الغد 24 خبر الغد تقرأه اليوم

ثقافة الاستقالة

 
عمر الشرقاوي
 
مع انفجار أي فضيحة أو كارثة أو قانون سيء الذكر، تطفو للسطح مطالب الرأي العام باستقالة المسؤولين، وهذا رد فعل طبيعي من المواطن الذي آمن بخدعة المسؤولية والمحاسبة، لكن سرعان ما تذهب أمانيه بإزاحة المسؤول أدراج الرياح وتعود حليمة إلى عادتها القديمة، لماذا؟
 
لأن استقالة وزير أو مدير أو مسؤول، كيفما كان وضعه، هي قبل أن تكون قرارا إداريا، هي ثقافة يتربى عليها المسؤول عن إدارة الشأن العام بصفة عامة. للأسف ليس لدينا المسؤول، الذي يعرف متى يجب عليه أن يتخلى عن منصبه والاعتزال بكل شجاعة وجرأة. ليس لدينا طينة المسؤول الذي يعرف وضع حد إرادي لمساره دون تدخل قوة أخرى تجبره على ذلك. ما لدينا هو طينة من المسؤولين، همهم الوحيد التشبث بالمناصب والعض عليها بالنواجد، رغم حالات الإخفاق، التي تصاحبهم، والفضائح التي تطال تدبيرهم، لسبب بسيط أنهم لا يرون أنفسهم خارج المنصب الذي يمنحهم السلطة والامتيازات ومركب المصالح وتأمين ما تبقى من الحياة.
 
لنكن صرحاء: كم من وزير أو مسؤول قدم استقالته بعد وقوع خطأ كبير أو فشل أو فساد؟ لا أحد طبعا، بل بالعكس، يجتهدون، خلال ضبطهم متلبسين، في البحث عن كبش فداء أو الاحتماء بالصمت لمدة أو تقديم تبرير عبيط للهروب من المساءلة.
 
في بلاد الإفرنجة تسمع خبرَ وزيرٍ استقال لأنه استغل بطاقة البنزين لسيارته، وآخر استقال لأنه ضُبط يراسل قاصرا، وآخر استقال لأن زوجته استفادت من تعويض، لكن نحن يمكن أن يقوم المسؤول بالكوارث والفضائح ولن يفكر في الاستقالة، اللهم إذا نزل عليك قدر ملكي أبعده عن المشهد أو تكفل به ملك الموت شخصيا...