الغد 24 خبر الغد تقرأه اليوم

الناطق الرسمي باسم القصر الملكي ضمن لجنة لتعيين مرشح لمنصب لا مبرر له ولمندوبية المقاومة

 
أثار حضور الناطق الرسمي باسم القصر الملكي، عبد الحق المريني، لدى المصالح المركزية للمندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير، بعد ظهر يوم الأربعاء 13 أبريل 2022، فضول الجميع... ولهذا الحضور فائدة ينتظرها المندوب الأكول للمقاومة وجيش التحرير مصطفى الكثيري، الذي يستغل كل العلاقات، سواء قوية أو ضعيفة لتسويق صورته، كما هي عادته، والظهور أو التظاهر، كشخص ذي حظوة محمي من طرف أصحاب النفوذ في دواليب الدولة، وأنه فوق المحاسبة أو المساءلة.
 
ويزيد من حاجة المندوب إياه إلى هذه الصورة الحالة النفسية والمعنوية، التي يوجد عليها هذه الأيام، بسبب ترقّب التغيير الحكومي الجزئي والتغيير المتوقع على رأس مجموعة من المؤسسات العمومية، كما يعيش المندوب ذاته حالة ضغط نفسي بسبب التعرية التي تتعرض لها المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير إعلاميا مواكبة للغليان الداخلي، الذي تعيشه المؤسسة منذ أسابيع، وخاصة بعد الهجمة القوية التي شنها الميلودي مخاريق، الأمين العام للاتحاد المغربي للشغل، على المندوب الأكول للمقاومة وجيش التحرير، والذي توعّده بالويل والخزي...
 
في هذه الأجواء، فإن الناطق الرسمي باسم القصر الملكي، عبد الحق المريني، المثقف المغربي الأصيل والكاتب والمؤرخ الكبير، عندما حلّ بمندوبية المقاومة وجيش التحرير زاد من الفضول حول دواعي وجود شخصية عمومية مرتبطة بتقديم الأنشطة الملكية أمام الرأي العام الوطني والدولي، وتصريحاته تؤخذ بصفته ناطقا رسميا باسم القصر الملكي...
 
لكن بعد ذلك، أفادت الجهات المسؤولة بقسم الشؤون الإدارية ومصلحة الموظفين بالمندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير أن وجود الناطق الرسمي باسم القصر الملكي بالمندوبية مرتبط بإجراء مقابلة مع الموظفين، الذين تقدموا بترشيحاتهم لشغل منصب مدير الأنظمة والدراسات التاريخية بالمؤسسة ذاتها، وهو المنصب الشاغر منذ 8 يونيو 2017، بعد أن غادره شاغله السابق نحو وكالة التنمية الاجتماعية، التي عُين مديرا لها من طرف رئيس الحكومة السابق سعد الدين العثماني، قبل أن يُعفى منها في صيف 2020 من طرف المسؤول الحكومي نفسه، في ظروف يعرفها الجميع.
 
وقد اختير عبد الحق المريني لرئاسة اللجنة المكلفة بإجراء المقابلة مع المرشحين الثلاثة الذين تم انتقاؤهم لإجراء المقابلة، وضمت هذه اللجنة في عضويتها سمير بوزويتة، عميد كلية الآداب والعلوم الإنسانية بفاس سايس، الذي يرتبط بعلاقة صداقة مع المندوب الأكول للمقاومة وجيش التحرير، كما يرتبط بعلاقة صداقة مع المرشح، الذي من أجله تم فتح باب الترشيح لشغل المنصب بموجب ثلاثة قرارات صادرة عن رئيس الحكومة بين 2018 و2019.
 
وكان المندوب الكثيري قد صرّح، في اجتماع النواب الإقليميين للمندوبية السامية لسنة 2019، وكرر نفس التصريح في اجتماع آخر لنفس المسؤولين لسنة 2020 بالمقر المركزي، أنه تحادث مع رئيس الحكومة في شأن تعيين (ح.م) المقرّب من المندوب الأكول، وأن تعيينه بات وشيكا، بل وهنأ المرشح بحضور زملائه. لكن الحكومة السابقة، رفضت اقتراح المعني بالأمر لشغل المنصب لثلاث مرات متتالية.
 
وقد اتضح أن المنصب لم تعد له من جدوى في إدارة تتضاءل أعداد مواردها البشرية، كما انتهى دورها خاصة مع وجود مؤسسات ذات الاختصاص بالذاكرة الوطنية وتوثيق التاريخ الوطني المرتبط بالمقاومة وجيش التحرير، الذي يمكن أن يقوم به المعهد الملكي لتاريخ المغرب، المحدث بظهير ملكي في خريف 2005، وأرشيف المغرب، وغيرها من المؤسسات صاحبة الاختصاص، بدل أن تتطفل عليه مندوبية ارتبط مبرر وجودها بالمجلس الوطني لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير، الذي لم يعد له وجود، كما أن المؤسسين الأوائل غادروا الحياة الدنيا وفي قلوبهم غصّة من تهجّمات المندوب الرخيصة والبئيسة والتافهة عليهم، بدءا من الفقيد الكبير سيدي الغالي العراقي الحسيني، وصولا إلى الفقيد الحاج الحسين برادة، الذي ألف كتابا خاصا بمثالب وسقطات المندوب الأكول الكثيري وما ارتكبه من خروقات واختلالات، حتى لم يعد له من دور في المندوبية غير مصالحه الخاصة بتعويضات تنقّلاته داخل المغرب وخارجه، وكذلك مصلحة بعض أقاربه وبعض المقربين منه...
 
وهناك عامل آخر يزيد من تأكيد أن هذا المنصب لم تعد له من جدوى، يتمثّل في فشل سياسة ما يسميه المندوب الأكول للمقاومة وجيش التحرير بسياسة بناء فضاءات الذاكرة التاريخية، وهي مرافق دخيلة ترفض وزارة المالية الاعتراف بها ولا تخصص لها ميزانيات أو موارد بشرية كما لا تموّل صفقات بنائها. ويتبع المندوب الأكول في بنائها نهج "عاون الفريق" المعروف به، مستغلا الولاة والعمال ورؤساء المجالس المنتخبة عبر تحويل اعتمادات من الأغلفة المالية المخصصة للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية لبناء هذه المرافق الطفيلية، التي لا تتوفر على وسائل العمل ولا تتوفر على المرافق والوسائل الصحية وخاصة في المناطق الوعرة مناخيا وتضاريسيا.
 
كما أن هذا المنصب ومعه المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير لم يعد لهما أي مبرّر للاستمرار، اللهم إلا التشبّه بكابرانات الجزائر، الذين يتاجرون بمؤسسات المجاهدين لنهب أموال الشعب الجزائري، ولمعاكسة المغرب في تجسيد حقوقه الوطنية على أقاليمه الجنوبية، ووصلت النكتة بهم إلى تعيين "مجاهد هرم" على رأس "اتحادية" كرة القدم الجزائرية...
 
بل إن هذا المنصب ومعه المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير لم يعد لهما أي مبرّر للاستمرار، منذ أن وافق مجلس الوزراء، الذي ترأسه الملك محمد السادس يوم 28 يونيو 2021، على مشروع القانون-الإطار المتعلق بإصلاح المؤسسات والمقاولات العمومية، الذي يهدف، وفق ما جاء في بلاغ الناطق الرسمي باسم القصر الملكي، عبد الحق المريني نفسه، إلى "وضع برنامج لإعادة هيكلة المؤسسات والمقاولات العمومية، من خلال تجميعها أو إدماجها أو حلّها وتصفيتها...".
 
وبالرغم من ذلك، يحاول المندوب الأكول للمقاومة وجيش التحرير توريط الجميع في مناوراته للاستمرار في منصبه وترقية المحاسيب في مناصب مسؤولية لا فائدة منها. كما يطرح هذا المنصب مسألة الجدوى من إحداث بديل له كما عبر عن ذلك الوزير الأول، إدريس جطو، الذي سبق أن قرّر، في سنة 2003، حذف هذه المديرية بموجب رسالة وجهها للمندوب الأكول. كما أن هذه المناورات يهدف منها المندوب الأكول اللهث وراء فك الحصار عن نفسه بعد أن كشف المجلس الأعلى للحسابات عورته، وشخص اختلالاته في تقريره المنجز برسم سنة 2018، والمقدم إلى الملك محمد السادس في صيف 2019، والذي تضمّن مآخذ على التدبير الكارثي للمندوب الأكول من قبيل الشبهات حول فساد الصفقة رقم 3/2015 شكلا ومضمونا، والمصيبة أن هذه الصفقة تتعلق بنشاط منظم تحت الرعاية الملكية، وهو ما يضع المندوب الأكول للمقاومة وجيش التحرير ومدير الأنظمة والدراسات التاريخية السابق ورئيس قسم الشؤون الإدارية السابق، في موقف حرج خاصة وأن الملف هو بين يدي النيابة العامة والفرقة الوطنية للشرطة القضائية.
 
ولذلك، يطرح السعي إلى شغل هذا المنصب، الذي لم يعد له أي معنى، معضلة تدبيرية حقيقية، تكشف جانبا من أعطاب هذه الحكومة، حين تتذرّع بالأزمة لعدم تخصيص اعتمادات لبعض الخدمات العمومية الأساسية، ليصبح هذا الخطاب الذرائعي مفتقدا للمصداقية، إذ يتناقض، شكلا وموضوعا، مع قرارتها بالتعيين في منصب لا جدوى منه، خاصة وأن الشخص "المحظوظ" المرشح لشغل المنصب، سبق أن اقتُرح ثلاث مرات قبل هذا الترشيح وتمّ رفضه، فضلا عن أنه بلغ السن القانونية للتقاعد في منتصف السنة الماضية، وهو الآن في فترة تمديد فقط لمدة سنتين، قضى منها سنة تقريبا...
 
في الواقع، لم نقل كل شيء، إذ هناك تفاصيل أخرى سنعود إليها مع رصدنا للتطوّرات، التي سيفضي إليها هذا الملف...