الغد 24 خبر الغد تقرأه اليوم

صبير: "الباكور" و"الزعتر".. قصة المتنمّرين على الجواهري الذين حوّلهم الملك إلى "قنافذ" منكمشة

 
لحسن صبير
 
 
كثير منهم -بانتظار تصريحات الآخرين- قرصاتهم النحلة: "الباجدة" خرّجو بوليف، "الأحرار" خرّجو أخنوش، "الحركة" خرّجو العنصر، "الحركة بريم" خرّجات ولد كوميسر درب مولاي الشريف عرشان.. وما زال العاطي يعطي...
 
ما الذي يثبته كذا أمر وكذا حملة؟
 
إن هؤلاء القوم يصرون على أن يستمروا في الضحك على المغاربة وفي الحجر عليهم وعلى مستقبل الديمقراطية في هذا البلد... هؤلاء ألفوا "الابتزاز السياسي"... وهم بحاجة، بعد الانتخابات، إلى زلزال سياسي حقيقي: يا إما أن يتلاءموا مع الأدوار الموكولة لهم بموجب الدستور أو "يسدوا البوتيكات" التي تحولت إلى أبناك تسيّر بين الدورات الانتخابية بـ"الشكارة" و"شبكات الخدمات"... نحن لسنا مستعدين للعودة إلى "الثيوقراطية" ولا لتضخم الملكية التنفيذية.. إذن لابد من أحزاب حقيقية وليس "كيوسكات" (أكشاك) انتخابوية... سالينا!
 
واسمحوا لي أن أعود ببعضٍ ممن ذاكرته أقرب إلى ذاكرة سمكة:
 
في نهاية يوليوز 2017، خرج الملك في خطاب شهير ليتحدث عن فقدان المغاربة للثقة في الأحزاب، وأنهم يترجمون خصاص الثقة هذا في العزوف عن الانتخابات، وليتحدث عن امتداد فقر الثقة هذا بعدواه إلى المؤسسات، وشرح مظاهر انتهازية الأحزاب في الإقبال على جني المغانم، والهروب عند الملمات، تاركين الدولة من دون ظهير، وجها لوجه مع الشارع، مستخلصا أن الشعب في واد والأحزاب في واد آخر...
 
يومها تحوّل المهاجمون اليوم للسيد الجواهري، إلى "قنافذ" منكمشة على ذاتها، لكنها اليوم اكتسبت "رُجلة" غير مسبوقة في التنمّر على الجواهري، مع أنه قال أقل بكثير مما قاله الملك عندما استعرض أعطاب الممارسة السياسية والحزبية بالمغرب...
 
كان ذلك سنة 2017، أي منذ قرابة الأربع سنوات، فما الذي فعلته الأحزاب على مدى أربع سنوات لتقويم مسلكها إزاء النهوض بالمهام الموكولة لها دستوريا، والتي تتحصل بموجبها على موارد ذات بال من المال العام، أي من ضرائب المواطنين:
 
هل فكرت في صيغ لتنظيمات القرب؟
 
هل قادت فروعا لها عرائض للتشريع لأجل قضايا حارقة بعينها؟
 
هل عززت منسوب الانتظام المجتمعي ييسر مخاطبين مترافعين في الشأن المحلي أو الجهوي أو الوطني؟
 
هل فتحت أكاديميات جهوية أو وطنية لتدريب منخرطيها -إن كان لها منخرطون أصلا- على إدارة شؤون الدولة والمجتمع محليا أو جهويا أو وطنيا؟
 
هل بادرت إلى إطلاق نقاشات عمومية حول قضايا بعينها لغاية الُتأثير في القرار السياسي أو إخراج تشريع بعينه يرقد في أدراج الأمانة العامة للحكومة أو البرلمان؟
 
هل خاضت ندوات وطنية حول قضايا ضاغطة بعينها لصياغة رؤى اقتراحية رزينة يشارك فيها خبراء؟
 
هل أسست مراكز التفكير (think tanks) كما تفعل اليوم الأحزاب، التي تحترم نفسها، وتحترم مسؤولياتها المجتمعية، وتحترم فوق هذا وذاك الشأن العمومي كشأن صار مجالا للمعرفة وليس لـ"الشعوذة" و"الدجل" "والدماغوجيا الشعبوية"؟
 
لا هذا ولا ذاك، أربع سنوات عجاف، لم تتحمل فيها هذه الأحزاب ولو لعب دور "الكومبارس" في مواجهة "الجائحة"...
 
لكن شيئا مُهمّا فعلته، وهو حينما أزفت الانتخابات، تحولت إلى جماعات "سراق" و"قطاع طرق".. بعضٌ يسرق من بعض.. فرع هنا أو رئيس جماعة بقاعدة انتخابية من هناك.. حتى صار المشهد، في بضعة أسابيع، أشبه بـ"الگرنة"...
 
هل هذه هي الأحزاب التي يستحقها المغاربة؟
 
وهل بكذا أحزاب ستقوم قائمة لأية ديمقراطية؟
 
أليست كذا أحزاب سبب عضوي في تهديد عودتنا إلى "الثيوقراطية" أو خطر استمرارنا في تضخم الملكية التنفيذية؟
 
ألم يعد كذا حال مهددا حقيقيا للاستقرار الاجتماعي والسياسي؟
 
لقد مضى زمن تعليق الشماعات على "البصري".. .ففي عز سطوته كانت الناس تمنح ثقتها لمن يقف في وجه "سلطويته"...
 
واليوم، وقد صار المجال مفتوحا، صارت الأحزاب طاردة للمناضلين الميدانيين وللكفاءات، وصارت لاهثة وراء "الفنادقية" و"الشنّاقة" و"اصحاب الشكارة" القادرين على مزيد من تخريب الحس السياسي المواطني برشاوي الخدمات الصغيرة -وأكثرها حقوق مستحقة في إدارة الشؤون المحلية- أو رشاوي حرفية (قفف الإعانات المناسباتية، أو حولي العيد.. أو أو...) أو "تشنيق" العمالة (لأن المعمل أو الضيعة الفلاحية تتحول إلى "سانزالا" برازيلية، الصوت مقابل خبز العمل اليومي)...
 
وبدل أن تكون الأحزاب حربا على الفساد والإفساد ودفاعا عن نبل العمل السياسي صارت عشا مشيعا ومؤبدا له، ومختبرا لتخريب أسس انبلاج ثقافة المواطنة...
 
بل إن الأحزاب الوطنية، التي عُرفت، من زمن مضى، بمقاومة كذا منحى صارت من أكبر المراتع له كما لو جارت مقولة "دير ما دار جارك ولاّ بدل باب دارك"، وهناك كثير قصص محلية في هذا الباب، حيث ووجه مناضلوها الميدانيون بكل خبرتهم وشعبيتهم بـ"واش عندك شي فلوس" باش تدخل للانتخابات؟ الحزب ما مستعدش لا يموّلك ولا يخسر حظوظ مقعد انتخابي...
 
إذن، أيها السادة، بدل أنكم تجاوبوا الملك بطريقة غير مباشرة على مضمون خطاب 2017، الذي اعاد محتواه السي الجواهري على مسامعكم، بتبسيط، التفتوا لكوارثكم.. فقد صرتم كارثة وطنية..
 
وراكم ماشي لا زعتر ولا باكور.. فهما أنبل منكم.. راكوم "خرواع" إيلا ما قتل كيدير الإسهال القاتل... تلاحوا...