الغد 24 خبر الغد تقرأه اليوم
رشيد الفايق وعبد السلام البقالي

خطير.. هذا هو مخطط عمدة فاس السري لخلافة الفايق في البرلمان وإبعاد "سيتي باص" واستقدام "ألزا"

 
جلال مدني
 
يوم غد الثلاثاء، ثامن نوفمبر 2022، سيكون الرأي العام الوطني والمحلي بفاس على موعد جديد مع محاكمة برلماني الأحرار المتهم بالفساد، رشيد الفايق ومن معه، أمام غرفة الجنايات الابتدائية لدى قسم جرائم الأموال بفاس، في ملف "مافيا العقار بجماعة أولاد الطيب"...، وفي الوقت نفسه، وفي كل جلسة من المحاكمة، ينتظر الرأي العام المحلي والوطني متى يحين الدور على عمدة فاس عبد السلام البقالي، الذي يجني بجهله على العاصمة العلمية، التي تلطّخت سمعتها برئيس للمجلس الجماعي لا يستحق حتى أن يكون من "شوّاش" الجماعة، الذين يبقون أرقى بعرق جبينهم الذي يبنون به كرامتهم وعزة نفوسهم...
 
وبحسب ما ذكر لنا فاعلون مدنيون وحقوقيون محليون، فإنهم يخشون أن ينجح عمدة فاس في تنفيذ مخططه "السرّي"، فيفلت من المتابعة الأمنية والقضائية، بالاختباء وراء "حصانة برلمانية" يلهث وراءها بكل جهد جهيد حتى ليكاد لُعابه يسيل طمعا في اعتلاء مقعد داخل قبة البرلمان...
 
جريدة "الغد 24" تحدّثت إلى عدد من النشطاء المدنيين، وإلى عدد من الفاعلين الحزبيين، وضمنهم منتمون إلى حزب التجمّع الوطني للأحرار، الذين فضّلوا، بل أصرّوا على عدم ذكر أي شيء يحيل إليهم في هذه الفترة، حتى لا يؤثّر ذلك على مخطط مضاد للمخطط "السري" للعمدة، يجري إعداده على نار هادئة، قبل تفجيره داخل هيئتهم السياسية... ومن خلال المعطيات، التي تجمّعت لدى "الغد 24"، سنفك رموز هذا المخطط السري لعمدة فاس...
 
اعتقال البرلماني رشيد الفايق كان البداية
 
ابتدأ هذا المخطط مباشرة عقب اعتقال البرلماني رشيد الفايق، الذي هو سيد وصانع عمدة فاس عبد السلام البقّالي، الذي لم يكن "يسوى حتى بصلة" على حد تعبير أعضاء منتمين إلى الأحرار، إذ التقطه الفايق لعلّة في نفسه سننزع عنها أوراق التوت...
 
الجميع يعرف أن حزب التجمع الوطني للأحرار في فاس يحتضن العديد من الأطر المحنّكة، والتي تجرّ وراءها تجربة حزبية كبيرة على مدى سنوات طويلة، وهناك وجوه من هذه الأطر، وليس فقط وجها واحدا، كلهم كانوا مهيّئين ومؤهّلين لتولّي منصب عمدة فاس... لكن المنسق الإقليمي رشيد الفايق كانت له وجهة نظر أخرى، إذ كان متوجّسا من هؤلاء الأطر، وكان يطرح في ذهنه ومع مقرّبيه إمكانية أن ينقلب عليه هؤلاء، ولذلك بحث عن شخص يكون مطواعا، ويستعمله دمية في يديه، وأساسا تكون هناك شبهات ومظاهر فساد تحوم حوله، لاستعمالها في حال إذا فكّر هذا الشخص أن يخلع عنه قميص "المونيكة"، ويتمرّد على سيده رشيد الفايق... وكان هذا الشخص هو عبد السلام البقّالي..
 
مصادرنا تقول إن المقرّبين حذّروا الفايق من أن الشخص المعني لا يُؤتمن له جانب، إذ ينتمي إلى حزب آخر موجود في المعارضة، هو التقدم والاشتراكية، بل إنه هو المنسق الإقليمي لحزب نبيل بنعبد الله... لكن الفايق، حسب مصادرنا دائما، أطلق ضحكة عالية، وقال لهم، وهو يقهقه، إن المعني مستعد أن يبيع كل شيء من أجل مصلحته، وأحرى ألا يبيع حزبه، وكذلك كان، إذ بمجرّد ما أسرّ له الفايق بمخطط تنصيبه عمدة لمدينة فاس، حتى جاءه البقالي يهرول على يديه ورجليه، بل ولإظهار أهميته أمام سيد الفايق، أحضر معه عددا من "القوم" المنتمين إلى التقدم والاشتراكية، وأعلنوا التوبة، وقدموا الاستقالة، وكانت وليمة وأيّما وليمة عندما سلّمهم الفايق بطائق الانخراط في حزب باطرون الحكومة في بداية صيف 2021...
 
عبد السلام البقالي فاشل مهنيا وانتهازي سياسيا
 
كان رشيد الفايق، بحكم دهائه وقوته في الإقليم، يعرف كل الملفات، التي ترتبط بشخص عبد السلام البقالي، ويعرف كل "فعايلو" عندما كان رئيسا لمقاطعة جنان الورد، حيث بنى ثروة هائلة مبنية على استغلال النفوذ والزبونية والريع بالخصوص في ملفاته العقارية...
 
اختيار عبد السلام البقالي ليس فقط لأنه مشبوه على صعيد الذمّة، بل أيضا لأنه انتهازي سياسيا وفاشل مهنيا، تكفي الإشارة، التي سبق أن وقفنا عندها في مقال سابق، إلى فترة تولّيه تدبير قطاع الصحة في كل من مولاي يعقوب وصفرو، وكنا نشرنا وثيقة حول قرار وزير الصحة، آنذاك، وهو نفسه الحالي، خالد أيت الطالب، له القاضي بمعاقبة مندوب الصحة بإقليم صفرو عبد السلام البقالي بتعريضه للتوقيف الاحتياطي عن العمل بتاريخ 7 نوفمبر 2019، بناء على ارتكابه خروقات فادحة وخطيرة كانت على خلفية واقعة الولادة قرب المركز الاستشفائي الجامعي الحسن الثاني بفاس، وكذا بسب "مظاهر الإخلال في تسيير شؤون مندوبية الصحة بإقليم صفرو"...
 
 
وبخصوص الانتهازية السياسية، فإن عبد السلام البقالي معروف بالبيع والشراء في الألوان الحزبية، إذ إن آخر صفة له، في هذا الصدد، هي أنه "حراگ حزبي"، في إشارة إلى الترحال السياسي، بعدما كان هو المنسق الإقليمي لحزب التقدم والاشتراكية، كما تولّى رئاسة مقاطعة جنان الورد، من سنة 2003 إلى سنة 2015، وسبق له أن انتُخب برلمانيا عن دائرة فاس الجنوبية، وبحكم العلاقة الملتبسة التي كانت تجمع "الشيوعيين" السابقين في حزب علي يعتة، مع الخوانجية الظلامين في حزب عبد الإله بنكيران، فقد تولّى منصب نائب عمدة فاس، في الولاية السابقة، على عهد "الديبخشي البيليكي" إدريس الأزمي الإدريسي، الذي كان هو وعبد السلام البقالي شريكين عضويين في صناعة الأزمات البنيوية، التي يئن تحت ثقلها سكان مدينة فاس...
 
البوصيري تحوّل إلى "ترّاف" على عتبة بيت الفايق
 
يقول المثل "من الخيمة خرج مايلْ"، كذلك الأمر بالنسبة للعمدة الجديد، عبد السلام البقالي، إذ كان من صنّاع الأزمة في الولاية السابقة، ويتحمل مسؤوليات جريرتها وكوابحها وإخفاقاتها واختلالاتها، واليوم يتولى منصب عمدة فاس، وهل يصلح العطّار ما أفسده الدهر: أولا، لأن الجميع كان يعلم أن العمدة الحقيقي لمدينة فاس ليس هو عبد السلام البقالي وإنما سيده الذي صنعه وأطعمه وأطمعه ووضعه عنوة على كرسي رئاسة المجلس الجماعي ضد في منتخبي حزبه أنفسهم، وهدّدهم هم وباقي منتخبي الأحزاب الأخرى، وبالخصوص حزب الاتحاد الاشتراكي، الذي تحوّل من حزب عتيد إلى "ترّاف" على عتبة بيت الفايق، هددهم بالعقاب إذا لم يصوّتوا للعمدة البقالي... ولم ينتبه، آنذاك، أي أحد لمضمون تهديدات الفايق، إذ كانت تتضمّن، من بين أشياء أخرى، تغريم كل من لم يصوّت على البقالي مبلغ 10 ملايين سنتيم (!؟)... والسؤال: كيف للفايق سلطة الحُكْم والتحكّم بتغريم أعضاء حزب أخنوش بفاس مبالغ مالية طائلة؟! ولم يفهم نشطاء فاس سرّ هذا التهديد إلا عند اعتقال رشيد الفايق، حيث تقول الأخبار إنه جرى العثور، بحوزته ضمن المحجوزات، أثناء إيقافه، على العديد من الشيكات، بعضها تعود للعمدة عبد السلام البقالي...
 
وهنا طرح المراقبون السؤال: هل بهذا الأسلوب كان رشيد الفايق يتحكّم في رقاب شركائه، وضمنهم العمدة عبد السلام البقالي...
 
عمدة بعنجهية واستبداد ودكتاتورية مرضية
 
وعلاوة على الإخفاقات المهنية والانتهازية السياسية، هناك مظاهر العنجهية والاستبداد والدكتاتورية المرضية، التي يقول علماء النفس إن أصحابها مرضى نفسيون، عاشوا الفشل والإحباط واليأس والدونية والهشاشة، ويحاولون أن يغطوا على كل ذلك بتقمّص شخصيات عنترية، فيتوهّمون أنهم في ساحة حرب، يصولون ويجولون، ولا يرعوون... وهذا ما شاهده جميع المغاربة، بل والرأي العام الدولي، في الفيديوهات، التي وثّقت بعض وقائع دورة فبراير 2022 بجماعة فاس، ووثّقت تحركات العمدة وملامحه وحركاته وصراخه، فتبدّى كشخص آت من كوكب آخر، أو من القاع الغارق في الوحل، يأتي بأفعال وسلوكات لا ترقى حتى إلى الحد الأدنى من القيم الاجتماعية والمبادئ السياسية، وتقف على النقيض الدراماتيكي من المستوى الثقافي والفكري والأخلاقي، الذي يفترض أن يتحلّى به شخص يتولّى عمودية مدينة فاس، حاضرة العلم وحاضنة تراث حافل بالعطاء الحضاري... وانتشرت تلك الفيديوهات على العديد من مواقع التواصل الاجتماعي، خصوصا في الفايسبوك ويوتوب وتويتر، أما في التيك توك، فقد استقطبت الفيديوهات مئات الآلاف من المشاهدات، وتحوّل عمدة فاس إلى "نكتة سياسية مرّة"، على ألسنة المغاربة، تكشف حجم الانهيار، الذي وصلت إليه الساحة السياسية، وانحدرت إليه مهام تدبير الشؤون المحلية!
 
ليس في الأمر، هنا، أي غرابة، فمثل هذه الشخصية المبعثرة هي التي يبحث عنها البرلماني رشيد الفايق، لأنها الأصلح لأن تكون لعبة في اليد، دون أي خوف من عصيان أو تمرّد... أما غير ذلك من وجوه المسخرة، فإن الفايق لديه المفتاح: جيش من الخُدّام والبلطجية، وشرذمة من الذباب، الذين يتشكّلون من "مؤثّرين" ويوتوبرز وأشباه صحافيين، يمتلكهم بـ"الأنفولوبّات" الظاهرة وتحت الطاولة، ويسخّرهم لقضاء مصالحه وتنفيذ أوامره، وهؤلاء العبيد هم الذين حرص البقالي على أن يرثهم بعد اعتقال سيدهم الفايق، لتوجيههم واستعمالهم لقضاء مصالحه الشخصية هو، إلى درجة أن أخبارا متواترة في المجالس في فاس، لم تتمكّن جريدة "الغد 24" من التحقّق منها بعد، تفيد أن العمدة برمج غلافا ماليا لتفويته إلى مواقع إلكترونية "معيّنة" و"معروفة"...
 
 
 
وهنا ستبدأ المشاكل تتهاطل على عمدة فاس من داخل الحزب، الذي يتولى رئاسة الجماعة باسمه، من تيارات متعددة، أبرزها تيار رشيد الفايق، الذي أضحى أعضاؤه يصطدمون بقضايا حارقة ومستفزة لهم، فقد لاحظوا، مثلا، أن الذباب الإلكتروني الإعلامي، الذي "ورثه" العمدة، وجّهه لتلميع صورته وتحريض الناس ضد خصومه، فيما "ضرب الطّمّ" على وضعية الفايق المعتقل والمتهم بلائحة جنح ثقيلة جدا، خصوصا لما طالبت النيابة العامة، في سبتمبر الماضي، بتوقيع أقصى العقوبات ضده، قبل أن يضاف ملف "اغتصاب قاصرة" إلى ملف "مافيا العقار"، بعدما عاد إلى الظهور مجددا ومواصلة التحقيق في ملابساته...
 
هذا التعامل السلبي مع وضعية رشيد الفايق، ملأ أتباعه في الحزب غيضا ضد عبد السلام البقالي، وازداد غيضهم بتوالي إخفاقات العمدة في تدبير أغلبيته في جماعة فاس، ما دعا بعض المراقبين إلى الحديث عن دخول أتباع الفايق في مخطط للإطاحة بالبقالي...
 
هذه التفاعلات داخل فرع فاس لحزب كبير تجار المحروقات لم تكن تغيب عن البقالي، إذ إن هيمنته على الذباب من نشطاء وإعلاميين مرتزقة مجندين مكّنته من فتح نافذة على ما يجري من وراء ظهره داخل حزب أخنوش... لكن المراقبين استغربوا لتقاعس البقالي عن التحرّك لمواجهة ما يُحاك له من وراء ظهره؟! وهو فعلا استغراب في محلّه، وقد تمكّنت "الغد 24" من فك سرّه، وإذا ظهر السبب بطل العجب!!!
 
في البداية، نوضّح أن ما قد يظهر نوعا من تقاعس عمدة فاس عن الرد المباشر على الهجومات الحزبية الضارية، الظاهرة والمتخفّية، يعود إلى عامل مهم، لا يُعرف ما إذا كان أنصار الفايق على علم به أم ليس بعد، وهذا العامل هو ما أسميناه "المخطط السري" لعبد السلام البقالي، وهو ما نفضح عناصره هنا من خلال المعطيات، التي تحصّلنا عليها من مقرّبين وازنين نترك أمر الإعلان عن هوياتهم عندما يرتأون ذلك حفاظا على أمانة السر المهني...
 
سر تمرّد عمدة فاس على تحكيم وزارة الداخلية
 
المخطط انطلق من الوضعية الشخصية الحالية، المبنية على ثروة هائلة، متحصّلة من الفترة، التي ترأس خلالها مقاطعة جنان الورد، وأن هناك الكثير من الأصابع تشير إلى عبد السلام البقالي بالاتهام، كما أن شيكاته، التي وُجدت ضمن محجوزات رشيد الفايق، لن تلبث حتى يأتي دورها لتكون محط مساءلة قضائية... هذه الوضعية المهددة بالانفجار والسقوط هي التي دعت البقالي إلى التفكير في المخطط، ثم رسم خيوطه، وبعدها الشروع في التنفيذ...
 
أول شيء، هنا، نجد العلاقة الملتبسة بملف النقل الحضري بفاس، ولماذا يتمرّد البقالي على الحل التحكيمي، الذي بلورته وزارة الداخلية، التي التجأت إليها شركة "سيتي باص فاس"، والذي وافقت عليه الأطراف وضمنها السلطة المفوضة، أي جماعة فاس في شخص رئيسها عبد السلام البقالي... لكن المثير في كل اجتماع، يتظاهر العمدة بالقبول والرضى والإيجابية، وبمجرد الخروج من الاجتماع ينقلب شخصا آخر، ويقول لحوارييه، ومنهم عبد عبد القادر البوصيري، إنه لن ينفّذ شيئا من التحكيم، وإنه لن يتنازل عن الإطاحة بسيتي باص من فاس!!!
 
والسر، هنا، هو أنه يريد استقدام شركة أجنبية، عن طريق بيع العاصمة العلمية لشركة ألزا الإسبانية، التي تتحدث الكثير من الألسن عن لقاءات عقدها العمدة مع عرابي الشركة الأجنبية، كما بعث مراسيله إلى الدارالبيضاء وإلى مدريد، وتقول الأخبار إن وراء الأكمة ما وراءها!!!
 
الدائرة تدور وطاحونة الفساد تنتظر البقالي
 
وهنا نصل إلى الفصل الأخير من المخطط السري: عبد السلام البقالي يتطلّع إلى خلافة رشيد الفايق في مجلس النواب، على أساس أن الحكم بإلغاء عضوية الفايق، سيكون البقّالي من ستؤول إليه العضوية، لصبح نائبا برلمانيا... ولذلك، لم تعد تهمه كثيرا عمودية فاس، والبديل هو أنه يريد بأسرع وقت ممكن فسخ العقدة مع "سيتي باص"، وإبرام عقدة جديدة مع "ألزا"، والتنعّم بما "ملكت إيمانه" من وراء الصفقة، ومن أمامها وتحتها، ثم بعد ذلك يترك لأتباع الفايق الجمل بما حمل، ليفعلوا ما يشاؤون بعمدة جديد لفاس، مقابل أن "يتبندر" في قبة البرلمان، ويتنعّم بـ"الخزّ والخيزران"، ويحتال على الجميع: على "سيتي باص" و"ألزا"، وعلى المستشارين العبيد وعبد القادر البوصيري، وعلى أتباع رشيد الفايق، الذي تقول مصادرنا إن البقالي أقسم أن يغيضهم بالتقاط صورة مع باطرون الحكومة عزيز أخنوش ليوزعها عليهم في الفايسبوك وفي مجموعات الواتساب، ثم ليضحك على الكل في الكل من خلال لايف في البرلمان، يقول فيه لكل من يهمه الأمر: "فبأي آلاء ربكما تكذبان"!!!...
 
تبقى مسألة واحدة لم يعرها عمدة فاس اهتماما في بنود مخططه السري، وهي أن الدائرة تدور، وملف الفايق لابدّ أن يرسو على سفينة البقّالي، التي تعجّ بملفات سيكون لفضيحتها وقع الجلاجل... وإن غدا لناظره لقريب...