الغد 24 خبر الغد تقرأه اليوم

"قمة الديمقراطية" الأمريكية تغيّب المغرب.. غياب حرية الصحافة هو السبب

 
محمد نجيب كومينة
 
 
لم يُستدع المغرب إلى "قمة الديمقراطية"، التي نظمها الرئيس الأمريكي بايدن، تنفيذا لالتزام انتخابي، رغم العلاقات الخاصة بين الولايات المتحدة والمغرب.
 
مخرجات "قمة الديمقراطية"

نظم الرئيس الأمريكي، جو بايدن، الخميس والجمعة 9 و10 دسمبر 2021، "قمة من أجل الديمقراطية" جمَعت، عبر الفيديو، ممثلين عن حوالي مائة دولة ومنظمة غير حكومية، واستبعد باقي "الدول التسلطية"، وضمنها المغرب.
في اليوم الأول، تعهّد بايدن بمبلغ 424 مليون دولار لدعم حرية الصحافة والانتخابات الحرة وحملات مكافحة الفساد.
وفي اليوم الثاني، قال بايدن، في اختتام القمة، إن الديمقراطية "لا تعرف حدودا. هي تتحدث كل اللغات. هي تحيا بين الناشطين المناهضين للفساد، وبين المدافعين عن حقوق الإنسان، وبين الصحافيين"، مشيرا إلى أن الولايات المتحدة ستقف إلى جانب من "يسمحون لشعوبهم بالتنفس بحرية ولا يخنقونهم بقبضة من حديد"...
 
وبالرغم مما يمكن قوله بشأن أهداف هذه القمة وتوقيتها، فإن عدم استدعاء المغرب يعود، بالدرجة الأولى، إلى ما يعرفه الأمريكيون، الذين يتوفرون من دون شك على معلومات لا نعرفها أو لا نعرف تفاصيلها، عن وضعية حرية الصحافة في المغرب، هذا بينما اعتُبر بندُ حرية الصحافة في القمة بندا أساسيا.
 
في المغرب لا توجد حرية الصحافة، بل إن أساليب محاربة هذه الحرية تطورت كما يتطور السرطان. ولا يقتصر الأمر على اعتقال الصحافيين كما هو الحال في بلدان أخرى، كميامار التي بلغ عدد الصحافيين المعتقلين فيها أكثر من 70 صحافيا منذ الانقلاب على الديمقراطية، بل إن هناك اتجاها غير مسبوق في بلادنا، التي كانت دشنت استقلالها بإقرار ظهير متقدم لحرية الصحافة صدر سنة 1958 ضمن ظهائر الحريات العامة، إلى السيطرة الكاملة على الصحافة وإخضاعها لخط تحريري واحد، جرى تحضيره في دهاليزَ مِن قِبَلِ من لا علاقة لهم بالصحافة، ومَن حاربوا حريتها دهرا، ولتسخير الصحافيين وجعلهم أبواقًا تردد نفس الخطاب، وأمنيين منشغلين عن الحرية، التي لا وجود للصحافة الحقيقية والصحافيين الحقيقين بدونها، بما يناهضها ويهضمها ويخيف من خطورتها...
 
لقد اختلط الأمني بالإعلامي إلى الحد، الذي بات معه المواطن العادي غير العارف بالأمور وما يجري ويدور يتساءل ما إذا كانت بعض الجرائد الورقية أو الإلكترونية أو بعض القنوات على يوتوب تُعدّ في مخافر بوليسية، وما إذا كانت بعض المؤسسات لها صلة بالصحافة والإعلام أم بشيء آخر، وأيضا ما إذا كان بعض الصحافيين من حاملي السلاح أم لا؟
 
كيف يمكن أن نروّج لبلادنا خارج الحدود إذا كانت صحافتنا ومواقعنا وغيرها مما يشكل واجهة البلاد تقدم صورة بلد بلا تعددية يهيمن فيها خطاب واحد تطبيلي وتافه تشتم منه رائحة يمكن لأي كان أن يميزها ويعرف أصلها.
 
ما لم يقع إعادة النظر في العلاقة بين بعض الأجهزة والصحافة والصحافيين، في اتجاه الفصل، والالتزام بحرية الصحافة، والابتعاد عن مختلف الضغوط التي تحد من قدرة الصحافي على الوصول إلى الخبر/المعلومة ونقله بحرية، ومن حرية التعبير والنشر، فإن البلاد ستخسر الكثير وستتضرر مصالحها وستكون تحت الضغط من هذه الجهة أو تلك أو مقصية كما حدث في قمة بايدن أو غير ذلك.
 
ويجب أن يتوفر هناك وعي على مستوى أعلى في الدولة أن من ألفوا شيئا واستطابوه أو وجدوا فيه مصلحة أو أشعرهم بنخوة وتحقيق اكتساح لن يتخلوا أو يتراجعوا ويراجعوا تصرفاتهم إلا إذا كان هناك قرار واضح وملزم على هذا المستوى.
 
دستور المغرب لسنة 2011 يفقد جدواه إذا لم تُحل مشكلة الصحافة في المغرب بتأكيد حريتها فعلا لا قولا فقط.