أحدث فضائح الكثيري.. يدبر الإدارة خبط عشواء ويطحن "القيّمين" ويستحدث مناصب خارج القانون
الكاتب :
"الغد 24"
بات من المؤكد أن مندوب المقاومة، المسمى مصطفى الكتيري، فقد البوصلة وصار يدبر الإدارة خبط عشواء.
لقد غيّر وجهة الإدارة نحو بناء ما يسميه فضاءات للذاكرة التاريخية للمقاومة والتحرير، وهي المرافق التي ترفض وزارة المالية الاعتراف بها، لأنها غير منصوص عليها في النصوص التشريعية المحدثة للمندوبية السامية للمقاومة، والمنظمة لها.
ولمواصلة هذه السياسة الارتجالية والفاشلة، صار يتمسح بالولاة والعمال ورؤساء المجالس المنتخبة، لكي تتكفل بالبناء، باعتبار المرفق سيضاف إلى المرافق الموجودة في تراب الجماعة أو العمالة أو الإقليم أو الجهة. وابتكر هذه المرافق غير القانونية كذريعة لالتماس استمراره على رأس إدارة قضى في تسييرها عقدين ودخل العقد الثالث، وأبان عن تفاهة وفشل رهيب قياسا على فترة سلفه محمد بنجلون.
وهذه الفضاءات منتشرة عبر ربوع التراب الوطني في مناطق حضرية وقروية، يعين فيها الموظفين الجدد الحاملين لشهادة الماستر في التاريخ، حيت يقضون يومهم في تلخيص بعض الكتب المنشورة من طرف الإدارة، ويدردشون على وسائط التواصل الاجتماعي.
وكل ما تتوفر عليه هذه الفضاءات هو صور مستنسخة من موقع إلكتروني، تتعلق بتاريخ المغرب خلال القرن العشرين، والسلاطين العلويين. كما تتوفر على كمية من الكتب التي نشرتها المندوبية السامية للمقاومة.
ويطلب من الذين يدعون بالقيّمين، وهو منصب غير قانوني بالمندوبية السامية، إعداد محاضرات وعروض ونشرها على صفحات تُحدث على موقع التواصل الاجتماعي فايسبوك. ولا يتوفر القيّمون ومساعدوهم إلا على حواسيب وكمية قليلة من الأدوات المكتبية، وهواتف ثابتة لها روابط مع الشبكة العنكبوتية.
ولا يتوفر القيّمون على ميزانية للتسيير أو شيات للنقل والتنقل. ورغم ذلك يطلب منهم أيضا تنظيم ندوات افتراضية ودعوة تلاميذ المؤسسات التعليمية العمومية والخاصة للقيام بزيارة هذه الفضاءات، التي صار يسميها القيمون بفظاعات.
وصار المندوب السامي يحشر نفسه عبر هذه الفضاءات في ما ليس من اختصاصه، كالاحتفال باليوم العالمي للمرأة، والاحتفال باليوم العالمي للمتاحف، والاحتفال باليوم الوطني للمجتمع المدني، رغم أن ذلك من اختصاص قطاعات حكومية مغربية لا دخل للمندوبية السامية للمقاومة فيها.
كما حشر المندوب السامي أنفه في ذكريات وطنية لا علاقة للمندوبية السامية للمقاومة بها، كذكرى المسيرة الخضراء، التي تختص بها وزارة الداخلية ويختص بها أيضا قطاع الاتصال، وذكرى استرجاع إقليم واذي الذهب، وذكرى طريق الوحدة.
وبالرغم من عدم تخصيصه ولو لدرهم رمزي، فإنه يفرض على نوابه بالأقاليم والجهات، وعلى قيّمي الفضاءات، تنظيم حفلات بمختلف المناسبات يحضرها لكي يلقي كلمات، عبارة عن اجترار مبتذل للكلمات التي كان يلقيها سلفه محمد بنجلون. ويفرض على نوابه الاتصال بالعمالات والولايات لكي تتكفل بهذه الحفلات إما من ميزانياتها أو تكليف المجالس الإقليمية والبلدية بذلك، حيث تنظم له الولائم والمآدب، بسبب لهفته إلى المأكولات.
كما أن هذه الفضاءات صارت عبارة عن منافي للموظفين، خاصة تلك الموجودة في مناطق نائية ووعرة أو ذات مناخ قاس. ويصر المندوب السامي على فضاءات في مناطق نائية بأن تنظم ما يسميه بـ"ندوات أكاديمية"، ودعوة "مؤرخين ومثقفين ومفكرين" للمشاركة فيها، وهي شروط تعحيزية لأولئك الأطر، دون أن يسأل نفسه، حياء واستحياء، عن الوسائل والإمكانيات التي يضعها رهن إشارة القيّمين للاتصال بالمؤرخين والمثقفين والمفكرين وإيوائهم وإطعامهم ونقلهم وتحفيزهم للمشاركة في الندوات العلمية المطلوب تنظيمها.
فالقيّمون يتوفرون على صفر درهم، ويؤدون للطاكسيات أتعابا لكي يقوم أربابها بإيصال المراسلات والطرود إلى رؤسائهم إقليميا ومركزيا. كما أنهم لا يتوفرون على الوسائل اللوجستية، فكيف يطلب منهم تنظيم ندوات فكرية تتطلب اعتمادات مالية تقدر بعشرات الملايين؟ فالمندوب السامي لا يضع رهن إشارتهم شيئا.
وقد ركب الكثيري عناده المعروف، وأمطر عشرات القيمين باستفسارات حول عدم تنظيم ندوات علمية يشارك فيها مؤرخون ومثقفون ومفكرون في مناطق نائية داخلية، وفي حر الصيف. وبعد جوابهم، عاد لإمطارهم باستفسارات مكررة تمهيدا لنقلهم تأديبيا، لاعتبارات لا علاقة لها بالمردودية، مما ستكون له انعكاسات اجتماعية ومالية ومعنوية وصحية في أجواء انتشار كوفيد-19. وقد قام بعملية نقل ثنائية في إطار استبدال قيّمين أحدهما بالآخر، فنقل القيم على فضاء تالسينت، الذي طلب الانتقال، إلى فضاء أكنول، ونقل القيم على فضاء أكنول إلى فضاء تالسينت، مسببا له مشاكل اجتماعية ومعنوية.
وبرر نقل القيم على فضاء أكنول إلى تالسينت بدعوى عدم المردودية. والمفارقة أنه يطلب منه مواصلة المهمة نفسها بفضاء آخر، وهنا يظهر التلاعب، لأن الهدف غير المعلن هو تنقيل القيم على فضاء تالسينت إلى فضاء أكنول بطلب منه.
ويتحسس العشرات من القيمين رؤوسهم انتظارا لانتقالات تأديبية أخرى، بدافع عدم المردودية، بينما الدوافع الحقيقية هي دوافع انتقامية، لأن القيّمين المستهدفين هم خارج دائرة المرضي عنهم من خدم الاتحادي مصطفى الكثيري. فبعضهم سيُنقل لأنه لا "يتفكر" رؤساءه، أو يُنقل لإفراغ المكان لأخرى مرضي عنها، تستفيد من التنقيل حسب إرادتها ورغبتها، في إطار المحاباة.
ويتساءل العارفون بخبايا هذه الفضاءات: إلى متى تستمر المندوبية السامية للمقاومة، بعد انتشار دور الثقافة التابعة لوزارة الثقافة، ووجود المعهد الملكي لتاريخ المغرب، والمؤسسة الوطنية للمتاحف، ومؤسسة أرشيف المغرب، زيادة على وزارة الثقافة، والمكتبة الوطنية.
وبانفجار فضيحة فضاء الذاكرة التاريخية بدار بوعزة، بناحية الدارالبيضاء، صار الجميع يتساءل عن هذه المرافق النافلة. فقد أمر وكيل الملك بالمحكمة الزجرية بالدارالبيضاء باعتقال (إد.ب) القيّم على فضاء الذاكرة التاريخية بدار بوعزة، وإحالته على قاضي التحقيق، بتهمة التزوير في محاضر بنكية. ويتعلق الأمر بدعوى رفعها ضده أحد سماسرة المواشي. وما أن علم مصطفى الكثيري باعتقال القيم على فضاء دار بوعزة، حتى صار يجتذب الحديث مع كل معارفه، ويستطلع آراءهم، ذلك أن القيم الموجود رهن الاعتقال هو نائب إقليمي سابق للمندوبية السامية للمقاومة ويرتبط مع الكثيري بعلاقات خاصة، فهو الذي وظف علاقته بجمعية مغربية بهلسنكي بفنلندا قبل سنتين وتدبر لمصطفى الكثيري في استضافة سياحية، لما يزيد عن أسبوع، من طرف رئيسة الجمعية المذكورة، وعلى نفقة الجمعية، ورافقه خلالها الموظف الموجود رهن الاعتقال حاليا، وبالمناسبة فهي نفس الرحلة السياحية التي صارت على الورق رحلة عمل خارج التراب الوطني، وما لها من كلفة مالية على ميزانية الإدارة. وهذا مدخل للبحث في مثل هذه العلاقات والإكراميات التي يستفيد منها مسؤول يقضي جل أوقات عمله متجولا في الداخل والخارج، ومترددا على بيوت المقاومين وغيرهم طمعا في الولائم والمآدب لولعه النّهِم بالأكل في بيوت الغير...