الغد 24 خبر الغد تقرأه اليوم

من زيان إلى المومني.. الدولة تتحمل مسؤوليةَ خلقِ كائنات وتسويقها قبل أن تنقلب عليها

 
محمد نجيب كومينة
 
كانوا يمارسون التجارة مع الدولة بالطرق السابقة على نشوء السوق الرأسمالية، وكانوا يستفيدون من مختلف أنواع الريع التي توزّعها الدولة التي أقامت علاقة عمودية مع الاقتصاد، ومع المجتمع أيضا، وخلطت بين إرث ما قبل الحداثة وإرث الحداثة بشكل أفرز عجينة عسيرة على الطهي، فأحرى على الهضم، تستمر في إصابتنا بالأوجاع والمغص...
 
يذكر الجميع أن محمد زيان استفاد من كل شيء خلال فترة طويلة، سواء تعلق الأمر بالتعويضات السخية جدا، التي كانت تُدفع له بصفته محامي الدولة في مواجهة المناضلين، حيث قام بدور الغرّاق l 'accusateur على طريقة غرّاقي القرون الغابرة وليس دور الدفاع... أو تعلق الأمر بـ"گريمات" النقل الدولي للمسافرين أو رخص بيع الخمور في المطعَم المرقَص، الذي كان في ملكيته في الرباط، والذي كان مكانا لممارسات يعرفها الخاص والعام... أو تعلق الأمر، أيضا، بالريع السياسي، حيث وُضع في قيادات أحزاب إدارية معروفة، قبل أن يرخّص له بفتح دكانه السياسي، وتولّى وزارة حقوق الإنسان ضدا في المناضلين، بعد دوره الخبيث في محاكمة المرحوم نوبير الأموي...
 
لكن زيان انقلب وحاول أن يكتسب صورةً لا تليق به وبمن نهج نهجه، بعد رحيل صديقه إدريس البصري، وسيطه مع الدولة، واستبعاده في إطار تغييرِ الطاقم ووضعِ رجال جدد مكان المستنفدين والمحروقين، ووصل به الأمر إلى حد التطاول على الملك، بعدما لم ينفعه هجومه على محيطه في الوصول إلى صفقات تعيد له وضعه والامتيازات الكثيرة التي استفاد منها وذكرتُ البعض منها أعلاه، ووصل إلى حد الدخول في جوقة الدعاية البئيسة للنظام الجزائري مؤخرا في خطوة لا تستحق حتى الانتباه لها، فأحرى الاهتمام بها أو إيلاءها أية اهمية...
 
الشيء نفسه يمكن قوله بشأن المدعو زكريا المومني، الذي انتقل من مستجدٍ للريع إلى عميل مكشوف مكلف بالترويج للأكاذيب، التي تطبخ له في فران تشرف عليه بهائم تحركها نزعتها البهيمية الغريزية وتفتقد حتى لذكاء بعض البهائم الذكية.
 
أشير هنا، والإشارة واضحة، إلى أن الدولة تتحمل مسؤوليةَ خلقِ هذا النوع من الكائنات التي تفتقد للأخلاق الآدمية وتسويقِها، لتجد نفسها، في النهاية، أمام "مونسترات" تنقلب عليها كما انقلبت "مونسترات" على من صنعوها في عدد من الأساطير القديمة... والدولة مستمرة، إلى اليوم، في خلقها في السياسة والإعلام والمسؤوليات العمومية المختلفة وغيرها، وربما تكتشف غدا أن من تخلقهم اليوم أسوأ بكثير...