شركة "سيتي باص".. العمدة عبد السلام البقالي أمام فضيحة التلاعب بالنقل الحضري لسكان فاس
الكاتب :
"الغد 24"
في بلاغ واضح وصريح وغير مسبوق، خرجت شركة "سيتي باص فاس" عن صمتها لتكشف العديد من الحقائق المغيّبة حول تدبير مرفق النقل الحضري بفاس، والتي من شأنها أن تشكل واحدة من كبريات فضائح السنة الجديدة، ومن شأنها، كذلك، أن تزكّي ما سبق أن ذهبنا إليه، في مقال سابق، تساءل عن الأجندة، التي يخدمها العمدة، بتواطؤ مع السلطة المحلية، في بيع مدينة فاس إلى شركة أجنبية، تنتمي إلى دولة باتت تعادي المغرب والمغاربة، مما اضطر ملك البلاد إلى وضع النقط على حروف عدد من الدول، في صدارتها إسبانيا، محذّرا إياها وغيرها من "أصحاب المواقف الغامضة والمزدوجة"، من أن المغرب "لن يقوم معهم بأي خطوة اقتصادية وتجارية لا تشمل الصحراء المغربية"...
واليوم، بعدما توصّلنا بهذا البلاغ القوي من قبل شركة "سيتي باص فاس"، فقد وجدنا فيه معطيات صادمة على أساليب التناور القائمة بين عدة جهات، خارج القانون، الذي يفترض أن تلك الجهات من مسؤرولياتها الأساسية هو الحفاظ على الاحترام الواجب للقانون وليس الخروج عليه، وهذا ما فضحه بلاغ الشركة...
البلاغ يكشف الكثير من المعطيات، التي جرى تغييبها قصدا عن "أهل فاس"، بل وجرت العديد من الأعمال والأقوال، التي حاول المسؤولون، من خلال ترويجها، تحريض الرأي العام المحلي ضد الشركة، لأهداف غامضة بالنسبة للشركة، لكن بالنسبة للمراقبين الموضوعيين فهي أهداف واضحة، تسعى إلى نسف أي اتفاق مع شركة "سيتي باص فاس"، لبيع مرفق النقل الحضري لمدينة فاس إلى شركة إسبانية، معروف عنها أنها تدفع الرشاوى للمسؤولين، وأن لديها ملفات في القضاء الإسباني، الذي يتابع شركة "ألزا" الإسبانية بالفساد والرشاوى وشراء الذّمم، كما أن القضاء المغربي سيشرع في متابعتها، بناء على الشكاية، التي وضعتها الشبكة المغربية لحماية المال العام، على مكتب حسن الداكي، رئيس النيابة العامة، تطالب من خلالها بالتحقيق في صفقة التدبير المفوض مع شركة النقل الإسبانية "ألزا"...
بلاغ شركة "سيتي باص فاس"، في الواقع، فضح كل شيء، وبيّن، بالملموس، الجهة، التي تتحمّل مسؤولية تردي النقل الحضري، وتتمثّل في السلطة المفوضة، هي من أخلفتْ بتعهّداتها وتنصّلت من التزاماتها التعاقدية، مما أدّى إلى فقدان التوازن المالي للعقد وتفاقم خسائر الشركة وإحباط مخططاتها في الاستثمار وتحسين الخدمات!"...
وعموما، وبالنظر للأهمية البالغة لهذا البلاغ، الذي أحاط بمعضلة النقل الحضري في فاس وكشف حقائقها المغربية، نورد، أدناه، نصه كاملا، على أساس أن نعود، في مقالات لاحقة، إلى هذا الموضوع، الذي يبدو أنه مازال يخفي العديد من المعطيات، التي تحتاج للفضح...
♦♦♦♦
لقد فوجئت شركة "سيتي باص فاس" المفوض إليها تدبير مرفق النقل الحضري لمدينة فاس، فرع مجموعة "سيتي باص للنقل" الرائدة وطنيا في قطاع النقل الحضري، بحملة من التهجّمات من قبل رئيس السلطة المفوضة، الذي حمّل الشركة، بدون وجه حق، مسؤولية تردّي مرفق النقل الحضري بالمدينة، في حين أن السلطة المفوضة هي في حقيقة الأمر من أخلفتْ بتعهّداتها وتنصّلت من التزاماتها التعاقدية، مما أدى إلى فقدان التوازن المالي للعقد وفاقم خسائر الشركة وأحبط مخططاتها في الاستثمار وتحسين الخدمات!
إن شركة سيتي باص فاس تحتفظ بكثير من التفاصيل والبيانات والوثائق، التي تتضمّن المعطيات الحقيقية لتحوّلات تدبير النقل الحضري في فاس، والتي تكشف عن المشاكل الجمّة التي عانت منها، منذ بداية الاستغلال في 2012، ثم تَفاقُم الأزمة بحدة مع حلول سنة 2016، إلى أن أصبحت عائقا أمام الوصول إلى جودة الخدمات المنشودة، بسبب عدم احترام السلطة المفوضة لالتزاماتها التعاقدية، من منع تطبيق الزيادة القانونية في التعريفة، إلى عدم أداء ديون مهمة بذمّة ولاية فاس... ونظرا للخسائر الضخمة، التي تكبّدتها الشركة، فقد طلبت من السيد رئيس مجلس مدينة فاس السابق القيام بوساطة من أجل إيجاد حلول للمشاكل المطروحة. وعلى إثرها اقترح السيد رئيس المجلس تكليف مكتب دولي للدراسات من أجل إنجاز دراسة لتحديد المسؤوليات ومبالغ الخسائر، حيث وقع اختيار المجلس الجماعي على مكتب متخصص للدراسات، اشتغل سنة 2017 على إنجاز هذه الدراسة، وأصدر تقريرا رسميا أكد أن جماعة فاس، أولا، مسؤولةٌ عن الوضعية التي وصلت إليها الشركة المفوض إليها من انعدام التوازن المالي، نظرا لعدم احترامها للمقتضيات التعاقدية، وأن الجماعة، ثانيا، ملزمةٌ بأداء مبالغ الخسائر للشركة. وخلصت الدراسة إلى سيناريوهين: إما فسخ عقد التدبير المفوض مع الشركة المفوض إليها وتمكينها من استرجاع مبالغ خسائرها الضخمة، وإما إعداد ملحق للعقد من أجل استعادة التوازن المالي على المدى الطويل.
وبناء على ذلك، قرر طرفا العقد، جماعة فاس والشركة، سنة 2018، إعداد ملحق لعقد التدبير المفوض من أجل إعادة التوازن المالي للتدبير المفوض، حيث تطلّب العمل على إعداد هذا الملحق ما يفوق ستة أشهر، لكن دون أن يرى النور إلى اليوم. فسواء بالنسبة للعمدة السابق، أو العمدة الحالي، كانا معا يؤكّدان موافقتهما على الملحق، وينسبان "الرفض" أو "التحفظ" إلى والي جهة فاس مكناس، لأسباب مجهولة من طرف الشركة، التي فضّلت أن تبقى إيجابية، ولا أدل على ذلك من أنها قامت، في يوليوز 2021، بتقديم طلبية من 211 حافلة جديدة توجد الآن في طور انتظار تسلّمها لاستغلالها ضمن أسطول الشركة بمدينة فاس.
وعكس ما كان منتظرا من انتخاب السيد عبد السلام البقالي رئيسا جديدا لمجلس مدينة فاس، فقد شرع رئيس المجلس بالتهجم على الشركة، حيث فرض عليها التراجع عن تطبيق الزيادة التعاقدية في الانخراطات، التي تعتبر حقا مكتسبا لها بمنطوق العقد... وتعبيرا من الشركة عن حسن نيتها، استجابت لطلب السيد الرئيس مؤقتا، من أجل فسح المجال لفرصة العمل بشكل بنّاء، قبل أن تتفاجأ بخروج الرئيس بتصريحات للصحافة وعلى شبكات التواصل الاجتماعي، تروّج، لأسباب مجهولة، معلومات ومعطيات غير صحيحة عن الشركة، علما أنه تم، خلال شهر نونبر 2021، لقاء للسيد الرئيس مع مسؤولي الشركة، الذين حرصوا على توضيح الوضعية الحقيقية للمرفق، وخطورة موقف الجماعة، وخطورة القرارات الأحادية المتخذة من طرف السيد الرئيس، الذي طلب من الشركة موافاته بمقترحات تتعلق بإعداد ملحق وإيجاد حل إيجابي في أقرب الآجال.
وبنفس الروح الإيجابية، استجابت الشركة، في ظرف وجيز، لطلب السيد الرئيس، ووضعت بين يديه مقترحات جدية وبناءة ومعقولة، مبنية على تمديد العقدة بصفة قانونية، بتكلفة أقل للسلطة المفوضة، ستمكّن من إعادة التوازن المالي دون استثمارات كبيرة من طرف السلطة المفوضة، حيث سيوزّع مبلغ الاستثمار على: تجديد أسطول الحافلات، ووضع خطوط خاصة بفئة الطلبة، وتطوير نظام معلومياتي لإعلام المرتفقين بموقع الحافلة والتوقيت، وتركيب عدد مهم من أماكن إيواء المرتفقين عبر أرجاء المدينة، وتركيب أكشاك لبيع التذاكر، والاستثمار في معدات وتجهيز المستودع، ووضع خطة اجتماعية لفائدة الأجراء، وإتاحة فرص التشغيل لشباب المدينة ووضع انخراطات شهرية خاصة بفئة الصناع التقليديين وبفئة موظفي القطاع العام للصحة والتعليم والعدل بواجب شهري قدره 250 درهما.
وحين عَرْض المشروع، فقد عبّر السيد الرئيس لمسؤولي الشركة على مدى جدية المقترحات واستحسانه لها، وبأنه سوف يناقشها مع السيد والي الجهة من أجل الحصول على موافقته على هذه المقترحات، ثم إطلاع الشركة على المستجدات.
وبعد أزيد من شهر ونصف، لم يكلف السيد الرئيس نفسه قط عناء التواصل مع الشركة لإطلاعها على جواب السيد الوالي بخصوص مقترحاتها، ولم تتمكن مساعي الشركة من التواصل مع الرئيس، في وقت فتح فيه قنوات التواصل مع شركات أخرى لأسباب مجهولة ومُخالِفة لحسن النية الذي يجب أن يكون أساس العلاقة بين طرفي العقد...
إن شركة سيتي باص فاس، وأمام تفاقم الوضع، قررت التوجه إلى السيد وزير الداخلية من أجل طلب التحكيم بين الأطراف المتعاقدة معها لأداء مبلغ 280 مليار سنتيم، وهو المبلغ الذي ستتابع شركة سيتي باص جماعة فاس من أجل أدائه كتعويض لها من جراء الخسائر الفادحة التي تكبدتها بالنظر لانعدام التوازن المالي للعقد كحق مشروع ومكفول بمقتضى القانون 05-54 المتعلق بالتدبير المفوض للمرافق العامة ، والذي يتحمّل رئيس المجلس بمفرده مسؤوليته الكاملة، لأن الشركة ظلت باستمرار تسعى إلى الحوار، في حين تعمّد العمدة تعطيل التفاوض وتجاهل مقترحات الحلول والتأخر في الردّ، الذي كان ينسبه دائما إلى السيد الوالي...
وفي انتظار وضع الملف بين يدي السيد وزير الداخلية، تحرص شركة سيتي باص فاس على تأكيد إرادتها الصادقة في حوار إيجابي ومنتج من شأنه حل المشاكل العالقة، وإزالة العقبات والعراقيل الحاصلة، لجعل الشركة تنطلق، بكل جدية ومسؤولية وروح المواطنة، في استقدام وسائل نقل حديثة وجديدة، بجيل جديد من الخدمات وفق أحسن المعايير الدولية في المجال، من أجل ضمان نقل جيد وآمن ومريح يستجيب لتطلعات سكان فاس، ويؤهل العاصمة العلمية للمملكة للارتقاء إلى مصاف الحواضر العالمية الكبرى…
كما تودّ الشركة، تصحيحا للمعطيات الزائفة المروّجة، أنْ تؤكد أن مسؤولية الوضع الحالي ترجع إلى عدم التزام السلطات المحلية والجهة المفروض أنها المسؤولة عن القطاع وليس إلى شركة سيتي باص فاس، التي تعمل كل ما في وسعها لخدمة المواطنين والارتقاء بجودة الخدمات رغم تحديات واكراهات المرحلة، ورغم التداعيات السلبية لجائحة كورونا.
وتجدر الإشارة، كذلك، إلى أن شركة سيتي باص فاس لم تتوصل من مجلس مدينة فاس بمستحقاتها لأكثر من أربع سنوات، والتي تتجاوز 60 مليون درهم، رغم الوعود المتكررة التي يقدمها رئيس مجلس مدينة فاس، كما ان الشركة ما زالت لم تتوصل أيضا بالتعويضات عن الانعكاسات السلبية لجائحة كوفيد-19، التي خصصتها وزارة الداخلية مشكورةً على دعمها لشركات النقل الحضري التي واجهت عدة صعوبات بسبب تداعيات كورونا.
علما أن شركة سيتي باص فاس حرصت، منذ بداية افتعال هذه الأزمة، على تفادي نشر أي بيانات إعلامية احتراما للعقد الموقع مع مجلس مدينة فاس، ورغبة من الشركة المفوض إليها تدبير القطاع بالمدينة في مواصلة المباحثات بكل مسؤولية لإيجاد حلول لكل المشاكل المطروحة وتحسين خدمات النقل الحضري، غير أن تطورات الملف وظهور جهات تسعى لنشر الإشاعات والتشويش على الجهود، التي قامت وتقوم بها الشركة، دفع "سيتي باص فاس" إلى الرد على الادعاءات الزائفة لتنوير الرأي العام المحلي والوطني بحقيقة ما يجري، والتأكيد مجددا على وفائنا بالتزامتنا وتعهداتنا بناء على المباحثات التي جرت مع رئيس مجلس مدينة فاس.