الغد 24 خبر الغد تقرأه اليوم

وفاة الشيخ الظلامي التكفيري عبد الحميد أبو النعيم بكورونا التي استهتر بها وبسببها كفّر الدولة

 
أحمد نشاطي

توفي، منتصف ليلة اليوم الخميس، الشيخ الظلامي التكفيري عبد الحميد أبو النعيم، متأثرا بمضاعفات فيروس كورونا المستجد، الذي أصيب به في الفترة الأخيرة. 
هذا الشيخ الظلامي الذي كفّر العديد من المفكرين والمثقفين والفنانين والسياسيين، لم يُقنعه ذلك فكفّر الدولة برمتها، عندما قررت إغلاق المساجد والأماكن العمومية كأحد السبل الوقائية ضمن التدابير الاحترازية للحد من انتشار فيروس كورونا المستجد، فخرج بفيديو شهير يؤكد فيه أن "البلد الذي تغلق فيه المساجد ولا تصلى فيها الصلوات الخمس، هذا بلد ارتدّ عن دينه، وكفر بعد إيمانه، وأصبح دار حرب وليست دار إسلام"... الشيء الذي عرضه للسجن سنة واحدة وغرامة ألفين درهم بعدما أدانته المحكمة بتهم التحريض على ارتكاب جنح بواسطة وسائل إلكترونية والاعتراض على أوامر السلطة العامة بواسطة التهديد، وإهانة هيئة منظمة قانونا والتحريض على الكراهية وتهديد المواطنات والمواطنين بارتكاب أفعال تنطوي على المس الخطير بالنظام العام...
 
قيل: اذكروا محاسن موتاكم.. وهذه محاسن أبو الجحيم ولعنة التكفير
 
يطل على المشاهدين من فيديوهاته بملامح منفرة، يركز نظرات ملعونة في الكاميرا كنوع من الإحماء للذات ومن التهييء للآخرين المشاهدين المتلقين، ثم ينطلق في نفث سمومه على الناس، يكفّر ويلعن ويشتم بأقذع الكلمات والعبارات.. من قبيل: "التيجيني البيدق الصهيوني، اللي باغي يفرض علينا (اليهود) إخوة القردة والخنازير، أخسّ خلق الله"، واتهم جريدة "الأحداث المغربية" بـ"الكفر والإلحاد والزندقة"، و"دوزيم وميدي 1 صهيونيتين"، واتهم الحقوقيين بـ"البخوش والحشرات، مخنثون مؤنثون لوطيون، ديوثيون"، و"عصيد حشرة نجسة"، و"لشكر خنزير"، و"لكحل كلب"... إنه أبو الجحيم، المدعو عبد الحميد أبو النعيم...

لم يكن مفاجئا لكثير من المغاربة أن يطل أبو الجحيم، بين الحين والآخر، بتهديداته وشتائمه، التي تنضح بخطابات التكفير والفتنة والتحريض وهدر الدماء.. ليس مفاجئا ولا غريبا في ظل التراخي القانوني والقضائي في التعامل مع هؤلاء...

في قضية أبو الجحيم، الجميع يتذكر خرجته التكفيرية الأولى للتحريض ضد عدة شخصيات مغربية فكرية وسياسية، اتهمها بالكفر والإلحاد، ووصلت القضية إلى القضاء، الذي أصدر، في بداية سنة 2014، حكما أظهر أن بلادنا، تعيش حالة تراخ وتردد، بل وحتى نوع من التواطؤ، تجاه جريمة التكفير، بفعل هيمنة الفكر الإخواني على عدد من أجهزة الحكومة. الحكم الذي صدر في حق أبو الجحيم هو شهر واحد حبسا موقوف التنفيذ وغرامة مالية قدرها 500 درهم!؟!

وإذا كان هذا الحكم شكل محط انتقاد وتحذير من خطورة تبعاته على حقوق الناس وفي مقدمتها تهديد الحق في الحياة، بإجماع سياسيين وحقوقيين مناضلين، فلم يكن صدفة، أن يحتفي به شخص هو منتوج لهذا الفكر التكفيري الظلامي، هو البرلماني عبد العلي حامي الدين، الذي مازالت تطارده دماء رفيقنا الشهيد بنعيسى أيت الجيد، إذ اعتبر أن هذا الحكم "ذكي"، وأكد بلغة مناورة تماثل مناورات الظلاميين أن الحكم "لا يشجع وقوع ما حدث (التكفير) مستقبلا"...

لكن الحكم شكل حافزا لأبو الجحيم، ولتكفيريين آخرين، بمن فيهم أعضاء قياديين في حركة التوحيد والإصلاح، الحاضنة الوصية والموجهة لحزب العدالة والتنمية، على الخروج بفيديوهات تكفّر وتحرض على العنف ضد شخصيات ومؤسسات سياسية ومدنية، وتهدد حرية المعتقد والضمير وممارسة الشعائر الدينية، وتورط المساجد ودور العبادة في التوظيف السياسوي، في ضرب صريح وممنهج لكل قيم الاعتدال والتسامح...

واللافت أن أصحاب هذه الخطابات التكفيرية، الذين كانوا، في مرحلة سابقة، يختبئون في جحورهم، وينفثون سمومهم في الظلام، أضحوا يخرجون إلى العلن، عقب ما سمي بـ"الربيع العربي"، مباشرة بعد سطو جماعات الإخوان المسلمين على الثورات، وتحويل بلدانها إلى مسرح لكل أشكل الفوضى والقتل والاضطرابات...

السؤال الذي يطرح نفسه بقوة في تلك الظرفية بالذات هو: إذا كان وزير العدل والحريات (آنذاك) هرول مسرعا ليدبج احتجاجا مثيرا على الفايسبوك، دفاعا عن حزبه ورئيسه، وليحرك قاضي الإرهاب للتحقيق مع المدونة العشرينية زينب بنموسى في تدوينة شاردة مناهضة للبيجيدي، لماذا لم يحرك ساكنا، إلى اليوم، أمام هذا الظلامي التكفيري الراحل أبو الجحيم، الذي ظل ينفث عنفا لفظيا خطيرا، يحبل بكل معاني التطرف والتكفير والتحريض، ضد شخصيات وهيئات، ويغذي أسباب تهديد السلم المدني والاستقرار الأمني للبلاد؟! لكن السؤال الأكبر هو: من يرعى ويغطي على هذا التكفيري وغيره؟!

الجواب في مضمون الفيديو، الذي أصدره أبو الجحيم، منتصف سبتمبر 2016، وهو يمضي فيه على خطى عبد الإله بنكيران، ويقلده ويردد معه فتوى ابن تيمية: "جنتي في قلبي، نفيي سياحة، وسجني خلوة، وقتلي شهادة"!!!