الغد 24 خبر الغد تقرأه اليوم

حصري وخطير.. الفضائح تزكم الأنوف في تعاضدية الموظفين من تسريب وثائق داخلية إلى ترقية الزبناء

 
جلال مدني
 
في ظل الفوضى، التي أصبحت تعيش فيها التعاضدية العامة لموظفي الإدارات العمومية، في ظل رفيق الأزمي الإدريسي، المتصرف المؤقت خديم محمد أمكراز، وزير التشغيل والإدماج المهني، تحوّلت التعاضدية إلى بؤرة للفضائح، ومرتع للمخبرين والبرگاگة من كل الأصناف والأنواع، وسنعود إلى السبب وراء ذلك بعدما نتوقف عند هذه الفضيحة الجديدة...
 
الفضيحة الجديدة، تتمثل في تسريب الوثيقة التالية، وهي خاصة بالمنح والتعويضات نصف السنوية لعدد من مسؤولي التعاضدية، لنتأمل فيها أولا، ونحلل دلالتها الفضائحية ثانيا:
 
 
أولا، تسريب هذه الوثيقة هو فعل مدان، باعتبره جريمة إلكترونية، يجرّمها القانون، وتتطلب وضع ملفها لدى الجهة الأمنية المختصة ضمن الشرطة القضائية، للتحقيق في مصدر التسريب، باعتبار فعل التسريب حصل بإحدى وسيلتين: إما من قبل المسؤول عن النظام المعلومياتي، وإنما من طرف آخر نجح في اختراق هذا النظام، واستخراج الوثيقة... وفي الحالتين معا، فقد تحولت التعاضدية من مؤسسة محترمة بقواعد محترمة إلى ما يشبه الزريبة، أو "الكوري"، اللي جا يدير فيها يديه، يدخّل ليها اللي بغا، ويخرّج منها اللي بغا، بمعنى آخر، وأكثر مباشرة، سمحوا لي راه القصد هو أن التعاضدية تحوّلت مع الأزمي خديم أمكراز إلى ما يشبه "الماخور"، اللي ما عندو لا نظام معلومياتي ولا تا وزة!
 
ففي هذه الحالة، التي أصبح النظام المعلومياتي مفتوحا ومشرعا لكل من هب ودب، راه ما بقات لا إدارة ولا مؤسسة ولا جمعية ولا والو... والحل الوحيد خص هاذ الملف يمشي نيشان لفرقة الجرائم الإلكترونية للشرطة القضائية في الرباط...
 
ثانيا، كما يظهر من الوثيقة، فإن المنح والتعويضات المرصودة لعدد من مسؤولي التعاضدية ضخمة جدا. لابد من الإشارة إلى أن المنح والتعويضات نصف السنوية تبقى قانونية ومشروعة، وملاحظاتنا، هنا، لا تتعلق بهذا الجانب القانوني، وإنما بحجم هذه المنح، وطبيعتها ومساطر تحديدها وتوزيعها، بمعنى: هل هذه المنح الضخمة خاصة فقط بهؤلاء المسؤولين أم هي عامة تشمل جميع المستخدمين في التعاضدية؟ سؤال آخر أكثر أهمية: ماذا عن المستخدمين في المندوبيات، البعيدين عن الإدارة المركزية؟ علما أن هذه المنح، التي تتعدى 20 ألف درهم كما هو ملحوظ، نجدها عند بعض المستخدمين لا تتعدى ألف درهم، بل الأدهى أن هناك مستخدمين لا يحصلون سوى على مائة درهم، لتسمين منح الآخرين الذين تُمنح لهم بخمسة أصفار على اليمين!
 
ثالثا، هذه الوثيقة المسربة خارج القانون، يوزعها شخص اسمه مولاي علي الليلي، ومعه شخص من فصيلته من شرذمة المخبرين اسمه التهامي بلمعلم، وينشرها بمواقع التواصل الاجتماعي... وهذا خطير جدا يفيد أن هناك، في قلب التعاضدية، عصابة منظمة، تحاول خلق البلبلة والفوضى، بنشر أسماء المستفدين من المنح عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وهو عمل دنيء وجريمة يعاقب عليها القانون، ولا نعرف ماذا ستفعل إدارة التعاضدية مع هؤلاء، الذين يوجدون في حالة تلبس بجريمة تسريب وثائق إدارية في ظل التسيير الأرعن للمتصرف المؤقت... إذ لابد من الضرب بيد من حديد على كل شخص إطار أو مستخدم داخل التعاضدية، يستغل وجوده وعمله ومنصبه للتحصل على وثائق داخلية ويسربها للعموم لأهداف مبيتة، تريد نشر الفتنة، وضرب المستخدمين بعضهم ببعض، وتأليب وتجييش الكراهية والحقد ضد الأسماء الموجودة في الوثيقة المسربة...
 
رابعا، وفوق هذا وذاك، فإن الخطورة القصوى لهذه العملية التسريبية هي فتح باب التجسس على المعطيات الشخصية للمستخدمين والمؤمّنين، ألم تكن هذه هي الحجة، التي تذرّعت بها الكنوبس عندما ألغت أكثر من 30 قنا في مكاتب القرب التي أسستها الأجهزة المسيرة للتعاضدية العامة، المنتخبة شرعيا، والتي تعرّضت لقرار سياسوي، بتواطؤ مع عدة أطراف، من أجل إسقاطها، خصوصا أنها اتخذت الكثير من الإجراءات التدبيرية، التي كانت تضع مصلحة المنخرطين في مقدمة أولوياتها، إذ إن هذه المكاتب القرب لم تكن تكلّفها شيئا، من المقر إلى المستخدمين، لكنها، بالمقابل، كانت بابا للفرج لآلاف المنخرطين في المناطق النائية، عوض أن يأتي إلى الرباط لوضع ملفه، يجد مكتبا قرب سكنه يؤدي هذه المهمة... ما علينا، هذا موضوع آخر من المواضيع الكثيرة التي سنعود إليها في وقتها، الأساسي هنا، أن هناك من ألغى أقنان هذه المكاتب "خوفا" على المعطيات الشخصية للمستخدمين وللمؤمّنين، فماذا هم فاعلون في هذا التسريب، الذي يعدّ جزءا أساسيا من المعطيات الشخصية للمستخدمين؟!
 
خامسا، في الوثيقة، يظهر اسم موزعها المدعو علي الليلي، ويشاركه الفعل أحد المخبرين بالتعاضدية المدعو التهامي بلمعلم، ونجد تدوينة على الفايسبوك يقول فيها الليلي بعد ضحكة يظهر أنها صفراء بئيسة: "معاهم جات إيوا آجي أنت مع 8:30 وخرج مع 16:30 وشدّ جوج فرنك مزال يجرجروك عليها باش وحدين يتبرعو"...
 
هذه هي تدوينة المدعو مولاي علي الليلي... آجي أنت بعدا أنت الأول، اللي جالس تلوح في الهضرة الخاوية، باش تلعب لعبتك المعروفة أنت وهذاك اللي حداك مع ذاك الفاسد اللي كتخدموا عليه وبغيتوا تديروه هو الرئيس، اللي حسابو مازال جاي في الطريق، واللي حريرتو حريرة.. أنت اللي كتكلم على الخدمة وإيمتى الدخول وإيمتى الخروج، واش أنت مستخدم فعلا في التعاضدية أم موظف شبح؟ إن إدارة التعاضدية، بالإضافة إلى الإجراءات الإدارية وحتى الإحالة على الجهات الأمنية المختصة، التي يلزم اتخاذها تجاه هذا الشخص في قضية توزيع وثيقة مسربة، وتشكيل عصابة منظمة لنشر البلبلة والفوضى في إدارة عمومية، يجب أن تسائل هذا الشخص وتتخذ ضده ما يلزم باعتباره واحدا من الموظفين الأشباح، الذين طالما نبه إليهم ملك البلاد ورؤساء الحكومات من أجل وضع حد لهم في مختلف الإدارات العمومية... وسننتظر ماذا ستفعله إدارة التعاضدية، وآنذاك سيكون المقال حسب المقام!
 
سادسا، نصل إلى المتصرف المؤقت، قلنا في تصدير المقال إن التعاضدية العامة لموظفي الإدارات العمومية تحوّلت إلى بؤرة للفضائح، ومرتع للمخبرين والبرگاگة من كل الأصناف والأنواع، وسنعود إلى السبب وراء ذلك... السبب هو وجود الأزمي خديم أمكراز، فالمعروف تاريخيا أن ترّيكة الخوانجية هي تريكة المخبرين، وخُدام الأجهزة، واستعملتهم المخابرات، وبالخصوص في ظل إدريس البصري، لضرب اليسار ومحاولة اجثتاته من الساحة الطلابية والسياسية والنقابية... والجميع كان يعرف، مثلما نشرت الشبيبة الإسلامية، قديما، وتنشر، حديثا، أن الكوميسر القدوري كان مسؤولا عن المخبر مصطفى الرميد في الدارالبيضاء، فيما كان الكوميسير الخلطي مسؤولا عن المخبر عبد الإله بنكيران في الرباط، والجميع تحت سلطة وزير الداخلية الراحل إدريس البصري... هذه هي المرجعية، مرجعية الأزمي خديم أمكراز، الذي بدوره صبي بنكيران... لماذا اعتبرنا الأزمي مسؤولا عن تحويل التعاضدية إلى ماخور للمخبرين والبرگاگة؟ تفضلوا هذه الحالة، فهي البيّنة، وتأملوا جيدا في هذه الوثيقة، وهي ليست مسرّبة من داخل التعاضدية، أي ليست وثيقة داخلية، وإنما هي رسالة رسمية وُجهت من التعاضدية إلى وزارة التشغيل، والمراسلات بين الإدارات، كما هو معلوم، تكون متاحة للعموم:
 
 
في الرسالة نجد الرئيس السابق للتعاضدية، الذي طُبّق في حقه قرار سياسوي بئيس، كيف كان يتصرّف لحماية حرمة التعاضدية، لتكون التعاضدية لها شأن ولها كرامة، وليست مرتعا للمخبرين والبرگاگة، وكيف وجّه رئيس شرعي منتخب شرعيا شكوى بموظفة ضُبطت متلبسة بتسريب وثائق داخلية إلى جهة خارجية...
 
قد يقول قائل: وما شأن هذه الموظفة بالموضوع؟ هذا سؤال وجيه وهذا جوابه: هذه الموظفة، التي كانت في السلّم 5، بقدرة قادر، ناض هاذ الأزمي، واعطى لنفسو الحق والصلاحية لترقيتها إلى السلّم 10 (دقّة وحدة)، وأسند لها مسؤولية قسم الموارد البشرية، بعدما تم الاستغناء على المسؤول السابق، الذي كان من خيرة الأطر المغربية، من الأطر الكُفءة والشبابية!
 
ما معنى هذه الترقية وهذا التعيين في المنصب الجديد؟ يعني مكافأة موظفة مدانة بتسريب وثائق داخلية، يعني مكافأة وتزكية وتشجيع المخبرين والبرگاگة ليكون لهم شأن في التعاضدية، يعني أنه من الطبيعي أن يقع تسريب وثيقة المنح نصف السنوية، وفي الأخير، يعني هذا أن هذا الشخص، الأزمي خديم أمكراز، يجب أن يبدأ منه التحقيق الإداري والقضائي...
 
في انتظار ذلك، نطرح السؤال: هل من حق المتصرّف المؤقت أن تكون لدية صلاحية الترقية والتعيين، التي هي صلاحية الأجهزة المنتخبة، فعندما تُنتخب الأجهزة المسيرة هي التي ترقي وتعيّن؟!
 
إنها فضيحة أخرى، في تعاضدية باتت مرتعا للفضائح في ظل الأزمي خديم أمكراز...