"جرائم حرب" وهمية لروسيا في أوكرانيا.. معركة الإعلام ووسائط التواصل وخطأ قاتل للمغرب
الكاتب :
"الغد 24"
مع إطالة أمد الحرب الروسية في أوكرانيا، يمكن للمتابع أن يستنبط عدة دروس وعِبر، بالتأكيد ستنفع المغرب في مواجهة أعدائه، وهذا ما شرع "منتدى فار-ماروك"، ذي الصلة الوثيقة بالقوات المسلحة الملكية، في إنجازه...
الدرس الأول ركّزه "منتدى فار-ماروك" على تعزيز قدرات المغرب الردعية العسكرية، وهذا رابط الدرس الأول:
واليوم نلتقي مع الدرس الثاني، ويتعلق باستعمال الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي التي تحوّلت إلى ساحة حرب حقيقية...
شكل الإعلام، بمختلف وسائطه، أهم ساحات القتال الحقيقية بين روسيا وأوكرانيا، فإذا كانت روسيا تحقق نتائج جيدة على الأرض، فإنها خسرت الحرب الإعلامية بشكل قد يصعب تداركه.
فهناك من لا يعلم الكثير عن أسباب الحرب الحقيقية، التي قُدمت وكأنها "اعتداء غير مبرر" من الروس ضد أوكرانيا، وتم استخدام صور لا تمت للواقع بصلة، للحديث عن بطولات لأوكرانيا أمام الروس، وتم كذلك استخدام أخطاء بشعة للدفاعات الأوكرانية التي كان ضحيتها المدنيون لتقديمها كجرائم روسية... بل إن المتابع لصور بعض الخسائر الروسية لا يستطيع أن يعي مدى التقدم الميداني للجيش الروسي، حيث تقدم تلك الصور على أنها دليل على انهزامهم، في حين أن الواقع شيء آخر.
بل إن معظم المتابعين صدقوا إشاعة الهجوم الكاسح ضد كييف في اليوم الثاني من الحرب، الذي أعلنه الرئيس الأوكراني، الذي أصبح بطلا شعبيا ورمزا للمقاومة، رغم أنه لم تكن هناك سوى ضربات موجّهة لا تهدف إلى إسقاط المدينة.
خبرة الرئيس الأوكراني الإعلامية والدرامية جعلته يكسب عدة نقاط داخليا وخارجيا، وقد تكون سببا مباشرا في تسريع الضغط الغربي على روسيا وتشديد العقوبات تجاهها.
فلا الإعلام الغربي يسمح بتقديم وجهة النظر الروسية والحديث عن جرائم الحكومة الأوكرانية تجاه الأقليات العرقية، خاصة بالدومباس... بل حتى إن مجريات الحرب كانت قبل أيام تُحلل من خلال بيانات الجيش الأوكراني ومقاطع رئيسهم المصورة.
عدم رغبة الروس في تكرار ما وقع في "غروزني" وقتل الآلاف من المدنيين، يصوره الإعلام ضعفا روسيا في تحقيق أهدافها من الحرب، والواقع أن روسيا لديها من القوة النارية ما يمحي مدنا كاملة من الوجود كما وقع في الشيشان.
على المغرب اليوم أن يعي أهمية الإعلام بمختلف وسائطه، خاصة الإلكترونية ووسائل التواصل الاجتماعي، في التعريف بالمملكة وبعدالة قضاياها.
مع الأسف، على المستوى التلفزي، رغم وجود كفاءات إعلامية وجودة إنتاجية لدى الإعلام العمومي أو قنوات خاصة، فإن ضعف الاستثمار في بعضها وتركيزه على الجانب الترفيهي، يشكل عائقا حقيقيا لجعله منصة للدفاع عن قضايانا الوطنية وإيصال عدالتها خارج حدود الوطن.
كما أن وسائل التواصل الاجتماعي لا يتم استثمارها للحد من التعاطف الجمعوي للأطروحة الانفصالية. حيث يستغل البوليساريو منصة تويتر لجمع التبرعات والتمويل عبر المنظمات غير الحكومية الدولية من خلال فبركة الصور والفيديوهات، مستغلا ضعف إقبال المغاربة على هذه المنصة المهمة، وغياب توجه رسمي لمواجهة أعداء الأمة المغربية في الفضاءات الإلكترونية، التي أصبحت ساحة حقيقية للقتال الحديث.
وقد يكون هذا خطأ ليس فقط على المستوى الرسمي، ففي الوقت الذي يمضي فيه البعض ساعات في النقاشات الفارغة مع الذباب الإلكتروني الجزائري في صفحات شعبوية وتافهة، يقوم البوليساريو ببث أكاذيبه عبر منصات مختلفة ومقاطع فيديو مترجمة للإنجليزية والإسبانية، في حين أن النص الأصلي مخالف للنص المترجم بهدف تقديم "دلائل" على اعتداءات وانتهاكات وهمية لحقوق الإنسان بتراب الصحراء وانتزاع تعاطف شخصيات مؤثرة وغيرها، دون أي مقاومة إلكترونية مغربية.
على المغرب اليوم، حكومة وشعبا، تغيير نظرته للإعلام التقليدي والحديث، ليكون ساحة للدفاع عن قضايا المملكة والتعريف بحضارتها والوقوف أمام مناورات أعدائها...