيرة المسجلة في تسيير التعاضدية...".
ومما جاء في ذات القرار، المؤرخ بـ14 يناير 2021، أنه "يتعين على المتصرفين المؤقتين إجراء انتخابات جديدة في ظرف (3) ثلاثة أشهر ابتداء من يوم 14 يناير 2021".
تأسيسا على ذلك، فإن المكتب المسير للتعاضدية المنتهية ولايته والذي دعا لعقد المؤتمر الوطني الثاني المذكور ونظم سائر أطواره، يعبر لكل المنخرطات والمنخرطين في التعاضدية وعموم الفنانين المغاربة والرأي العام الوطني عن استغرابه الشديد لهذا القرار الإداري وتوقيته وتعليله الفضفاض والملتبس بحيث:
* من المفروض أن يُتخذ هذا القرار أثناء سير الولاية لا بعد انتهائها وليس أثناء فترة انتخابات، علما أن مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة، إن وجدت دلائل عليه، لا يسقط بعد تنصيب هياكل جديدة، مما يعني أن الحكومة استعملت فصلا في غير محله لإيقاف مؤتمر قائم وحصر مسلسل ديمقراطي لا يحق لها حشر أنفها فيه، والقضاء وحده من يمكنه التدخل في هذه الحالة.
* لقد تم، في وقت مبكر، إشعار السيد وزير الشغل والإدماج المهني، باعتباره السلطة الحكومية الوصية على قطاع التعاضد، والسيد مدير هيئة مراقبة التأمينات والاحتياط الاجتماعي، بقرار وتاريخ عقد المؤتمر الوطني الثاني (20 يناير 2021)، بل وطلب منهما انتداب من يمثلهما في لجنة الانتخابات المستقلة للمشاركة في الإشراف على الانتخابات وتتبعها ومراقبتها وفرز النتائج والإعلان عليها، وتم إخبارهم بمكونات هذه اللجنة المستقلة وفق المقرر التنظيمي للمؤتمر؛ إلا أنهما لزما الصمت ولم يكترثا لهذه المراسلة نهائيا، مما يعني ثبوت نية سيئة في إيقاف مؤتمر سار من جهة، ومن جهة أخرى عدم احترام للفنانين والمرشحين المشاركين، بقرار في غير محله؛ وانتظر السيد وزير الشغل والإدماج المهني حتى وقت التئام المؤتمر، بل في اللحظات الأخيرة لانتهاء عمليات التصويت، لكي ينزل على التعاضدية بالخبر الصاعقة وكأنه انتصر في حرب مع الزمن... إذ كان عليه، رغم كل ما في القرار من ارتجالية، كما هو مبين أعلاه، ومن باب المسؤولية والحياد والحكمة والحكامة، أن يستبق الزمن ما دام في حرب مع الزمن، وأن يخبر التعاضدية بالقرار المتخذ بتاريخ 14 يناير 2021 قبل انعقاد المؤتمر، وأن يسعى إلى توقيف مسلسل التحضير لهذا المؤتمر بناء على ذات القرار، تفاديا لهدر الزمن والجهد، واحتراما للفنانات والفنانين المنخرطين المرشحين والمعنيين بانتخاب المناديب.
وما دامت المادة الثانية من القرار تنص على أن المتصرفين المؤقتين ملزمون بإجراء انتخابات جديدة "في ظرف 3 أشهر ابتداء من 14 يناير 2021"، أي أنه مشمول بالنفاذ المعجل، فلماذا لم يلتحق المتصرفون الأربعة بمقر التعاضدية إلا في صبيحة يوم 21 يناير 2021، أي غداة وضع الإخبار بالقرار لدى مكتب التعاضدية، والأحق أنه كان عليهم أن يباشروا مهامهم يوم 15 يناير إن لم نقل يوم إصدار القرار أي 14 يناير.. ألا يدل هذا على نية وقصدية التأزيم والاستفزاز والاستقواء بقرار حكومي يعتقد أنه لا يمسه الباطل من ظهره ولا من باطنه؟
القرار الذي ينص الفصل 26 على أن يكون معللا، جاء بدون تعليل ولا تفسير لأسباب النزول، واكتفى بعبارة "نظرا للاختلالات الخطيرة في تسيير التعاضدية" الواردة في ديباجة القرار؟ ترى هل هي اختلالات مالية؟ أم اختلالات تنظيمية؟ أم اختلاسات؟ أم تضارب في التسيير؟ أم ماذا؟ إن هذه العبارة الواردة في القرار تنطوي على لبس وغموض مقصودين، يخفيان نية في التشكيك في الذمة، إذ أن مفرداتها تعطي الانطباع مباشرة بأن الأمر يتعلق باختلالات مالية، الشيء الذي لم يتم الإفصاح عنه في نص القرار بصريح العبارة، ولم يتم إثباته بالحجة والبرهان، وفرضا، فلماذا انتظرت الوزارة كل هذا الوقت في وقت انتهت صلاحية الهياكل؟ إذ أن غاية الفصل 26 هو ضمان تسيير التعاضدية إلى حين تمكين المنخرطين من انتخاب مجلس إدارة جديد، وهو ما قامت بعكسه في الدقائق الميتة وتدخلت في أمر هو من اختصاص القضاء، وضد منتخبين جدد بإمكانهم أنفسهم أن يتأكدوا من وجود هذه الاختلالات من عدمه وأن يرفعوها للقضاء والقضاء فوق الجميع.
أما إذا كان المقصود بعبارة "الاختلالات الخطيرة" ما يتعلق بالشؤون الداخلية والتنظيمية للتعاضدية، فإنه لا يخفى على أحد ما عاشته التعاضدية من أزمات تنظيمية وخلافات بين مسيريها أدت فعلا إلى اختلالات خطيرة، بسبب الاستقالات المتتالية للسيد الرئيس من جهة (ثلاث استقالات في أقل من ثلاث سنوات)، وبسبب استبعاد بعض المندوبين من جهة أخرى، مما تولّد عنه وضع صعب كان يتعين معه على وزارة الشغل والإدماج المهني التصرف بحكمة في حينه عوض الإنصات بأذن واحدة لطرف واحد والانحياز له بدون وجه حق، وحتى في هذه الحالة فاستعمال الفصل 26 لا محل له من الإعراب؛ وإلا لماذا لم تبارك وزارة الشغل مبادرة الصلح التي أجراها الرئيس المستقيل مع هياكل التعاضدية، ولم تعترف بآخر استقالة قدمها في جمع عام حضره وشارك فيه بعض المستبعدين، حيث انتخب المناديب رئيسا جديدا بالإجماع بعد أن رحبوا بمبادرة الصلح وقرروا إرجاع سائر المستبعدين وتمتيعهم بالاستفادة من التغطية الصحية التي حرموا منها جراء قرار استبعادهم؟؟؟ فإذا كان المقصود بعبارة "اختلالات خطيرة" هذه الأزمات التنظيمية، فإن الوزارة تتحمل جزءا كبيرا من المسؤولية في هذه "الاختلالات الخطيرة" وفي عدم قدرتها على تطويق الأزمة بل وفي تعميقها، والحال أنه كان على وزارة الشغل والإدماج المهني، وعلى رأسها السيد الوزير باعتباره مسؤولا سياسيا، أن تكون جزءا من الحل وليس جزءا من المشكل.
وإذ يسرد مكتب التعاضدية الوطنية للفنانين هذه المعطيات الغريبة، والسلوك المشبوه من قبل الوزارة الوصية، فإنه يقر بأن التعاضدية الوطنية للفنانين دأبت، منذ تأسيسها سنة 2008، على تبليغ حصيلتها وتقاريرها المالية السنوية لكل السلطات الحكومية المعنية وعلى رأسها وزارة الشغل ووزارة المالية والمجلس الأعلى للحسابات والمؤسسات المانحة (وزارة الثقافة، وزارة الاتصال، المركز السينمائي المغربي) ولم يسجل، طيلة 12 سنة من التجربة، أي خلل مالي أو إداري، بل لم تخضع التعاضدية لأي فحص مالي من طرف أي جهة مخول لها ذلك. فعلى ماذا اعتمد القرار المشترك بين وزيري الشغل والمالية؟ والذي لم يحدد مصدر هذه الاختلالات وتاريخها ومضمونها... لأن الولاية المنتهية، (والتي تمتد من تاريخ 21 دجنبر 2014 إلى 21 دجنبر 2020)، تعاقب على تسييرها ثلاثة رؤساء، وعدة مكاتب، ولا يحدد القرار من المعني منهم بهذه الاختلالات ولا الفترة التي سجلت فيها، مما يؤكد أن القرار متهافت لإيقاف مسلسل ديمقراطي والحل محل القضاء.
أمام كل هذه الاعتبارات، فإن المكتب الوطني للتعاضدية المنتهية ولايته، والمشرف على المؤتمر الوطني الثاني، والمطالب باستكمال الهياكل التي ستنبثق عن مجلس المناديب الجدد المنتخبين، يعتبر أن القرار المشترك بين وزير الشغل والإدماج المهني ووزير الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة قرارا مرفوضا مبدئيا إلى أن يتبث القضاء عكس ذلك، لكونه قرارا جائرا وتعسفيا ولا يستند على أي بيانات واضحة ولا مبررات معقولة، وينم على شطط في استعمال السلطة، ومن ثمة فإنه لم يتبق للتعاضدية الوطنية للفنانين سوى الالتجاء للقضاء وتحريك مسطرة الطعن في هذا القرار الحكومي الجائر لإرجاع الأمور إلى نصابها، ولحماية التعاضدية الوطنية للفنانين من كل محاولة للاستحواذ أو الاستعمال ضدا على الشرعية والديمقراطية.
ختاما، يجدد المكتب المنتهية ولايته، أسفه الشديد لما وقع من استهتار بأصوات المنتخبين وبإرادتهم الحرة، ويعلن للمناديب المنتخبين الجدد أنه سيواصل المعركة، بكل الوسائل المشروعة، التي يتيحها القانون، من أجل انتصار الديمقراطية وحماية أصوات ناخبيهم وحماية نتائج الانتخابات، التي أسفرت عن فوزهم، ويهيب بهم جميعا من أجل مواصلة اليقظة والتعبئة المتضامنة والموحدة لاستكمال الهياكل ديمقراطيا، بانتخاب مجلس إدارة جديد ومكتب جديد ورئيس جديد وفق النظم الأساسية للتعاضدية...
ولأننا واثقون في قضائنا، فبيننا وبين وزارة الشغل والإدماج المهني رحاب العدالة المغربية بما في ذلك الإفصاح عن تلك "الاختلالات الخطيرة"، والكلمة الفصل للقضاء.. والله تعالى نسأل التوفيق والإنصاف والنصر.
وحرر بالدارالبيضاء بتاريخ 23 يناير 2021