الغد 24 خبر الغد تقرأه اليوم
والي بنك المغرب عبد اللطيف الجواهري

الأحزاب المغربية "مْبوكرة ومْزعترة"

 
محمد نجيب كومينة
 
 
ما قاله والي بنك المغرب عبد اللطيف الجواهري بشأن وضعية الأحزاب السياسية "المبوكرة والمزعترة"، في تقديري الشخصي، ليس ناشئا عن عداء للحزبية وللأحزاب، لأن تكنوقراطي اليوم عاش فترة ازدهار العمل الحزبي، وصمود الأحزاب خلال سنوات الرصاص، وعايش القيادات السياسية ذات الكاريزمية العالية، حيث كان عضوا في اللجنة التنفيذية للاتحاد الوطني لطلبة المغرب...
 
أعتقد، وإلى أن يثبت العكس، أن كلامه ذاك نابع من إحساس بالأسى والألم لما آلت إليه الحياة الحزبية من تردي شامل، لا يستثني أحدا، تردي التنظيمات وترهلها، تردي القيادات، تردي الأخلاق السياسية وتدهورها الذي بلغ حد فتح سوق للاتجار في البشر في الأيام الأخيرة...
 
الأحزاب اليوم بلا هوية مميزة ولا اختيارات أو برامج متمايزة، ولا علاقة لها بالمواطنين خارج الزمن الانتخابي، وأبوابها مغلقة في وجه الأطر السياسية والتقنية ذات المستوى العالي، وما أكثرها، بل إن المافيات المسيطرة تدفع بما تبقى من أطر إلى المغادرة كي لا يبقى هناك منافس على الريع الوزاري أو البرلماني أو المحلي.
 
هل تتصورون أن من يتنكر لحقوق صحافي ويتصرف كسلطة قائمة على الطغيان يمكن أن يحقق للمغاربة الوعودَ التي يتشدق بها ويزايد بها خطابيا، وهو أعلم بأنه إنما يعد نفسه أو من هم قريبون جدا منه؟! هل إن من يبيع التزكيات لمن يدفع أكثر ويسخّر الشنّاقة يمكن أن يُثاقَ في خطابه؟! وهل إن من يتحاربون ليل نهار بدوافع ذاتية بينما يعرفون أنهم بلا امتداد شعبي ولا أفق للخروج من الهامش، هل تتصورون أن يبعثوا على الثقة ويحفزون على المشاركة أو على النضال الديمقراطي الذي يتطلب قدرا من الأخلاق، وقدرا من الانسجام مع النفس، وقدرا من الوضوح في الرؤيا، وقدرا من الانفتاح على المواطنين بمختلف فئاتهم؟!
 
قد يسارع البعض إلى القول إن كل ما يحدث من فعل المخزن، وإذ لا أنفي مسؤولية بعض الأجهزة التي عملت على خلق الفراغ وتعميم العمالة وسيطرة الرداءة، فإنني أقول إن المخزن فعل أكثر في سنوات الرصاص ولم يصل إلى مسخ الحياة الحزبية والسياسية كما هي ممسوخة اليوم، فاين الخلل إذن؟ من المؤسف أننا لم ننتج نخبة في مستوى النخبة الوطنية، التي قادت معركة الاستقلال، وبالأخص في مستوى أخلاقها وعزة نفسها.
 
لست معاديا للأحزاب، وأعتبرها ضرورة للديمقراطية، لكنني أشعر بكثير من الإحباط، وأظن أن غيري يشعر بما هو أشد. وعندما أقرأ للأستاذ عبد الرحمان الغندور، مثلا، فإنني أشعر بألمه. هل أضعنا العمر في النضال؟ لا، لقد قُمنا بما قَدَرْنا عليه ووجدنا في وقت من الأوقات أن الرداءة انتصرت وانتشرت وأزاحت من طريقها ما يناقضها، ومع ذلك بقينا نتحرك بـ"لعريق" الأخير دفاعا عن مبادئ في انتظار الرحيل.
 
كلام شاركته مع نفسي وارتأيت أن أنقله دون اهتمام بترتيب أو تنميق...