صفعة لمخاتلي الإدارة ولشرذمة العبيد.. القضاء ينصف المفكر التنويري سعيد ناشيد
الكاتب :
جلال مدني
أصدرت المحكمة الإدارية بالرباط، أمس الأربعاء 2 يونيو 2021، حكمها القطعي بتوقيف تنفيذ القرار الأخرق، الذي اتخذته وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي، ضد المفكر التنويري الأستاذ سعيد ناشيد، والقاضي بعزله من أسلاك وزارة التعليم...
وبهذا الحكم، لا ينتصر القضاء المغربي فقط للأستاذ سعيد ناشيد، وإنما ينتصر لكل الطاقات والكفاءات المغربية، لكل رموزنا الفكرية والثقافية والإبداعية، وفي الوقت ذاته، يشكل القرار إدانة لوجوه الظلام، إدانة لكل ضعاف النفوس، إدانة لكل أعداء الفكر الحر...
قرار القضاء المغربي يشكل، أيضا وبالخصوص، شهادة إدانة صارخة لشرذمة العبيد الموجودة في وزارة التربية الوطنية، ومن خلالها لكل العبيد، الذين تعج بهم الإدارة المغربية، والتي لن تقوم لها قائمة، رغم كل مخططات الإصلاح الإداري، ما دامت لم تتحرر من هؤلاء العبيد، الذين يتكوّنون من البصاصة والشكامة والانتهازيين والوصوليين والباحثين عن الوقيعة بين الزملاء وتأليب البعض ضد الآخرين وتصيد الوشايات للتقرب إلى الشاف والسوشاف، والمدير وما تحت المدير وما فوق المدير، ولتسوّل حفنة من الدريهمات...
قرار القضاء المغربي هو، كذلك، شهادة إدانة للذباب والمرتزقة، الذين تستعملهم الإدارة عند الحاجة، ويتكوّنون من عدد من أطر الإدارة المستعدين، دائما، للبيع والشراء من أجل حفنة من مكاسب ريعية، ولو تكون "جوج فرانك"، أو "منصب مدير إقليمي في مدينة أسفي"، ومثل هؤلاء البلحاسة المجندين، وهم صنف أكثر دناءة وبؤسا من شرذمة العبيد، تراهم مستعدين لبيع كل شيء، بما في ذلك أنفسهم وأعراضهم...
وأخيرا وأساسا، فإن حُكم القضاء المغربي، في هذه النازلة، يمكن أن يكون أفقا رحبا يفتح عيون المسؤولين في هذه البلاد، في مختلف مواقعهم، على ما يزخر به مغربنا من طاقات وكفاءات في شتى المجالات، ليلتفتوا إليها ويتحققوا من أوضاعها ويحرروها من القيود المختلفة، التي تحد من انطلاقها، بتوفير حد أدنى من الشروط الموضوعية لتزهر الشروط الذاتية، وتجد وتكد وتجتهد، وتواصل عطاءها، الذي هو عنوان لهذا البلد، الذي نحبه كما لا يحبه أحد، لأن بهذه الطاقات، وليس بعبيد وبلحاسة الإدارات، يمكن أن نخلق لبلدنا موقعا في هذا العالم، يكون محل فخر واعتزاز للمغرب ولكل المغاربة...
فهنيئا للأستاذ سعيد ناشيد، وهنيئا للجنة الدفاع التي تشكلت من خيرة حماة العدل في بلادنا، وهنيئا لكل المفكرين والمثقفين والمبدعين والنشطاء المدنيين، الذين تحدوا الظلام وبادروا إلى تشكيل لجنة للتضامن مع مفكرنا التنويري، وهنيئا أيضا لأستاذات وأساتذة الفلسفة، الذين أعطوا نكهة خاصة لهذه اللجنة، والذين أعادوا الأمل في النفوس واستعادوا للمغاربة تلك الصورة المضيئة والمشرقة، التي كانت لأساتذة الفلسفة في بلادنا، والذين كانوا يتصدرون حركية نضال الشعب المغربي من أجل الحرية والكرامة والحق في الخبز وفي الفكر وفي الإبداع... هنيئا لأحرار المغاربة، ولكل عضوات وأعضاء اللجنة، اللائي والذين، كان لهم الفضل، في بيانهم التأسيسي، في بلورة فكرة حضارية تتمثل في الدعوة إلى "تثمين الرأسمال الرمزي واحترام الوضع الاعتباري للكفاءات العلمية والفكرية والإبداعية"، في مغربنا الجميل...
وبكلمة،
أيها العبيد: ارفعوا أيديكم القبيحة عن رموزنا الفكرية والثقافية والفنية...
وأيها الأحرار: المغرب والمغاربة في حاجة إليكم جميعا، إلى عطاءاتكم رغم كل المرارات والعراقيل والانكسارات التي تحيط بكم، ستتحَدّون وتستمرون سفراء للبهاء والصفاء والعطاء وللفرح الجميل لكل أهلنا الطيبين...