ماذا سيخسر طلبة الطب والصيدلة في المغرب لو تم قبول العائدين من أوكرانيا؟
الكاتب :
"الغد 24"
إسماعيل عزام
ماذا سيخسر طلبة الطب في المغرب لو تم قبول العائدين من أوكرانيا؟
"انتهازية" من العائدين؟
لا أحد منهم يتحمل مسؤولية اندلاع الحرب في أوكرانيا، بمعنى أن لا أحد اختلق عذر الحرب ليعود. الحرب ظرف خارج تماما عن إرادتهم، وكنا إلى غاية الأمس نرغب فقط بخروجهم سالمين.
تهديد لـ"جودة" تعليم الطلبة الأطباء في المغرب؟
يمكن أن تقول عن التعليم في المغرب كل شيء إلا الجودة. لكن إذا ما ذهبنا مع القول السائد إن كليات الطب في البلد لديها جودة معينة، فيمكن ببساطة اللجوء إلى اختبارات لتحديد مستوى العائدين، وإلى فترة زمنية تأهيلية لمن تم قبولهم.
هكذا يتم ضمان تساوي الحظوظ.
لنضع السؤال في الجانب الآخر: ماذا سيخسر الطلبة العائدون من أوكرانيا؟
هناك إمكانية لخسارة مسارهم الدراسي بالكامل في حال لم تتوقف الحرب في أوكرانيا وفي حال لم تتح لهم دول أخرى الدراسة.
من يقول إن عليهم التوجه إلى الكليات الخاصة يعتقد أنهم من الطبقة الغنية، ولا يدرك أن الحياة في أوكرانيا رخيصة مقارنة مع وجهات أخرى، ويمكن للطالب أن يلبي مصاريف المعيشة بما بين 2000 إلى 2500 درهم هناك. هذا المبلغ لا يصل حتى إلى ربع ما يحتاجونه للدراسة في الكليات الخاصة.
لنضع كل هذا في الميزان حتى ندرك من هو المتضرر الأكبر.
نقطة أخرى. هل طلبة الطب في أوكرانيا بكل هذا السوء؟
لا أعتقد، وإلا لم يكن عدد من دول الاتحاد الأوروبي، التي تفوق المغرب بمراحل في مجال الرعاية الصحية، تقبل الأطباء الأوكران وغيرهم من خريجي الجامعات الأوكرانية للعمل فيها. المثال في ألمانيا حيث يوجد الكثير منهم ولا يحتاجون سوى لدبلوم في اللغة ومعادلة شواهدهم.
فهل هذه الدول مهملة لحقوق مواطنيها لدرجة تمكين أطباء "غير أكفاء" بفحص مواطنيها؟ علما أن شهادة الطب الأوكرانية تعادل كذلك في المغرب.
هناك حقيقة واضحة. الكثير من طلبة المدارس والكليات العليا يشعرون أنهم أفضل من أقرانهم، وأن حصولهم على نقاط عالية في البكالوريا يجعلهم في مرتبة أعلى من الآخرين.
هذا الوهم الذي كرسه نظام تعليمي فاشل يبني التفوق على النقاط، كان وبالاً على الكثير من الطلبة لتحقيق أحلامهم، وفي الوقت الذي يوجد فيه الكثير من الطلبة الذين اختاروا عن قناعة تخصصات تطلب معدلات عالية، هناك آخرون يدرسون فيها لسبب وحيد: أنها تضمن لهم في ما بعد وضعاً اجتماعياً معيناً بغضّ النظر عن حبهم للمهنة أو لا.
المغرب يعاني من أزمة نزيف في القطاع الطبي. الحل ليس بمزيد من إقصاء الطلبة وبالتعامل بمنطق تمييزي. الفيصل هو الجدارة، وعلى الدولة أن تبني كليات طب أكثر وتراجع فكرة العتبة المرتفعة وتجعل امتحان الولوج متاحا لأكبر عدد ممكن، وهناك دول عديدة تملك نظام رعاية صحي أفضل بكثير من المغرب لا تعتمد كل هذه الصرامة.
الحل الأمثل للطلبة العائدين هو استمرار الدراسة في أوكرانيا إن توقفت الحرب قريبا، لكن إذا كان الأمر عكس ذلك، وإذا تبين بشكل مستقل أن لديهم أساسا علميا للدراسة في بلدهم، فإقصاؤهم عندها لن يكون سوى تصفية حسابات ضيقة تتوهم التفوق...