الغد 24 خبر الغد تقرأه اليوم
الحياة والموت في زمن كورونا.. عمل نحتي رملي للفنانة الفلسطينية رنا الرملاوي (أ.ف.ب)

من الأعماق!! موت وحزن وعجز وحياة جميلة يا صاحبي

 
عزيز رويبح
 
عزيز رويبح يوما: بيننا إرادة أن نبقى سويا في هذه الحياة ما استطعنا إليها محبة واستشرافا
 
تتعطل لغة الكلام ويعجز العقل عن استيعاب قوة الصدمات، وهول المصائب، وكثرة الفقد، وتوالي النعي، ووطأة العجز... معه يرتكن القلب للارتعاد وينطوي على ذاته من شدة الحزن وسعة الخوف وسؤال المصير...
 
الحياة والموت ليستا أكثر من لعبة حظ عبثية عندما تصبح أجسادنا وأرواحنا عرضة لرصاص فيروسي حي غير مرئي ولا مسموع، يُصيب ويَخترق بدهاء ومكر يَقتل، يَفتك، وفي أحسن الأحوال يُتعب ويُؤرق ويُخيف.
 
قدرنا، نحن جيل الرسوب في كل الاختيارات، جيل التيه والثورات والأفكار "الكبيرة" الملقاة على قارعة التاريخ، أن عشنا كل الويلات الممكنة، من حروب استثنائية، ومجاعات وأمراض مفتعلة، إلى تدمير حضارات آلاف السنين أمام أعيننا بالصوت والصورة، حگرة حضارية، عشنا وما زلنا نعيش تراجيدية وجودية لا يهون من وقعها إلا بعض تفردنا في التكيف العجيب والسوريالي لذواتنا مع كل ما هو مأساوي عبر عوالم هامشية، نصنعها صنعا، بأنانية مفرطة وذاتية موغلة في الاستسلام تحيلنا ضحايا مهزومين يتقنون جيدا الكلام في معاني البطولات والانتصار!
 
لست أدري كيف أعبر عن حزني أو بالأحرى خجلت من التعبير عنه إلا باستعادةٍ لجزء من شريط المآسي، ليس الفردية فحسب لأنها لا تكفي، ولن تشفي الغليل في التعبير عما يقع ويدور ويحدث، فحزني "أنا" مجرد قطرة في محيط إنساني متلاطم الموج والانكسارات، وحدتنا الإنسانية في المنتهى والمصير هي الأعمق والأجدر بالتأمل والنظر والتبصر، ما يحدث يدمر مبدئيا كل الحواجز المتراصة والمتراكمة بيننا نحن بني البشر، في اختلافاتنا ومعتقداتنا وميولاتنا وانتماءاتنا، إنها لحظة "الانفجار الكبير" في القيم والمبادئ والأفكار، إما أن ينتصر الإنسان للإنسان أو يزيده بؤسا وارتيابا. إن الطبيعة والتاريخ يضعان العقل الإنساني أمام مسؤولياته الأخلاقية من جديد!
 
نعم الحزن قاس، لكنه يبقى مجرد لحظة عجز عن القبول بالحياة كما هي بمخاطرها ومخاوفها وأوجاعها، الحزن هو لحظة وَهَنٍ تحُول بيننا وبين الانقضاض على تفاصيل الحياة بجمالها وروعتها، بمتعها ومفاتنها.
 
الحزن! ليكن ولكن باستحضار واع منا أنه مجرد معطىً عارضٍ ولتبقى معه الحياة قيمة وأمانة تستحق أن نشحذ من أجلها كل قوانا لنعيشها بشجاعة...