المفكر الكبير سيد القِمْني.. رحيل قاهر الظلاميين والأب الروحي للتنويريين العرب والمغاربة
الكاتب :
"الغد 24"
غيّب الموت، اليوم الأحد 6 فبراير 2022، المفكر المصري الكبير سيد القمني، عن عمر ناهز 74 عاماً، بعد صراع مع المرض، بحسب ما أعلنت أسرته.
ونقلت وسائل إعلام مصرية عن ابنة الراحل إيزيس القمني، قولها إن والدها "كان بخير حتى السبت، ولم يكن يعاني من شيء حتى أنه كان بيدخن كعادته، لكن أصيب بوعكة في الصباح فجأة، لفظ على إثرها أنفاسه، قبل أن يُنقل إلى المستشفى".
وأشارت ابنة المفكر الراحل إلى أن والدها سجّل، قبل أيام، حلقة مع الإعلامي إبراهيم عيسى كان يفترض أن تذاع، اليوم الأحد، على شاشة قناة "الحرة"، في برنامج "مختلف عليه"، يتحدث فيها عما تعرض له من هجوم خلال السنوات الماضية.
ووُلد القمني في 13 مارس 1947 بمدينة الواسطي في محافظة بني سويف، وحصل على جائزة الدولة المصرية التقديرية في العام 2009، وعُرف بكثير من معاركه الفكرية، إذ تناولت غالبية أعماله الأكاديمية التاريخ الإسلامي، وهو ما تسبب في تهجّمات ظلامية ضده من لدن الجماعات الدينية ومن جحافل المسلمين المتخلّفين.
تناولت معظم أعماله الأكاديمية التاريخ الإسلامي، حيث يعتبره الكثيرون صاحب أفكار اتسمت بالجرأة في تصديه للفكر، الذي تؤمن به جماعات الإسلام السياسي، والدفاع عن فكر تنويري، حتى وُصف بكون سيد القمني هو الأب الروحي للتنويريين العرب والمغاربة...
شيوخ الظلام، الذي "تعلّفهم" حركات الإسلام السياسي بتديّن متخلّف وجاهل، أصدروا الكثير من فتاوى التكفير ضد سيد القمني، وعادوا، بقوة وتطرّف، أفكاره، خصوصا ما يتعلّق بدعواته إلى تجديد الخطاب الديني...، إلى الحد الذي تعرّض فيه إلى تهديدات بالقتل، غير أنه لم يجبن يوما أو ترعبه الجماعات والتهديدات، إذ واصل الكتابة وفضح هذه التيارات.
وفي هذا الصدد، تجدر الإشارة إلى الصراع، الذي اندلع، سنة 2009، بين الداعية الإسلاموي الظلامي يوسف البدري، والمفكر التنويري سيد القمني، على خلفية فوز الأخير بجائزة الدولة المصرية التقديرية للعلوم الإجتماعية، وكانت قمية الجائزة 200 ألف جنيه مصري، ورفع البدري دعوى قضائية ضد وزير الثقافة المصرية آنذاك، الدكتور فاروق حسني، وأمين المجلس الأعلى للثقافة، علي أبو شادي، باعتبار الجائزة مهداة لشخصية تسيء كتاباته للذات الإلهية والدين الإسلامي.
من أبرز أعمال سيد القمني "حروب دولة الرسول"، و"قصة الخلق"، و"النسخ في الوحي"، و"الحزب الهاشمي"، و"النبي إبراهيم والتاريخ المجهول"، و"العرب قبل الإسلام"...
من كلمات سيد القمني
مسلمو الأفخاذ العارية
نحن نرى الغرب بعيوننا التي لا ترى في حضارتهم سوى الأفخاذ العارية؛ لأننا بين الأفخاذ نركز عيوننا؛ فيكون العيب في عيوننا وليس في الأفخاذ.
التدين والعلمانية
الدين فقط لأصحابه... ولمصلحة أتباعه فقط... لكن العلمانية لجميع المواطنين، ولا يمكن أن تكون مرجعية بعض أفراد المجتمع مرجعية لمجتمع بأكمله.
ممثّلو الرب يكفّرون
"في هذا الزمن يتصور بعضنا أنه ممثل الرب في الأرض وأنه الوحيد الذي اطلع على المقصد الإلهي من كل نصوصه دون غيره من البشر ومن ثم ينفي ويصادر ويكفر رأياً يخالفه لأن رأيه هو الصواب المطلق ورأي أي مختلف معه هو الكفر المطلق"...
المؤامرة الصليبية الصهيوينة
"والمعلوم أن فكرة المؤامرة لا يتبناها إلا المهزوم والغير قادر على تجاوز هزائم متتالية، دون أن ينظر في داخله ليرى الأسباب الداخلية لهزائمه، وأحيانا -كما في حالتنا- نُصرّ على عدم وجود أسباب داخلية تستدعي النظر، إذن لابد أن الأسباب تكمن خارجنا، إنها المؤامرة الصليبية الاستشراقية الصهيوينة... وهلم جرا"...
الأمية المعمّمة والتخلف الحضاري
"إن الخطوه الأولي في علاج السقم والعلل أن يعترف المريض أنه مريض وبحاجة للعلاج. يجب أن نعترف بأننا شعوب مهزومة متخلفة تستشري فيها الأمية المعمّمة والأمية الثقافية، ويجب أن يأتي هذا الاعتراف عن قناعة وبساطة ولا ندفن رؤوسنا في أوهام تضخم الذات المرضي حتي نجد لعللنا علاجاً ولحالنا صلاحاً. وبذات الهدوء والبساطة، يجب أن نعترف أننا نعاني من تخلف حضاري كامل حتى بات نصيبنا صفراً في ما تقدمه شعوب العالم يومياً من ألوف الاكتشافات والاختراعات التي تعمّق الهوة بيننا وبين المتقدمين كل ليلة بل كل ساعة دون مجاز أو مبالغة"...
المختلف يجيزون تصفيته بعد تكفيره
"إن زعم امتلاك الحقيقة المطلقة أدى إلى الانغلاق على الذات ونفي المختلف وعدم الاعتراف للآخر بحقه الديني والإنساني في الاختلاف، بل وأصبح ينظر للمختلف بحسبانه تابعاً لمؤامرات عالمية وأنه ضد الهوية، ومن هنا تجوز تصفيته بعد تكفيره.
ويتصور هؤلاء لأنفسهم كل الفضائل والحق والوطنية، ولا يستطيعون رؤية المختلف كعنصر مكمل أو مماثل أو محاور في ساحة لا يملكها أحد، يرون أنفسهم الحق المطلق وغيرهم يتكلم عن هوى وضلال، ناقص عقل، قليل الدين، ضعيف الخلق، تشوبه النوازع الإنسانية المتحللة الخاسرة، ولا علاج له إلا القتل!!"...
سنة نبوية بالعنعنات
"أما السنة القولية التي جمعها رواة الأحاديث عن الرسول الكريم، فقد جمعها ودوّنها بشر مثلنا غير معصومين، نقلوها عن بشر آخرين غير معصومين، في سلسلة من العنعنات عبر عشرات السنين (لم يتم تدوين الأحاديث إلا من بعد زمن الخلفاء الراشدين على أيام سلاطين القصور). وقد أجمع رواة الأحاديث أن (النبي عليه الصلاة والسلام قد نهى عن تدوين الأحاديث)، وجاء هذا النهي في أكثر من حديث لأبي هريرة وعبد الله بن عمر وزيد بن ثابت وأبي سعيد الخدري وعبد الله بن مسعود وغيرهم... وفي كلمات أبي هريرة، في قطعية لا تقبل اللبس: خرج علينا الرسول ونحن نكتب أحاديثه، فقال ما هذا الذي تكتبون؟ قلنا أحاديث نسمعها منك يا رسول الله قال: أكتاب غير كتاب الله يقول أبي هريرة؟ فجمعنا ما كتبناه وأحرقناه بالنار"...
فاشستية التكفير
"إن الفاشيست قضية واحدة وأرض واحدة وفكر واحد ومنهج واحد يقوم على تكفير المخالف دينيا ووطنياً، لأنه تجرأ على المراجعة والنقد. الأقنعة واحدة والقسمات واحدة"...