الغد 24 خبر الغد تقرأه اليوم

وداعا ابّا ادريس.. وسلام عليك يوم طُردتَ وطُردتُ بعدك دون حقوق

 
محمد نجيب كومينة
 
 
وداعا ابّا ادريس، إدريس الكص، المشهور باسم إدريس الخوري.
 
وداعا صديقي وصديق الجميع، ابن الشعب، الذي حفر له مجرى في الأدب، كقصاص، وفي الصحافة، التي امتهنها وعانى الكثير خلال ممارسته لها، حيث كانت الصحافة الحزبية تطحن من يشتغل بها، وكانت معانته أكبر خلال تجربته الصحفية في جريدة العلم، حيث طُرد كما طُردتُ بعده، وضاعت حقوقه كما ضاعت حقوقي بعده، لأنه، وكما حكى لي قدماء العلم، كان ينتفض ضد الظلم والضغط، كما كنت انتفض بعده للسبب ذاته...
 
ابّا ادريس كان يحترم من يستحق الاحترام، وكانت له حاسّة تمكّنه من اكتشاف "المقلاع" من الصادق والنزيه، بسرعة. عاش الحياة كما أرادها، وكما حلت له، يدفعه إلى ذلك شغف داخلي بالحرية، وتَشاركَ مع أصدقاء كُثر نوعَ الحياة هذا، حياة تجمع بين الموقف والبحث عن أفق مغاير، وبين لحظات المرح والاستمتاع والدوخة، التي تساهم في تفريغ شحنات والاستعداد لأخرى لاحقا.
 
أذكر أني اشتغلت على قصصه وقابليتها للتحويل إلى سيناريوهات للسنيما، واكتشفت أن عالمه القصصي تركيب لصور متعددة الإطارات لمجتمع تستنزف أناسه المعاناة، وغالبا ما تجعل رؤوسهم مطأطأة بسبب إحساس غائر كالجرح بالضعف، وحين قدمتُ ما أنجزته، بحضور المخرج المصري الكبير صلاح أبو سيف، أثناء دورة تكوينية بفاس، في إطار جمعية الفن السابع، ألحّ مخرج "القضية 68" على الحصول على قصص الخوري، وتساءل كيف لا تستفيد منه السينما المغربية، مثلما استفادت السينما المصرية من نجيب محفوظ كسيناريست. وأكد لي أن ما يواجهه في التعامل مع القصص والروايات العربية هو كونها في الاغلب، وقتئذ، جوانية، تفتقر بالضبط لكثافة الصور.
 
تعازي لابنه يوسف ولباقي أفراد أسرته...