الغد 24 خبر الغد تقرأه اليوم

لكي يكون معنى للحماية الاجتماعية.. القضاء مطالب بالحزم والحسم في ملفات فساد الصحة العمومية

 
محمد نجيب كومينة
 
ما معنى تعميم التأمين الإجباري على المرض أو التغطية الصحية إذا كانت الصحة العمومية تفتقد للموارد البشرية المؤهلة علميا وتقنيا وثقافيا وأخلاقيا للتكفل بالمرضى؟
 
هناك تقديرات تشير إلى أن العجز على هذا المستوى يصل إلى 130000 إطار من مختلف التخصصات والمستويات، وهو رقم مهول وصل إلى هذا الحجم بعد كارثة المغادرة الطوعية، التي أدارها عضو قيادة حزب أخنوش بهمجية واستخفاف لا مثيل لهما بالخدمات العمومية، وعلى رأسها الخدمة الأساسية، التي تتعلق بالحق في الحياة، باعتباره أول حقوق الإنسان، والتي سمحت للعديد من الأطر الطبية والصحية بالانتقال من مستشفيات عمومية إلى أخرى ذات طابع عمومي، بعد الحصول على أموال ضخمة كتعويضات عن مغادرة لم تتم فعليا، وهو أيضا رقم ناتج عن سياسة مالية خرقاء، إذا ما انطلقنا من حاجيات المواطنين الأساسية، إذ ضحّت بالتكوين وقلّصته، وبالتوظيف أيضا.
 
لابد من الإشارة إلى أن عددا ضخما من الأطباء والأطر الصحية المفروض أن يشتغلوا في المستشفيات وأن يمارسوا اختصاصاتهم ويقدموا الخدمات، التي يتلقون عنها أجرا من المال العام، يوجدون في حالة إلحاق بالإدارة، ومنهم من لا دور له في هذه الإدارة، ويستغل وضعه للاشتغال في المصحات الخاصة أو حتى العيادات الخاصة.
 
ولا حاجة إلى التأكيد على أن قطاع الصحة، وضمنه الصحة العمومية، غارق في الفساد والممارسات، التي لا صلة لها بالأخلاق البشرية وبالتحضّر، والجميع ينتظر اليوم مآل الملفات التي أحالها وزير الصحة مؤخرا على القضاء، وينتظر أن تعرض كل ملفات الفساد بدون استثناء أو انتقاء على أنظار القضاء، وأن يحرص القضاء، الذي ضمن له الدستور والقانون استقلاله، على وضع حد لأي تدخل من أي جهة كانت أو أي سلطة كانت أو أي لوبي كيفما كان، كي يساهم في وقف نزيف خطير تذهب ضحيته أرواح، ويصبح ممكنا الحديث عن تغطية صحية وتغطية اجتماعية في هذا البلد الذي استأسد البعض على مواطنيه، وبالأخص على فقرائه، ولا نبقى في حدود خطابات وضجات تواصلية وإعلامية تخلق أزمة ثقة وتعمق الإحساس بالظلم...