الغد 24 خبر الغد تقرأه اليوم
محمد الغلوسي رئيس الجمعية المغربية لحماية المال العام

بعد إحالة برلماني الأحرار على جنايات فاس.. ما هو مصير هذه الملفات المتعلقة بالفساد

 
محمد الغلوسي
 
قضية برلماني ورئيس جماعة اولاد الطيب بإقليم فاس ومن معه تشكل جزءا من واقع قائم في بلادنا، وتكشف عمّا نردده دائما من أن العديد من الأشخاص يستغلون مواقع المسؤولية العمومية من أجل الاغتناء غير المشروع والفاضح مستغلين ضعف آليات الرقابة وسيادة الإفلات من العقاب وضعف حكم القانون...
 
إحالة هذه القضية من طرف الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بفاس على غرفة الجنايات مباشرة لمحاكمة المتهمين دون المرور عبر مسطرة التحقيق، وذلك بإحالة القضية على قاضي التحقيق، يفيد، من الناحية القانونية، أن هناك أفعالا خطيرة وجسيمة مخالفة للقانون ارتُكبت، من جهة.. ومن جهة ثانية، هناك أدلة قوية على ارتكاب هذه الأفعال...
 
إحالة المتهمين على غرفة الجنايات المكلفة بجرائم الأموال لدى محكمة الاستئناف بفاس يقتضي، مع ذلك، الحرص على احترام قرينة البراءة وشروط المحاكمة العادلة للمتهمين...
 
لكن، يبقى السؤال المطروح، بعد هذه القضية، هو التالي: ما مصير الملفات والقضايا المفتوحة قضائيا منذ مدة طويلة؟
 
ذلك أن هناك ملفات تشير إلى تورط وزراء وبرلمانيين ورؤساء جماعات ورؤساء جهات لم يحصل بخصوصها التقدم، الذي ينتظره الرأي العام الوطني، ولا بأس من تذكير المسؤولين القضائيين ببعضها هنا:
 
1- ملف بلدية الفقيه بنصالح المفتوح منذ مدة طويلة، وهو قيد البحث التمهيدي لدى الفرقة الوطنية للشرطة القضائية بالدارالبيضاء، ومازال لحدود الآن لم تظهر نتائجه...
 
2- ملف رئيس جهة الشرق، الذي أدين من طرف غرفة الجنايات الاستئنافية لدى محكمة الاستئناف بفاس، وتم الطعن ضده بالنقض من طرف المتهمين منذ أمد طويل، ولم يُعرف، لحدود الآن، مصير هذه القضية، التي يتساءل بخصوصها الرأي العام ما إذا كان فعلا جميع الناس سواسية أمام القانون؟!
 
3- ملف المجلس الإقليمي لوزان، المفتوح لدى الفرقة الوطنية للشرطة القضائية بالدارالبيضاء، والذي لم تُعرف نتائجه لحدود الآن...
 
4- ملف كازينو السعدي المحكوم من طرف غرفة الجنايات الاستئنافية لدى محكمة الاستئناف بمراكش، التي قضت بإدانة المتهمين من أجل المنسوب إليهم، وتم الطعن فيه بالنقض من طرف هؤلاء دون أن تظهر نتائجه لحدود اللحظة...
 
5- ملف المجلس الإقليمي للخميسات، المفتوح لدى الفرقة الجهوية للشرطة القضائية بالرباط، ولم تظهر نتائج البحث لحدود الآن...
 
هي ملفات سبق لنا، في الجمعية المغربية لحماية المال العام، أن تقدمنا بخصوصها بشكايات إلى الجهات القضائية المختصة لإيماننا العميق بدور المجتمع المدني، الذي يشكّل الضمير الحي للمجتمع، بدوره الأساسي في مكافحة الفساد والرشوة ونهب المال العام، ومن أجل ربط المسؤولية بالمحاسبة، رغم ان البعض يزعجه ذلك ويحن إلى الماضي ويسعى إلى التضييق على أدواره الحيوية، وتلك قصة أخرى سأعود إليها لاحقا لفضح أهدافها ومن يقف خلفها...
 
إن السلطة القضائية مطالبة اليوم، أكثر من أي وقت مضى، بالحرص على تعزيز حكم القانون ومساواة الجميع أمامه، لأن تكلفة الفساد والرشوة تبقى باهظة، ويؤديها المجتمع من قوته وعيشه، ويستنزف الفساد ما يقارب 5% من الناتج الداخلي الخام...
 
إننا، في الجمعية المغربية لحماية المال العام، وكل شرائح المجتمع، ننتظر قرارات قضائية جريئة وشجاعة بخصوص ملفات وقضايا الفساد والرشوة ونهب المال العام، قرارات شبيهة بتلك التي اتخذت في قضية البرلماني ورئيس جماعة اولاد الطيب بإقليم فاس، وحينها سترون المجتمع يصفق عاليا لهكذا قرارات، لأن الناس سئمت من الفساد والمفسدين، وستعيدون بقراراتكم الهيبة والمصداقية للمؤسسات، التي يسعى المفسدون وناهبو المال العام إلى الإساءة إليها وتحطيم صورتها الرمزية وأدوارها الحيوية أمام الرأي العام عبر توظيف المسؤولية العمومية لقضاء مصالح ذاتية ضيقة، وهدر حق المجتمع في التنمية والكرامة...