الغد 24 خبر الغد تقرأه اليوم

المرادي: أكثر من أسف على مشاركة المغرب كضيف شرف لمعرض الشارقة الدولي للكتاب

 
عندما يغيب الكاتب والناشر المغربي أحمد المرادي عن معرض الشارقة الدولي للكتاب في دورته الثالثة والأربعين، التي اختتمت فعالياتها يوم أمس الأحد 17 نوفمبر 2024، فإن الأمر "جلل"، لابدّ أن هناك وضعا ما استدعى هذا الغياب الشخصي، الذي فصله عن مشاركة "دار التوحيدي"، التي يدير نشرها، في هذه التظاهرة الدولية الكبيرة... ومردّ ذلك إلى العلاقة الخاصة، التي نسجها المرادي مع هذا المعرض الدولي، الذي ظلت "دار التوحيدي" هي دار النشر المغربية الوحيدة التي تشارك لسنوات في فعالبيات هذا المعرض، مشاركة وازنة ظلت تحرص على أن تقدّم لعموم المرتفقين ومرتادي المعرض من مختلف الأجناس صورة أخرى عن مغرب آخر، مغرب التنوع والتعدد، مغرب التنوير والبحث الموصول عن آفاق التقدّم، كما رافق المرادي مختلف تطوّرات هذا المعرض، الذي يقول عنه إنه "بدأ، في دوراته الأولى، صغيرا متواضعا، وبإرادة المشرفين والمنظمين، بدأ ينمو ويكبر، ليصل اليوم إلى العالمية المشهود له بها في العالم أجمع"...
 
رواق "دار التوحيدي" في معرض الشارقة الدولي للكتاب نوفمبر 2024
 
 
تمت مأسسة المشاركة المغربية في معرض الشارقة خلال 10 سنوات خلت، بفعلٍ وبتفعيلٍ من "اتحاد الناشرين المغاربة" حين كان موحَّدا، قبل أن تتم شرذمته إلى "اتحادات" و"جمعيات"، بأيادي المصالح الضيقة لشبكات الناشرين، وسوء تقدير ولا كفاءة وفساد بعض الإداريين، وبعض الحسابات المنفعية الصغيرة جدا
 
اتصلنا بـ"حميد"، وهو اسم يناديه به، تحبّبا، رفاق أحمد المرادي الأقربون، لنعرف منه أسباب الغياب، وكان اتصال وتواصل شمل العديد من جوانب المشاركة المغربية في معرض الشارقة، ومؤاخذاته عليها، كان جواب المرادي قويا ودقيقا، فحضور "دار التوحيدي" في الشارقة كان عنوان تقدير لمعرض دولي اكتسب صفة العالمية بكثير من الجدارة والاستحقاق، بيد أن الغياب الشخصي للمرادي كان رسالة احتجاج على أوضاع مختلّة ومدعاة لكثير من الأسف، سيشرّحها الناشر والكاتب أحمد المرادي، في هذه المقالة، التي تحاشت وبقصدية، عدم الخوض في التفاصيل، لأنها، في تقدير ناشرنا، فاضحة، مفضّلا التطرّق إلى جواهر الأمور حتى "نتجنب الميوعة السائدة انتهازيا في نقد سلوك البعض" بحسب تعبيره، قبل أن يوجّه سهام نقده اللاذع للوبيات المصالح الضيقة لشبكات الناشرين، وسوء تقدير ولا كفاءة وفساد بعض الإداريين، وبعض الحسابات المنفعية الصغيرة جدا... هكذا تحدّث المرادي:
 
المرادي في حديث لقناة إماراتية بمعرض سابق للشارقة
 
أحمد المرادي
 
لم أكتب عن مشاركة المغرب كضيف شرف في الدورة 43 لمعرض الشارقة الدولي للكتاب المنعقد من 6 إلى 17 نونبر 2024.
 
ورغم مشاركتي لعشر سنوات متتالية، فلم أشارك شخصيا في دورة هذه السنة، بقرار مستقل، رغم مشاركة الدار، التي أديرها، في فعاليات المعرض.
 
أما وقد انتهى المعرض يوم أمس الأحد 17 نونبر 2024، وبعد متابعتي عن بعد لمجريات الأمور، وعن قرب بحكم مشاركة الدار الناشرة (دار التوحيدي) التي أديرها، ارتأيت من باب الواجب أن أعبر عن رأيي في ما يلي:
 
يشارك الناشرون المغاربة بمعرض الشارقة الدولي للكتاب، وبشكل مكثف، منذ 2014. قبل ذلك، كانت تحضر باسم المغرب دورُ نشرٍ عربية لها مقراتها بالمغرب، خاصة بالدارالبيضاء. لكن، وابتداء من سنة 2014، تمت مأسسة المشاركة المغربية خلال 10 سنوات خلت، بفعلٍ وبتفعيلٍ من "اتحاد الناشرين المغاربة" حين كان موحَّدا، قبل أن تتم شرذمته إلى "اتحادات" و"جمعيات"، بأيادي المصالح الضيقة لشبكات الناشرين، وسوء تقدير ولا كفاءة وفساد بعض الإداريين، وبعض الحسابات المنفعية الصغيرة جدا.
 
حلول المغرب ضيف شرف معرض الشارقة، حيث تتاح للوطن منصة لا تتاح دائما لعرض وترويج كل ملامح ومكوّنات وتنوّع وغزارة وتاريخية الثقافة المغربية، بل تم حصر الأمر في مساحة ضيقة من "المقرّبين" المعلومين، نساء ورجالا
 
مشاركة المغاربة انتقلت من مشاركة ناشر مغربي واحد قبل 2014 إلى مشاركة 16 ناشرا مغربيا، لتُتوج باحتفاء هذه الدورة بالمملكة المغربية كضيف شرف.
 
للأسف، لم يتم التشاور، "حسب علمنا"، مع أحد للإعداد لهذه التظاهرة الكبرى، حيث تتاح للوطن منصة لا تتاح دائما لعرض وترويج كل ملامح ومكوّنات وتنوّع وغزارة وتاريخية الثقافة المغربية، بل تم حصر الأمر في مساحة ضيقة من "المقرّبين" المعلومين، نساء ورجالا.
 
للأسف، لم تتجاوب الوزارة، عبر مديرياتها، مع المراسلات التي بعثها ناشرون، وكذا مثقفون، مُحمّلةً بمقترحات تروم التنويع والتجديد والعدل في اختيار مكوّنات الوفد المغربي، بل إن بعض المصالح لم تأخذ بمبدأ إداري بسيط وهو تأكيد التوصل بالمراسلات الرسمية من دور النشر ومن الفاعلين في القطاع من مثقفين وصناع محتوى ثقافي.
 
للأسف، وفد المثقفين، الذي مثّل الثقافة المغربية، أعيد تشكيله بنفس الوجوه، التي حضرت منذ زمن طويل لكل التظاهرات، باستثناءات تعدّ على أصابع اليد، وهذا الأمر يعيد طرح سؤال معايير الاختيار، ومن يختار، ومؤهلات الذين يتم اختيارهم في تخصصاتهم، بل من الوفد من لا تخصص له في مثل هذه التظاهرة الكبيرة، التي تعتبر ثاني أكبر معرض دولي للكتاب في العالم.
 
تضيع الميزانيات والفرص الحقيقية للترويج للوطن، بفعل سيادة المحسوبية والشبكية المصلحية والفساد الإداري وسوء التدبير، في ظل تقزّم مؤسسات الوساطة والتمثيلية للمهنيين إلى درجة الانمحاء أمام طابور الفساد والافتراس والجمود
 
للأسف، تم صرف ميزانية كبيرة على وفد دون معرفة مخرجات مشاركتهم وأثرها على الثقافة المغربية، وقد تابعت، عن بُعد، أغلب المشاركات المغربية في الفعاليات الثقافية للمعرض، وباستثناء بعض الإضاءات لكاتبات وكتاب مغاربة معترف لهم بكفاءتهم.
 
للأسف، تتاح للمملكة المغربية، ليس في قطاع الصناعات الثقافية والإبداعية فقط، بل في كل القطاعات الأخرى، فتضيع فيها الميزانيات والفرص الحقيقية للترويج للوطن وكفاءات الوطن ومنجزات الوطن، بفعل سيادة المحسوبية والشبكية المصلحية والفساد الإداري وسوء التدبير، ويتفاقم هذا الوضع حين تتقزّم مؤسسات الوساطة والتمثيلية (الاتحادات، الجمعيات، المراكز، الغرف) للمهنيين إلى درجة الانمحاء أمام طابور الفساد والافتراس والجمود.
 
بعد كل الأسف، إنني قد بلغت...
 
"دار التوحيدي" تشارك في النسخة 43 من معرض الشارقة الدولي للكتاب