محمد المدلاوي: ثقافيّات مغربية.. شفافية غير مكتملة في دعم الكتاب ولجن الفحص والتقويم غير معلومة
الكاتب :
"الغد 24"
محمد المدلاوي
أصدرت وزارة الشباب والثقافة والتواصل بلاغا حول "نتائج دعم قطاع النشر والكتاب برسم سنة 2024"، هذه بعض المقتطفات منه:
- "تنفيذا لسيّاسة وزارة الشباب والثقافة والتواصل الرامية إلى مواكبة قطاع النشر والنهوض بصناعة الكتاب ودعم جهود مختلف العاملين والفاعلين في مجالات التأليف والكتابة والنشر، وفي إطار مقتضيات النصوص التشريعية المنظمة لدعم المشاريع الثقافية، عقدت لجنة دراسة طلبات عروض المشاريع المرشحة للدعم في قطاع الكتاب برسم دورة 2024 سلسلة من الاجتماعات للبت في المشاريع المستوفية للشروط المطلوبة للاستفادة من الدعم".
- "وقد حرصت اللجنة على فحص ودراسة المشاريع المرشحة وفقا لمعايير الجودة والاستحقاق".
- "نشر الكتاب: منح الدعم لـ201 مشروع من أصل 594 مشروعا، بمبلغ إجمالي قدره 3.060.000 درهم".
♦♦♦♦
ومن بين ما يُستفاد من إلقاء نظرة خاطفة على جدول توزيع دعم نشر الكتاب خاصة، ما يلي:
- تراوحت مبالغ دعم العمل المقبول الواحد في باب نشر الكتاب ما بين 8.000 درهم و40.000 درهم (تفاوت الحجم وكلفة الورق أم في الجودة والاستحقاق؟). وقد حصلت ثلاثة أطراف ناشرة من أصل عدة عشرات واردة في الجدول على حصص 477.000 درهما، و272.000 درهما و173.000 درهم على الترتيب؛ أي ما مجموعه 922.000 درهما، وهو ما يمثل حوالي رُبع الكتلة المالية العامة التي رصدتها الوزارة لدعم كافة أوجه الدعم الثقافي من نشر، وتنشيط، ومعارض في الداخل والخارج (3.060.000 درهم). ومن المفترض أن كل ذلك تمّ "بناء على شروط الجودة والاستحقاق والشروط المطلوبة للاستفادة من الدعم"، كما ورد في تصدير البلاغ.
- غطى دعم الكتاب مختلف أنواع وأجناس الكتابة وبتنوع في لغات الكتابة (عربية أمازيغية فرنسية) وفي الحمولات الثقافية وفي حرف الكتابة (عربي، لاتيني، تيفيناغ، على اختلاف المقروئية الفعلية القائمة اليوم).
♦♦♦♦
أكيد أن البلاغ وجداوله الشفافة حول توزيع الدعم على مختلف أوجه النشاط الثقافي بالمغرب يستحق قراءة تحليلية أكثر تفصيلا وتعمّقا وضبطا لاستجلاء أوجه التوافق أو التقاطع أو غير ذلك ما بين "سيّاسة وزارة الشباب والثقافة والتواصل الرامية إلى مواكبة قطاع النشر والنهوض بصناعة الكتاب ودعم جهود مختلف العاملين والفاعلين في مجالات التأليف والكتابة والنشر في إطار مقتضيات النصوص التشريعية المنظمة لدعم المشاريع الثقافية" من جهة، ونتائج عمل "لجنة دراسة طلبات عروض المشاريع المرشحة للدعم في قطاع الكتاب"، التي اعتمدتها الوزارة، من جهة ثانية.وهذا هو الرابط نحو نص بلاغ وزارة الثقافة في الموضوع
على هامش هذا:أما مشروع "إيّامْ الدارْ الكْبيرة"، الذي تقدمت به إحدى دور النشر طلبا لدعم نشره، فإنه لم يستوف "شروط الجودة والاستحقاق والشروط المطلوبة للاستفادة من الدعم" في نظر لجنة الفحص والتقويم المعتمَدة؛ ولعله نظر اللجنة قد اعتمد معايير نقديّة/فنّية تتعلق بالأسُس النظرية لأعمال الجنس الأدبي المعنيّ كما يُفترض أن تلك المعايير قد تمّ اعتمادها في ما يناظر "إيّامْ الدارْ الكْبيرة" من الأعمال، التي تم فحصها وتقويمها، و/أو كذلك معايير مفاهيم "الثقافة المغربية" والآداب المغربيّة، بمختلف حواملها اللغوية، وبمختلف السجلات، بناء على القانون الأسمى، أي الدستور، الذي ينص فصله الخامس على ما يلي: "تعمل الدولة على صيانة الحسانية، باعتبارها جزءا لا يتجزأ من الهويّة الثقافية المغربية الموحّدة، وعلى حماية اللهجات والتعبيرات الثقافية المستعملة في المغرب".
على كل حال، ومهما كان رأي اللجنة موافِقا لسيّاسة الوزارة في اعتماد منطوق ومفهوم ما نص عليه الفصل الخامس من الدستور أم كان لها منظارُها الخاص و"غربالها الخاص"، فإن عمل "إيّام الدار الكْبيرة" سيشق طريقه نحو رؤية النور، كما رأى النور قبله عمل "يوميّات موحمّاد" (2022)، الذي نفذ بعد سنتين من صدوره، إذا ما كانت مقروئية المغاربة الفعلية معيارا بلا وصاية.
وستكون هناك عودة إلى هذا الموضوع.
وفي انتظار ذلك، هذا رابط نحو تقديم سينوبتيكي لعمل "إيّامْ الدارْ الكْبيرة" الذي تفضّل بالتقديم له الكاتب الروائي والأستاذ الباحث خليل مغرفاوي مشكورا:
مثل هذه القراءة لعناصر البلاغ، مهما كان نصيبها من الصواب أو من الخطأ، ما كانت لتكون ممكنة لولا الشفافية، التي أصبحت تتمتع بها اليوم نتائج مثل هذه التدابير العمومية، وهي شفافية يتعين تعميمها على أوجه أخرى من أوجه تصريف الدعم العمومي.
غير أن تمام تلك الشفافية في حالة دعم الكتاب خاصة، لن يحصل إلّا بإصحاب البلاغ بلائحة أعضاء لجنة/لجان الفحص والتقويم، لكي يتحمّل كل طرف من الأطراف، التي تحسم في صرف الدعم العمومي مسؤوليتَه المعنوية، أمام الرأي العام...
______________________ الدكتور محمد المدلاوي المنبّهي أستاذ جامعي وكاتب وباحث متخصص في اللسانيات العربية والأمازيغية والعبرية